2012/07/04

تاريخ دور العرض السينمائي في سوريا
تاريخ دور العرض السينمائي في سوريا

سينما (جناق قلعة)  أنشأها العثمانيون عام 1916، والتسمية مأخوذة من اسم المعركة التي انتصر فيها الأسطول العثماني على الأسطول الإنكليزي. ويصف رشيد جلال البناء فيقول: صمم البناء من الخارج على الطراز الشرقي والأندلسي، ومن الداخل على طراز المسارح الأوروبية، وجعله المهندسون صالحاً للتمثيل المسرحي، لذلك أنشئت فيه شرفات تحيط بالمسرح على شكل حدوة حصان، وكانت أقرب شرفة إلى الشاشة لا يزيد بعدها عن خمسة أمتار، وأما الموسيقى فقد عزفت من قبل فرقة موسيقية كانت تجلس أمام الستارة. ويرى رشيد جلال أن هدف الدولة العثمانية من بناء سينما جناق قلعة هو إبعاد الناس عن الحركات السياسية عبر إلهائهم بهذا الفن الجديد. ويقول عن نهايتها: لم تدم حال سينما جناق قلعة طويلاً فقد احترقت بعد شهر من افتتاحها إذ حدث حريق عندما انقطع شريط الفيلم في أثناء العرض ووقع تحت تأثير الحرارة الشديدة المنبعثة من ضوء القوس الكهربائي ولم تكن تتوفر آنذاك أجهزة إطفاء سريعة. ولم يعد العثمانيون بناء الدار لأن اتجاهات الحرب لم تكن لصالحهم وتحررت سورية منهم عام 1918.   سينما الزهرة ظهرت عام 1918 وكانت في الجهة الشرقية من ساحة المرجة – مكان فندق سمير – الآن. أقيمت الصالة فوق المقهى الذي يحمل التسمية ذاتها، وكان الرواد يصعدون إليها على سلم خشبي، وسميت فيما بعد سينما باتيه نسبة إلى اسم آلة العرض المعروفة بطراز (باتيه). وكانت الجوقة الموسيقية تعزف أمام مدخل الصالة قبل عرض الفيلم بساعة لجذب الرواد، ثم تنتقل إلى الداخل وتجلس أمام الستارة. سينما الإصلاح خانه: أقيمت سينما الإصلاح خانة في شمال المرجة عام 1920 بعد أن لقيت عروض زهرة دمشق رواجاً لافتاً للنظر. أنشأها اليكوبوليسفتش في مكان لمبيت الفلاحين، ثم آلت ملكيتها إلى زكي أفندي، وشاركه فيها أديب كعيكاتي وشخص يدعى أبو نعيم في عام 1932، وبعد وفاة صاحبها الأول تحولت إلى مرآب للسيارات، والموقع الآن ضمن المشروع القائم في المرجة. وقد جذبت الصالة المشاهدين بعروض أفلام رعاة البقر والعصابات والأفلام الحربية وأفلام ماك سينيت وشارلي شابلن ولويد.   سينما النصر  أقيمت في سوق قديم بجانب سوق الحميدية عام 1923 وحلت محل مسرح شعبي يديره محمد الأغواني وشارك في إنشائها أديب كعيكاتي وأرمناك، وكانت أجهزتها قديمة فلم تستطع منافسة زهرة دمشق "والإصلاح خانة"، ثم انسحب الشركاء وبقي أديب الكعيكاتي، وجرى تجديدُها بأجهزة حديثة بمساعدة بهجت المصري الذي كان ميكانيكياً، ثم أصبح من رواد التصوير السينمائي في سورية. في عام 1929، شب حريق كبير في سينما النصر، ودمر الحريق الصالة، وأتى على سوق الناصري بكامله وسوق التبن ولحق الحريق قسماً من سينما زهرة دمشق ودام الحريق ثلاثة أيام واعتبر أكبر حريق شهدته دمشق بعد حريق حي سيدي عامود عام 1927 والذي حمل فيما بعد اسم حي الحريقة. وسبب حريق سينما النصر إفلات بكرة الفيلم واصطدامها بمصباح كهربائي، تولدت منه شرارة قوية أحرقت الفيلم، وامتد اللهب إلى الأفلام الموجودة على الرفوف، وكانت تصنع من مادة سريعة الاشتعال. وخرج الكعيكاتي والذي يدعى أيضاً أبا حسن الشربجي من الحادثة صفر اليدين. ولم تكن الخسارة شخصية فقط، إذ كانت الصالة تحتوي على مستودع كبير للأفلام القديمة. وربما أثر الحادث على إنشاء صالات جديدة، فقد كان يملك صاحبها صالات جنينة الأفندي وقصر البلور والهبرا وبرج الروس في باب توما والحمراء في حماة. وعمل بعد احتراق سينما النصر في إدارة صالات لمالكين آخرين، وكان آخرها سينما غازي، وقد أعلن إفلاسه وهو يدير هذه الصالة وتوفي في عام 1950.   سينما الكوز موغراف  كان لأبناء حبيب الشماس دور في إنشاء عدد من الصالات فقد تولى ابنه سليم إدارة آلات العرض في سينما زهرة دمشق وافتتح ابنه الأكبر توفيق سينما الكوز موغراف عام 1924 وسميت فيما بعد سينما أمية، وكانت تقع خلف فندق عمر الخيام وهدمت إثر تجديد العمران في منطقة البحصة. كما ساهم أبناء الشماس في إنشاء صالتي العباسية ودمشق بمشاركة أبناء قطان وحداد، وكانوا من أوائل الذين أدخلوا السينما الناطقة إلى صالات دمشق.     