2012/07/04

بسام داوود: يتخلَّص المسرح مِن همومه عندما تتكرَّم عليه الحكومة
بسام داوود: يتخلَّص المسرح مِن همومه عندما تتكرَّم عليه الحكومة

آلاء عامر - بلدنا

غالباً ما تسرق أضواء التلفزيون خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، فيهجر هؤلاء خشبة المسرح، تاركينها لوحدتها.. غير أنَّ الفنان بسام داوود أعلن عدم تخلِّيه عن إدمانه المسرحي، شاهراً زواجه بالمسرح كمشروعٍ فني أكثر أصالة.. ولأنَّ داوود صاحب مشروع مسرحي متكامل، فإنه لايرفض تغيير وتبديل موقعه بين ممثل ومساعد مخرج، وفقاً لمتطلَّبات العرض، فالأهم هو الالتصاق بالجمهور، وتنوير بصيرته نحو الخطأ الذي صار يختبئ- بحسب الفنان الشاب-

وراء مخاوف ومحاذير الجهات الحكومية المُنتجة لعروضه، لذلك فإنَّ التخلُّص من هذه السطوة هو أمل المسرحيين..

بجرأة ملموسة يكشف الفنان بسام داوود بعضاً من خفايا العمل في مجال الدوبلاج والدراما والمسرح، من خلال هذا الحوار:

¶ مقارنة بفرصك المسرحية. هل ظلمك التلفزيون؟

نعم بالتأكيد..

¶ ما السبب؟

لا أعرف.. لكن أعتقد أنَّ لكلِّ فنان الفرصة المناسبة التي تنتظره.. وأنا لاأقصِّر في عملي، وليس لديَّ عداوات مع أحد.. وراضٍ تماماً عن مجموعة الأعمال التي قدَّمتها منذ بداية تخرُّجي، خاصة أنَّ بعضها ترك أثراً عند المشاهد.

¶ هل يسرق المسرح الفرص الدرامية من الممثل؟

لا.. بدليل أنني حريص على تقديم ما لايقلُّ عن عرضين مسرحيين في العام الواحد.. ومع ذلك، أتمكَّن من المشاركة في ثلاثة أعمال تلفزيونية في الوقت ذاته.. الأمر يتوقَّف على قدرة الفنان على الموازنة.

¶ لكن المسألة لاترتبط بخيارات الممثل، بل بمفاضلات المخرج الذي يفضِّل الممثل التلفزيوني على المسرحي. هل توافق على هذه المقولة؟

وهل يتابع المخرج التلفزيوني الأعمال المسرحية أصلاً، ليفرِّق بين الممثل المسرحي والتلفزيوني؟!.. لاأنكر أنه في السنوات الماضية كان مِن تقاليد بعض مخرجي التلفزيون حضور الأعمال المسرحية، إلا أنَّ هذه الظاهرة تكاد تنقرض في الأيام الأخيرة.. ولاأعرف السبب في الحقيقة، على الرغم من أنه يجدر بالمخرج أن يختار ممثّليه من خلال أدائهم على خشبة المسرح، لكن العلاقات الاجتماعية والمصالح تحلُّ مكان الموهبة في العديد من المجالات، ومنها الفن.

الممثل ليس بحاجة إلى الدفاع عن نفسه أو التعريف بموهبته، بل إنَّ أدواره المسرحية هي التي يجب أن تسوِّق له.

¶ كنتَ مساعد مخرج في عدد من العروض المسرحية. هل المسرح مشروعك.. وليس التلفزيون؟

المسرح مشروعي، وبقوّة ووضوح، فمتعة المسرح والالتصاق بالجمهور يسرقانني إلى حدِّ الإدمان.

التلفزيون جزء من مشروعي؛ كونه الأكثر انتشاراً وقدرةً على إيصال الرسالة، لكن مجموعة الأيدي التي تدخل في الطبخة التلفزيونية (رقابة، منتج، مسوق، محطة) تعيق إيصال الفكرة الأساسية من العمل، في حين أنني أكون على المسرح أكثر قدرةً على التحكُّم في مقولة العمل..

¶ على الرغم من الملامح السوداء التي تظهر على وجه المسرح السوري؟

هذه الملامح من صنع أيدينا، ونحن قادرون على التخلُّص منها عندما تتكرَّم علينا الجهات المسؤولة بقرار حقيقي يُنعش المسرح.. فحتى الآن لم يشهد المسرح السوري سوى قرارات إعلامية.

