2013/05/29

تصحيح ألوان.. أصابع محروقة..
تصحيح ألوان.. أصابع محروقة..


سامر محمد إسماعيل – تشرين

لم تتخل المخيلة السورية عن خصوصيتها في التعبير عن كل ما يحدث على امتداد البلاد، فكتّاب الدراما التلفزيونية باتوا يعرفون أنهم لا يستطيعون تجاهل ما يجري منذ أكثر من عامين،

لا يمكن الرجوع إلى مسلسلات تحت الطلب، ولا إلى صياغة دراما الوهم، ولا حتى إلى التاريخ، فالتاريخ هو المعيش، هو اللحظة، وليس تلك المسلسلات التي تحولت أخيراً من طابعها النقدي  للشخصيات التاريخية إلى طابعها الديني، حيث يفكر بعضهم بحلول تفيد فعلاً في إخراج المسلسل التلفزيوني من رطانة سيطرت على مزاجه، سواء بسبب المال الذي تحكم ومازال بموضوعات الدراما السورية، أو حتى عبر اللعب على مزاج السوق وتلبية حاجات فضائيات نفطه الجاهل.

غالباً الكتابة الدرامية أمام امتحان صعب هذه المرة، امتحان يضع في الحسبان- على الأقل حالياً- الهروب من الرقابة وتحقيق قدر أدنى من حاجات الجمهور على اختلاف مشاربه وميوله، على ألا تنسى هذه الكتابة تحقيق متعة المشاهدة اليومية، فكيف بإمكان السيناريست التلفزيوني أن يحقق هذه المعادلة؟ هل يهرب إلى الاجتماعي لأنه أصل الحكاية ومنبعها؟ هل تطل الأزمة برأسها من خلال شخصيات الواقع المتلفز؟ وما هو القالب  الدرامي المعقول لمقاربة ما يحدث؟ وهذا «الما يحدث» مازال يتدحرج ككرة نار يومياً؟ كيف تحيط الدراما فعلاً بما يجري على الأرض السورية؟ كيف تستطيع الهروب من المباشرة؟ كيف تنفذ مرةً جديدة إلى الإنساني؟ إلى الصميمي والراهن؟.

المهمة صعبة وليست سهلة على الإطلاق، فالكاتب عليه أن يهرب من كل ما هو شكلي ومؤقت، عليه عدم الانصياع لما هو في متناول اليد، بل بكتابة شخصيات لا أدوار، شخصيات قادرة على التأثير والنبش في قلوب الناس ومخيلتهم الجماعية، بل ربما على الكاتب أن يعي أن ما يقوم هذه اللحظة بتحقيقه كسيناريو ليس تاريخاً بقدر ما هو محاولة لملامسة أصابع محروقة للتوّ..أصابع الناس الذين يكتبون معه، لكن هذه المرة يكتبون حياتهم وحياة أبنائهم، يكتبون أوطانهم..أصابع الناس المحروقة قلوبهم تنتظر ما يعنيها، ما يبرّد نيرانها المضطرمة، ولاسيما حين «يفقع» جهاز التلفزيون من هول ما يعرض من مآتم وجنازات على امتداد وطن اسمه سورية..