2012/07/04

تجهمنا.. فأسقطنا الكوميديا..
تجهمنا.. فأسقطنا الكوميديا..


هفاف ميهوب - الثورة

لابد لنا وكلما شاهدنا أعمالاً كوميدية قديمة ومن الدرجة القادرة على إضحاكنا حتى في أشد حالاتنا تجهماً، من أن نتساءل: لماذا لم تعد أي من الأعمال الكوميدية الحالية تضحكنا أو تثير في أحاسيسنا بارقة أمل بأن هناك ما هو قادر على دغدغة حياتنا؟!

سؤال، الإجابة عليه تجسد مقدار انحسار أعداد الفنانين البارعين في التماس مكمن الفرح لدى المشاهدين، وبما كان يؤهلهم للانتصار على التجهم والألم البشري.‏‏‏

إنها الكوميديا التي كنا نشعرها تنتصر لحساب أحاسيسنا ورغباتنا واحتياجاتنا المكبوتة فمن ينسى مقدار ما كان للأعمال الكوميدية (السورية على سبيل المثال) والتي منها (صح النوم) (حمام الهنا) (مقالب غوار) (وادي المسك) (مرايا) (دنيا).. إلخ، من قدرة على تبشير المشاهدين بأن في مضامينها وأداء فنانيها ما يرسم الابتسامة على شفاههم ويطلق النكتة على ألسنتهم ويرسخ صورة الكوميديا في ذاكرتهم على أنها دعابات لا تخلو من المادة الفكرية النقدية؟ بالتأكيد لا أحد ينسى لطالما بقيت تلك الأعمال نقشاً في ذاكرة الفرح الذي سرعان ما غادرنا بعد أن تجهمت حياتنا وأفكارنا ومعتقداتنا مثلما سيناريوهات كتّاب لم يعد حالهم بأفضل من حالنا أو حال ممثلين باتوا يجاهدون كي لا تنعكس خيبة الواقع وتجهم المشاهدين على ما يسعون لأن يقدموه ويكونوا به كوميدياً مطورين ومتألقين.‏‏‏

نقدم مثالاً على ذلك حلقات مسلسل (مرايا) التي فقدت تدريجياً رونق قدرتها على التقاط ما ينطق بهموم ومعاناة وقضايا المشاهد.‏‏‏

أيضاً (بقعة ضوء) العمل الكوميدي الذي ما أشد ما أضحكنا لنتحول وكلما أمعنا لمقارنته مع ما يتطلبه وعينا بهمومنا وحياتنا.. إلى قانطين من مبتغى الساعين لإرضائنا مثلما من جودة الأضواء الكاشفة لابتساماتنا.‏‏‏

إذاً، الأمر لا يتعلق كما يقال بكتاب الأعمال الكوميدية ولا بالهيمنة الدرامية الأمر يتعلق بقدرة النص على تمكين الفنان من استخدام براعته في اختراق أحاسيسنا وإن أضحكنا فعلى سبيل تقديم جرعاة من التوعية الهادفة وبنكهة كوميدية.‏‏‏

إن هذا ما حصل في العمل الدرامي (الخربة) الذي يبدو للباحثين عن الضحك مجرد عمل كوميدي وبامتياز أداءات أبطاله لتكون مهمته وبعين المشاهد المستبصر لحاضره وماضيه.. ما تفرضه مهمة أي عمل يهدف إلى السخرية اللاذعة والنقدية وصولاً إلى ذائقة سليمة ورؤية منطقية إذاً كوميديا (الخربة) لم تكن خالصة لوجه الإضحاك بلا بكاء كانت خالصة لوجه الكوميديا الساخرة والناقدة والواعية أضحكتنا من دون أن تخطف التجهم من حياتنا لطالما في النص ولدى الفنان والمشاهد وجع معاش حاولنا تجاوزه لنجد أنفسنا بحاجة عارمة لبكاء لا يعادله إلاحاجتنا للوعي بما آل إليه خرابنا..‏‏‏