المسرح بحاجة إلى قوانين تطوِّر وتدعم العروض والفِرق القائمة، من ناحية التسويق والدعم المادي والتجهيز اللوجستي، إضافة إلى الحاجة إلى دعم الفِرق المسرحية المهمة جداً، والموجودة في المحافظات كافة، والتي غالباً ما تعدُّ في عداد المنسيّين، لأنَّ أعضاءها لايملكون الخبرة التي تمتلكها الفرق الدمشقية، وهذا لايعني أنَّ المسرح في دمشق هو النعيم!.. فحتى مسرح دار الأوبرا لايصلح لكلِّ العروض.

¶ ألا تشكو خشبة المسرح من الانسياق والاستسلام؟

في الحقيقة، مللنا نحن الفنانين من الدعوى إلى حماية الإنتاج الدرامي والمسرحي، ومن الإشارة إلى أنَّ رأس المال المنتج غير المحلي يحكمنا بالأفكار والرسائل الخارجية..

المسرح متحرِّر من سطوة الخارج؛ كونه من المفترض أن يكون مدعوماً من الحكومة، كما هو الحال في جميع الدول العربية والأجنبية، حيث تدخل ميزانية دعمه ضمن الميزانية العامة للدولة؛ ففي تونس، على سبيل المثال، تتقاسم جميع الوزارات عبء شراء 20 % من تذاكر العروض.. في حين أنَّ المسرحيين في سورية لايجدون مكاناً للتدريب على البروفات حتى..

¶ يفترض أن تكون الفنون عامة، والمسرحية بصورة خاصة، منفذ الجمهور المُحمَّل بهموم المرحلة.. غير أنَّ العروض المسرحية تتَّجه نحو معالجة قضايا مثل احتلال فلسطين والعراق بدلاً من تناول ما يحدث على الأراضي السورية.. ما السبب في رأيك؟

أول طريق للحلّ هو إدراك أننا نعاني أزمة متفشِّية في كافة جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولأنَّ الإنتاج المسرحي مرتبط بالجهات الحكومية، فهو يعاني من محاذير الجهات الحكومية نفسها.

المسرح السوري لايجب أن يكون «فشة خلق» للجمهور فقط، مثل مسرح همام حوت ودريد لحام؛ بل عليه أن يكون مكاناً لتوحيد وجهات نظر الجمهور إلى مكان الخطأ.. لسنا بحاجة إلى مسرح يفرغ شحنات غضب الجمهور، بل يصف الأخطاء التي نعاني منها.

ويفترض بالقطاع الخاص أن يتسلَّم زمام الإنتاج المسرحي، لأنه رقيب على صيرورة عمل القطاع العام.

- ما جديدك؟

وتيرة العمل متفاوتة بالعموم.. فبالإضافة إلى أعمال الدوبلاج، أحضِّر حالياً لعمل درامي مع المخرج نجدة أنزور، ولعمل مسرحي معاصر لم تتضح معالمه بعد.

- كأن الدوبلاج هو الجانب الفني الوحيد الذي لم يتأثَّر بالأزمة الراهنة؟

لاشكَّ في أنه تأثَّر من ناحية الكم؛ فالعديد من القنوات أوقفت تعاونها مع الشركات السورية، لأنها لاتسطيع ضمان تسليم العمل في الوقت المحدَّد، وتمَّ نقل بعض الأعمال إلى شركات أردنية..

- وهل ينبئ هذا ببدء منافسة أردنية على الدوبلاج؟

شركات الإنتاج الأردنية حجزت مساحة جيدة لها في هذا المجال منذ سنوات عديدة، حتى إنها سبقت الشركات السورية، غير أنَّ الأخيرة تفوَّقت على الأردنية؛ بسبب التسويق الجيد الذي تمكَّن مِن جذب رأسمال الخليج.

- ولكن، ألا يرتبط الأمر بحبِّ الجمهور العربي للهجة السورية؟

لاشكَّ في أنَّ الدراما السورية مهَّدت لنجاح الدوبلاج المحلي، لكن قوة التسويق أوحت بأنَّ الدوبلاج السوري هو الوحيد والأقوى عربياً، غير أنه عملياً ليس إنتاجاً وطنياً، بل تنفيذ محلي بأموال خارجية، وطالما كانت حصة الحكومة السورية من الإنتاج الدرامي السوري صغيرة ومضحكة مقارنة بحصة الخليجي.