2012/07/04

بين مسلسلي 'اخوة التراب' و'أهل الراية2'
بين مسلسلي 'اخوة التراب' و'أهل الراية2'

كامل صقر -القدس العربي يعرض العديد من الفضائيات العربية في رمضان الحالي الجزء الثاني من المسلسل السوري 'أهل الراية' الذي أنتجته سورية الدولية للانتاج الفني وأخرجه سيف الدين سبيعي، وكان لافتاً في الحلقتين الماضيتين من هذا العمل تركيزه على إظهار حالة الود والتعايش العميقة التي كانت تجمع العرب (وتحديداً في بلاد الشام) والأتراك (العثمانيين) الذين حكموا أو احتلوا المنطقة العربية على مدى أربعة قرون. ويقرأ العديد من المتابعين في كثير من المشاهد التي حملتها الحلقات الماضية نوعاً من الدعم الدرامي للخط السياسي المتنامي في إيجابيته على طريق دمشق ـ أنقرة وبالعكس، وزيادة في تقريب الخواطر والمشاعر السورية تجاه الجارة التركية، وكان لافتاً أن العمل عرض 'هبّة' جماهيرية لدى أهل الشام في التحالف العسكري مع العثمانيين (الأتراك) بمواجهة العدو المشترك (دول الحلفاء)، وخلال مسير المتطوعين إلى معسكرهم بمدينة أورفة التركية أظهر العمل تعاطفاً واندماجاً شديدين بين الطرفين عبر حوار الشباب المتطوعين للقتال مترافقاً مع عبارة 'الله أكبر على العدا' (الأعداء)، كما قدم العمل صورا طيبة ورحيمة للضابط التركي الذي يرأس المعسكر من خلال توجيهاته لمرؤوسيه بالتعامل الطيب والودي مع المتطوعين من أهل الشام، وأهل الراية من بطولة الفنانين السوريين عباس النوري وقصي خولي. وعلى النقيض تماماً كان مسلسل 'اخوة التراب' الذي عرضه التلفزيون السوري في العام 1996 يقدم شحنات درامية مواكبة للحالة السياسية والشعبية العدائية التي حكمت فترة التسعينات من القرن الماضي بين السوريين والأتراك والخلاف المحتدم سياسياً وأمنياً ومائياً وصل شفير المواجهة العسكرية بين الجيشين السوري والتركي في العام 1998، وجاء مسلسل إخوة التراب كعمل سوري ملحمي، من إخراج السوري نجدة اسماعيل أنزور، وبطولة أيمن زيدان وزهير عبد الكريم ودارت أحداثة أثناء فترة الاحتلال العثماني للوطن العربي، وركز على ظاهرة تجنيد الشباب العربي لمحاربة الإنكليز خلال الحرب العالمية الأولى وقدم صورا قاسية لمعاناة هذا الشباب وقهره بسبب الظلم الكبير الذي لقيه على يد العثمانيين ووُلاتهم لا سيما والي الشام جمال باشا الملقب بالسفاح لدرجة أن العمل أثار اعتراضاً شديداً من تركيا آنذاك. إلى ذلك لم يقرأ الناقد سعد القاسم (مدير قناة سورية دراما الرسمية أيضاً) في مضامين أهل الراية نوع التماشي مع الحالة السياسية الحارّة القائمة بين تركيا وسورية بقدر ما هي مواكبة للمزاج الشعبي العام في سورية تجاه الأتراك الذين تولدت تجاههم مشاعر طيبة للغاية بعد المواقف والخطوات التي قدموها تجاه القضية الفلسطينية التي تشكل مؤشراً حساساً للغاية لدى السوريين وفق ما قاله سعد القاسم، مشدداً على أن موقف أي دولة أو شعب من قضية فلسطين المركزية هو البوصلة في موقف السوريين من هذه الدولة والشعب. ولفت القاسم إلى أن صناع مسلسل أهل الراية لا يمكنهم أن يتعاملوا بتجاهل مع هذا المزاج الشعبي السوري، ولدى سؤاله عن الفرق بين الحالة التي قدمها مسلسل اخوة التراب والحالة المناقضة التي يقدمها مسلسل أهل الراية الآن أشار القاسم إلى أن العداء الذي نشأ بين العرب والأتراك بعد سقوط الدولة العثمانية كان بسبب مجموعات قومية تركية متطرفة ولم يكن بإمكان 'اخوة التراب' تجاهل هذه الحالة، وفيما تغيرت المعطيات، يتابع القاسم، وعادت تركيا لثقافتها ومحيطها الحقيقي على أكثر من صعيد وبات هناك شعور لدى الأتراك والعرب بأن هناك عدوا واحدا يجب التصدي له موجودا منذ وجود الدولة العثمانية فإن مسلسل أهل الراية أخذ تلك الاعتبارات بالحسبان.