سينما العباسية حلت محل ملهى ليلي قرب جسر فكتوريا خلف البناء القائم الآن باسم سمير أميس، وكان البناء المكون من مقهى وملهى يطل على حديقة واسعة. وقد أعيد بناء الصالة وأقيم الفندق بجانبها وأصبحت من أرقى الصالات بدمشق، وتم تجديدها في الثمانينات وتقتصر الآن على عروض مسرحية متقطعة وتحمل الآن اسم صالة "8 آذار".   سينما عائدة  وهي من الصالات القديمة أيضاً وقد أنشئت في الثلاثينات، وجاءت تسميتها من اسم أوبرا عائدة ويقال أن كبار المغنين غنوا فيها وهم في بدايات حياتهم الفنية وتم تجديدها فيما بعد في بناء خوام وتقع بين البريد وفندق الشرق ويطلق عليها الآن أفاميا وما تزال العروض تتم فيها كصالة درجة ثالثة.   سينما سورية  أقامها بهجت المصري وكانت من صالات الدرجة الأولى، وتحولت في إحدى الفترات إلى مسرح للغناء والطرب وهدمت منذ سنوات عند تنظيم المنطقة وكشف جدران قلعة دمشق. وكان إنشاء الصالات في دمشق عرضة للمد والجزر وحسب إقبال الناس على السينما وإدبارهم عنها... وأيضاً حسب التقنيات التي تدخل عليها سواء من تجهيزات سينمائية أو تجديدات في البناء فصالات ظهرت وجددت وبقيت، وصالات اختفت وصالات أقيمت على طرز حديثة وآخرها صالتا الشام في مجمع فندق الشام ومن الصالات التي اختفت بسبب التنظيم العمراني أو عدم ملائمتها من حيث التجهيزات.. صالات راديو وسنترال في شارع رامي والرشيد الصيفي في شارع 29 أيار ورويال في أول شارع العابد مكان مقهى روضة دمشق.   صالات متنوعة مثل صالات قصر البللور والهبرا وبرج الروس في حي باب توما، وورد في بعض الكتب والمجلات أسماء صالات لا يعرف مكانها وهي جنينة الأفندي، سلوى، الصالون وفؤاد. ويذكر جورج سادول في كتاب (تاريخ السينما في العالم) الصادر في منتصف الستينات أن عدد صالات دمشق في عام 1962 كان 18 صالة، أربع منها للأفلام العربية. وأعتقد أن سادول يقصد الصالات الموجودة في المدينة وضواحيها وصالات الدرجة الأولى والثانية، ففي وسط المدينة كانت تقوم آنذاك صالات: دمشق – الدنيا – الفردوس – العباسية – الأهرام – بلقيس – أوغاريت – الأمير – الزهراء – الحمراء – السفراء – الخيام – غازي – عائدة – أمية – الشرق، وفي مخيم فلسطين صالتا الكرمل والنجوم، ولم تحدث تغييرات ذات أهمية على خريطة الصالات بسبب قرار الإبقاء على الصالات وعدم تغيير أو تبديل مهمتها، بعد أقول العصر الذهبي للسينما الذي بقي بدرجات متفاوتة حتى نهاية السبعينيات. وقد هدمت صالتا أمية وأوغاريت بسبب التنظيم العمراني، وبالمقابل ظهرت ثلاث صالات حديثة هي راميتا وأطلق عليها فيما بعد إبيلا، وتتبع اتحاد عمال دمشق وصالتا الشام وهما الصالتان الممتازتان الوحيدتان الآن. ومن حيث التصنيف تصنف أغلب الصالات ضمن فئة الدرجة الأولى ولكنها عملياً أصبحت تقدم عروضاً مستمرة كما هو حال صالات الدرجة الثالثة. وتحولت بعض الصالات إلى مسارح مثل الحمراء والعباسية، ويقوم بعضها بخدمة مزدوجة للعروض السينمائية والمسرحية مثل الخيام وإيبلا. وكان يتم تبديل أسماء الصالات عند تجديدها أو بسبب التقلبات السياسية أو تبديل الأسماء الأجنبية بأسماء عربية، فصالة الكندي ظلت تحمل منذ افتتاحها عام 1953 اسم أدونيس، وفي عهد الوحدة أطلق عليها اسم بلقيس، ثم سميت الكندي، وعرض عند افتتاحها فيلم النسر الصغير، وشهدت عرض أفلام مؤسسة السينما وفي مقدمتها أول أفلامها الروائية (سائق الشاحنة). وكانت صالة الأهرام تحمل اسم روكسي، وبيبلوس – الشرق، وأوغاريت القائمة الآن بجانب البريد حملت اسم عائدة ثم أفاميا، وديانا حملت اسم غازي ملك العراق، وإيبلا – راميتا. وأكثر الصالات تبديلاً لاسمها صالة أوغاريت التي كانت قائمة عند مدخل شارع الصالحية في موقع مبنى الاقتصاد الآن فقد أطلق عليها عند إنشائها عام 1949 اسم أمبير ثم فريال، ثم القاهرة وفي فترة الانفصال سميت الفيحاء. وأغلب الصالات القائمة الآن بنيت في أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات حيث شهدت تلك الفترة فورة بناء الصالات الكبيرة، وتلمس هذا بوضوح في صالات دمشق والزهراء والسفراء والعباسية. وحسب دليل السينما السورية الصادر عام 1997 يبلغ عدد صالات السينما 42 صالة منها 15 صالة في دمشق و 8 صالات في حلب.       عن ذاكرة السينما في سوريا