2012/07/04

بعد طرد الجزيرة لخنفرها..والعربية لراشدها : «انتهى الدرس يا.. ذكي»
بعد طرد الجزيرة لخنفرها..والعربية لراشدها : «انتهى الدرس يا.. ذكي»


جوان جان - الثورة


ثمة العديد من عناوين الأعمال الأدبية والفنية تبقى في ذاكرة الإنسان مهما ابتعد زمن قراءته أو مشاهدته لها وذلك لما تحمله هذه العناوين من أبعاد تتجاوز علاقتها المباشرة العمل الذي قُدِّم باسمها إلى العديد من الأحداث التي يصادفها الإنسان في حياته .

من هذه العناوين التي كثيراً ما قد تخطر على البال هذه الأيام عنوان مسرحية قديمة للفنان المصري محمد صبحي هي “انتهى الدرس يا غبي”.. وإذا كان الغبي في تلك المسرحية شابا متخلفا عقلياً استطاع خلال فترة وجيزة من التعليم أن يتجاوز إعاقته ويصبح إنساناً سوياً وناجحاً فإن أغبياء هذا الزمان هم في الأصل شخصيات اعتبارية ذات ثقل لا يمكن إخفاؤه أو التغاضي عنه أو تجاهله.. وأما سبب هذا الغباء المتحكّم فيهم فهو أنهم لم يدركوا حتى اللحظة وبعد عشرات الأمثلة الماثلة أمام ناظريهم أنهم ليسوا أكثر من أدوات يستخدمها مالكها كي يحقق من خلالها هدفاً محدداً أو أهدافاً مرحلية لتأتي المرحلة الأخيرة وهي وضع هؤلاء في المكان المناسب لهم : سلّة المهملات .‏

وبعيداً عن لغة التعميم نذكر على الفور المثال الساطع الذي يترجم هذا الكلام على أرض الواقع ألا وهو طرد فضائية الجزيرة لمديرها المدعو وضاح خنفر بعد استنفاد الدور الذي كان يقوم به في هذه القناة وبعد ارتباط اسمه بالعديد من الفضائح مختلفة الأشكال والألوان والتي تحدثنا عنها في مقالة سابقة.. واليوم يأتي دور المدعو عبد الرحمن الراشد مدير فضائية العربية التي تناقلت بعض وسائل الإعلام ومواقع الانترنت نبأ تقديمه لاستقالته (وهو التعبير المهذّب المستخدم عادةً للإشارة إلى عملية الطرد) من إدارة القناة بعد عرض القناة لبرنامج تحدث –كما قيل- عن نشأة المملكة العربية السعودية .‏

البعض من داخل القناة نفى الخبر لكن الراشد أكّده مشيراً إلى تأجيل تنفيذه بعض الوقت.. ولكن ما يهم هنا هو أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن طرد الراشد من فضائية العربية، ففي الشهر التاسع من العام الماضي تم اتخاذ قرار بإبعاد المذكور من العربية، وقد أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية في ذلك الوقت أن الولايات المتحدة تدخلت لثني القناة عن تنفيذ هذا القرار بعد أربعة أيام من اتخاذه، وقد دافعت الصحيفة –حينذاك- بشراسة عن الراشد معتبرة إياه رجل إعلام منتصب القامة، منفتح، ناجح، صاحب رؤية تجديدية، قاد فضائية العربية –حسب تعبير الصحيفة- للوصول إلى مرحلة التماهي مع المواقف الأميركية والإسرائيلية .‏

إذاً فالرجل يتمتع بسمعة أزكى من رائحة المسك ويوزع مما يسمى بالشرف الإعلامي على كل الإعلاميين العرب، بل ويمكن أن يفيض هذا الشرف كي يطمر إعلاميي القارات الخمس، كيف لا وهو حائز على شهادة حسن سلوك من صحيفة “يديعوت أحرونوت”؟!!‏

بكل الأحوال لن تستطيع هذه الصحيفة ولا كل الإعلام الإسرائيلي والمتأسرل أن ينفعه في شيء بعدما انتهى دوره وقالوا له : “انتهى الدرس يا.. ذكي” بعد أن ارتكب خطأ اعتبروه كافياً لإقالته أو لطرده، لا فرق، ولكن لو لم تكن مدة صلاحيته قد انتهت لغفروا له خطأه مهما كان شأن هذا الخطأ عظيماً . قد يقول قائل هنا أن وسائل الإعلام العربية الرسمية من جهتها لا تتردد لحظة واحدة في طرد أكبر الشخصيات فيها فيما إذا ارتكبوا أبسط الأخطاء، ونقول : هذا الكلام صحيح لأن هذه الوسائل تتبع رسمياً لحكومات يُفتَرَض أنها ناطقة باسمها ومدافعة عن سياساتها، لكن العربية وغيرها تطرح نفسها كقنوات مستقلة غير خاضعة لوصاية أحد، وغير تابعة لأحد، بينما تشير الوقائع إلى أن العربية والجزيرة هما من أكثر وسائل الإعلام العربية تبعية وخضوعاً لإرادة الحكومات والدول التي تبث منها والتي تخضع بدورها إلى حكومات أخرى في سلسلة لا تنتهي من عمليات الخضوع .‏

عبد الرحمن الراشد لن يكون أكثر من رقم صفر على اليسار في هذه القنوات التي لا تقيم وزناً إلا لكل من يدعو إلا تخريب العالم العربي وذبح أبنائه، فإذا تحققت هذه الدعوة ربما ستشعر هذه الفضائيات أنها حققت هدفها وأوصلت رسالتها، لكنها حينذاك لن تجد باب بيت عربي يُفتَح لها لتسلّم الرسالة لأن أبناء هذا العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج سيكونون قد قضوا نحبهم بفضل نهج هذه الفضائيات وأصبحوا تحت التراب، هذا إذا أبقت هذه الفضائيات تراباً لهذه الأمة تدفن فيه قتلاها .‏