2013/05/29

بعد كشفها خفايا عملية (الوعد الصادق) (الميادين) تزلزل تلفزيونات العدوّ الإسرائيلي
بعد كشفها خفايا عملية (الوعد الصادق) (الميادين) تزلزل تلفزيونات العدوّ الإسرائيلي


سامر محمد إسماعيل – تشرين

«اليوم ستكون نجم القناة العاشرة الإسرائيلية» جملة وجهها نواف الموسوي القيادي في حزب الله للإعلامي غسان بن جدو في الحلقة التي بثتها قناة «الميادين» مساء الجمعة الماضية، حينها ابتسم بن جدو قائلاً: «لا، لا أحب، ولا أريد أن أكون نجماً على تلفزيونات «إسرائيل».

حوارية كان لابد لها من أن تنبلج بعد كشف برنامج «في الميادين» عن خفايا عملية «الوعد الصادق» التي نفذّها مقاومو حزب الله صباح الأربعاء 12 تموز 2006، واستطاعت عبرها المقاومة في جنوب لبنان قتل ثمانية جنود من جيش الاحتلال، وأسر جنديين بعد تفجير عبوة ناسفة بدبابة إسرائيلية في قرية عيتا الشعب.

بعد قرابة ست سنوات على حرب تموز التي انتصرت فيها المقاومة على «إسرائيل» بعد عدوان دام 33 يوماً، أذاعت الحلقة التي جمعت كلاً من الموسوي وعميد الأسرى المحررين سمير القنطار لأول مرة بعضاً من أسرار الإعداد والتحضير والتنفيذ لعملية خطف الجنديين الإسرائيليين التي استرد على إثرها عشرات الأسرى في السجون الإسرائيلية حريتهم، فلقد نجح بن جدو في إعداد سيناريو غاية في المهنية لتعريف المشاهد العربي بحيثيات عملية «الوعد الصادق» التي خطط لها الشهيد عماد مغنية بإشراف مباشر من السيد حسن نصر الله، وبمراقبة مستمرة لخطوات العملية التي استغرقت أكثر من ثلاثة أشهر من التحضير فائق الدقة.

ابتدأ بن جدو حلقته الاستثنائية برحلة إلى موقع تنفيذ العملية في عيتا الشعب، مصطحباً كاميرا "في الميادين" إلى عمق أراضي الجنوب، معلقاً على دهاليز الأحراش التي سلكها فدائيو حزب الله، وعن طرق الاتصال السلكية التي استخدموها في التحضير البالغ السرية لمهمتهم البطولية، أسلوب لا يبدو غريباً على بن جدو الذي قدم الكثير من هذه المكاشفات الإعلامية اللافتة على صعيد تغطية عدوان تموز على لبنان عندما كان مديراً لمكتب قناة الجزيرة القطرية آنذاك، لكن المفاجئ هو حصول «الميادين» على التسجيل الكامل لعملية «الوعد الصادق» والذي لم تعرض منه القناة اللبنانية الصاعدة بقوة في سماء البث العربي سوى أجزاءٍ يسيرة، لكن هذا كان كافياً على ما يبدو لاستنفار تلفزيونات العدوّ الإسرائيلي، حيث بادرت القناة الثانيةّ الإسرائيلية إلى فرد مساحات من بثها تعرض فيه مقتطفات من برنامج «في الميادين» مستضيفةً معلقين عسكريين وأمنيين إسرائيليين للتعليق على ما بثته قناة «الواقع كما هو».

صدمة كبيرة تلقتها أقسام الاستماع السياسي في تل أبيب بعد ساعتين فقط من بث هذا التسجيل الثمين، في حين احتفظ بن جدو بمفاجآت أخرى في حلقات لاحقة، واعداً مشاهديه بالإضاءة الشاملة على تفاصيل عملية «الوعد الصادق».

«نظامان عربيان اجتمعا على وصف ما فعلناه بأنه مغامرة، وأننا مغامرون» علق نواف الموسوي في الحلقة على ردود أفعال الأنظمة العربية بعد نجاح (الوعد الصادق) وأضاف: «امتداداتهم في لبنان اتخذت كلام «النظامين العربيين» حجةً وهوّلوا علينا بأننا حالة ستنتهي خلال أسابيع، والحمد الله، خرجنا منتصرين» وتعليقا على مشاهد عملية الأسر عام 2006: قال القيادي في حزب الله: «أريد من الشباب العربي أن يرى قدرته أمام آلة كالآلة الاسرائيلية التي صورت بأنها لا تقهر.. ولكنها قُهرت، إن تأثري نابع من حيث أين كنا وأين أصبحنا اليوم.. وأنه رغم كمية القذائف، لم نشعر بالأسى الذي نشعر به اليوم في عالمنا العربي، وإيهود باراك يقف في مرتفعات الجولان ليشاهد الدم السوري، ونفضل ألف مرة أن تكون معركتنا مع الاسرائيلي على أن تكون معاركنا داخلية».

بدوره قال سمير القنطار: «في آذار 2006 اجتمعت حكومة أولمرت وقررت فعل ما يجب فعله لتغيير الواقع السياسي في لبنان، بما يؤدي لإبعاد خطر حزب الله، وحين حدثت عملية (الوعد الصادق) تغيّر صاحب توقيت الحرب وفقدت «اسرائيل» عنصر بداية الحرب، وكان الإسرائيلي في حالة هستيريا وخرج أولمرت ليقول: إنه سيغيّر الواقع بشكل كامل وتالياً اتخذ قرار الحرب تحت تأثير الصدمة وهو قرار كان متخذاً من قبل ولم تفعل العملية إلا التعجيل في التنفيذ».

«الميادين» على ما يبدو أعادت بعد فترة قصيرة على انطلاقتها التوازن والموضوعية اللذين فقدهما الإعلام العربي على مستويات عدة، لتكون هذه القناة بمنزلة فسحة جديدة لإطلالات من زوايا نظر مختلفة، بعيدة عن الانقباض البصري والتشنجات الحوارية السياسية، ولاسيما أنها بدأت ببث أفلام وثائقية عن جرائم أمريكا في اليابان «ناغازاكي-هيروشيما» وحرب فييتنام، إضافةً لأفلام وثائقية عالية الحرفية عن حصار الأمريكيين لكوبا البلد الذي نسي العالم المتحضر أنه مازال يكتب ويغني ويلبس مما يصنع ويأكل مما يشرب رغم كل سنوات الحصار الطويلة.