2012/07/04

بين الكوميديا السياسية والنقد الاجتماعي
بين الكوميديا السياسية والنقد الاجتماعي

مصطفى علوش - تشرين

منذ سنوات طويلة والدراما السورية الناقدة توجه رسائلها للحكومات المتعاقبة وللمجتمع على حد سواء، رسائل الدراما التي استمتعنا في مشاهدتها .

كانت واضحة المعنى والدلالة، كانت تقول قولها بذاك اللباس الدرامي الممتع، ومنذ تلك الأيام كان الكتاب والمخرجون والممثلون يحلمون بالتغيير، يحلمون بأن تصل تلك الرسائل إلى أصحابها ليعملوا بها، هل تذكرون لوحات الفنان الكبير ياسر العظمة التي تحدث بها عن الفساد، كانت معظم هذه اللوحات رسائل واضحة، لكن يبدو أن الكثير من الفاسدين المستريحين اعتقدوا أنهم غير معنيين بهذه الدراما فضحكوا تماماً كما ضحك كل الناس، ضحكوا حسب قناعتهم وتسلوا بهذه الدراما الناقدة؟ ‏

في إحدى لوحات العظمة يطلب أحد المديرين الشرطة للتحقيق في إحدى السرقات التي وقعت في مؤسسته، في نهاية المشهد تترك الكلاب البوليسية كل الموظفين وتهجم على المدير العام ذاته، هل تذكرون تلك المشاهد الرائعة الفواصل (أمل مافي) التي جمعت الفنان الكبير بسام كوسا والفنان فايز قزق ، مشاهد كانت قصيرة في زمنها لكنها كبيرة جداً في مدلولاتها ومعانيها، ولكن يبدو أن الكثير من المسؤولين في حينها ضحكوا فقط من هذه المشاهد بينما كانت الغاية أن يبكوا! ‏

لوحات ياسر العظمة رافقت المواطن السوري منذ ثمانينيات القرن الماضي ، تحدثت عن هذا المواطن العادي الذي لا يمتلك أي سند أو جدار يسنده، تلك اللوحات كانت توجه رسائلها بمنتهى الود لتقول أن انتبهوا للداخل أيها المسؤولون! ‏

في إحدى اللوحات تحدث العظمة عن النكتة السياسية، ويبدو أن هذه اللوحة كانت ثقيلة في حينها على الرقابة فمنعتها، لكنها ظهرت في أكثر من فضائية لاحقاً. ‏

طبعاً كانت الرقابة الرسمية منفتحة على هذه الأعمال الناقدة منذ البداية، لذلك شاهدنا بقعة ضوء (الجزء الأول) وهو يتصدى للكثير من المشكلات والقضايا التي تهم الناس، عمل ( بقعة ضوء) تجاوز الحدود المعروفة وقفز نحو السقف ليوصل رسائله إلى كل الجهات الرسمية والاجتماعية وأذكر أننا كنا نعاني من الكتابة عنه، حتى أن بعض اللوحات كانت جريئة إلى حد أننا لم نتجرأ للكتابة عنها في الصحافة، وهنا نصل إلى مزاجيات الرقابة التي تعد إحدى المشكلات التي نعانيها في الصحافة المكتوبة! ‏

طبعاً ليست فقط الأعمال الناقدة وجهت رسائلها إلى المجتمع والمسؤولين على حد سواء إنما الأعمال الاجتماعية فـ (الانتظار) الذي كتبه نجيب نصير وحسن سامي اليوسف كان بداية مشجعة ليشاهد الكثير من الناس معاناة هذه الشرائح التي تسكن في العشوائيات، في هذا العمل كان هناك تركيز على التهميش الاجتماعي لهذه الفئات الاجتماعية . وقبل هذا العمل كان هناك (غابة الذئاب) لفؤاد حميرة الذي سلط الضوء بشجاعة نادرة على أهم المشكلات التي يمكن أن تعانيها الناس. ‏

تاريخ الدراما السورية حافل بهذه الأعمال التي حملت الكثير من الرسائل، فمسرح الشوك كان من أقدم الأعمال الفنية الذي تضمن النقد وتوجيه الرسائل. ‏

الغاية كانت أكثر من الضحك الذي يعتبر ضرورة روحية في كل الأوقات، الغاية أن يقول: هؤلاء أن انتبهوا للناس ، ولمشكلات الناس المتراكمة، غاية هذه الأعمال القول إن الحياة التي نعيشها فيها الكثير من المصائب والكوارث الاجتماعية والاقتصادية، ترى هل نسينا (ضيعة ضايعة ) هذا العمل الجريء الصاخب وهو يتحدث عن النفايات الذرية التي طمرت في قرية أم الطنافس، حيث لم يتجرأ أصحاب العمل على ترك النهاية الطبيعية بسبب قسوتها على المشاهد، فاخترعوا نهاية أخف على المشاهدين, وأقل وطأة. ‏