2012/07/04

تطور أداء الممثلين اللبنانيين في المسلسلات غير المحلية
تطور أداء الممثلين اللبنانيين في المسلسلات غير المحلية

ماهر منصور - البيان

يتفق عدد من الممثلين اللبنانيين على أن مستوى أدائهم يتطور في الأعمال غير المحلية، لأن «العبرة في الإنتاج». وهو ما قاله لـ«السفير» في عدد سابق، كل من الفنانين رفيق علي أحمد وبيار داغر وجورج شلهوب. وذلك في إطار موضوع تمت الإشارة فيه أيضاً إلى أهمية «الكاستينغ» في نجاح العمل، وحسن اختيار الممثلين لأدوارهم..

وفيما تبدو حسابات «الكاستينغ» دقيقة على الأرض، على نحو ما، يكمن أن نضيف على ذلك مسألتين مهمتين تتعلقان بالنص المكتوب وبالمخرج الذي سيقدمه كصورة، فالمشهد التلفزيوني هو صوت وصورة.. وغنى كل منهما هو رهن الاثنين. فالأول يقدم الحوار والانفعالات اللازمة لأداء الممثل، والثاني يضمن تقديم أدائه التمثيلي، في كادر تصويري صحيح يوصل كامل طاقته التمثيلية الى المشاهدين.

ورغم أهمية الإنتاج في تقديم أعمال مهمة وضخمة، إلا أنه من نافل القول أن لا أعمال مهمة دون طاقة إنتاجية مهمة. وضخامة العمل ليست بالضرورة مؤشراً لأهميته، ويكفي أن نشير إلى مسلسل «ضيعة ضايعة» كان قد نفذ بطاقة إنتاجية متواضعة، قياساً الى ما يرصد للأعمال السورية عادة، ورغم ذلك تجاوز العديد من تلك الأعمال وحقق إجماعاً نقدياً وجماهيرياًَ كبيرين. ولا سيما على صعيد أداء الممثلين. كما أن فترة سبعينيات الدراما السورية والتي قدمت نجوم الدراما السورية اليوم وروادها، لنسأل عن الطاقة الإنتاجية التي كانوا يعملون بها.

لا نقلل هنا من أهمية الطاقة الإنتاجية لنجاح أي عمل، بل إن تأمين راحة الممثل والتي تبدأ من أجر مناسب إلى تقديم كأس ماء له أثناء التصوير، من شأنه أن يؤثر إيجابياً على طاقته التمثيلية. ولكن ثمة سؤالا هنا: هل تسمح المرحلة التي تمر بها الدراما اللبنانية، وهي مرحلة إعادة بناء الثقة بينها وبين الجمهور العربي والمحطات العارضة، بأن «يغامر» شخص ما أو محطة ما ليزج بأمواله في عمل درامي لبناني، يخضع لحالة جس نبض لمستواه الفني؟ ألم تثبت السينما الإيرانية نفسها، وقد نافست أعمالاً سينمائية عالمية، انطلاقاً مما اصطلح على تسميته بالسينما الفقيرة؟ الا يوجد في الدراما مقترحات فنية لا تحتاج إلى طاقة إنتاجية ضخمة يمكن أن تشكل جسراً، لاستعادة الثقة بالمنتج الدرامي اللبناني؟ ألم يكن بالإمكان للدراما اللبنانية أن تقدم عملاً شبيهاً بـ«راجل وست ستات» الذي استمر عرضه لمواسم عدة، وهو من إخراج اللبناني أسد فولادكار؟ أليست الدراما اللبنانية أقدر على تقديم أعمال سيتكوم مماثلة، وهي دراما معروفة بأنها دراما إذاعية، وهذا الشكل لا يحتاج لأكثر من «لوكيشين» واحد وعدد محدود من الممثلين؟

غياب الإمكانيات الإنتاجية الكبيرة لا يعني نهاية الدراما اللبنانية. ربما يكون سبباً لعدم ظهور الأعمال الدرامية اللبنانية الضخمة، ولكن بالتأكيد لا يشكل مبرراً للشكل الذي يظهر فيه الممثل اللبناني في الأعمال اللبنانية، وهو شكل أقل جاذبية وحضوراً لما يظهر عليه في أعمال عربية!

الحديث عن أسباب اختلاف أداء الممثل بين الدراما اللبنانية والدراما العربية، يذكرنا بحديث آخر غالباً ما يتطرق إليه عدد كبير من نجوم الدراما السورية ممن تخرجوا من المسرح وهجروه لاحقاً. فهؤلاء لا ينفكون عن التعبير عن شوقهم للمسرح ورغبتهم بالعودة إليه، وكثيراً من يتحدثون عن موت المسرح في سوريا. وحين يدعون إلى تقديم عمل مسرحي، يشترطون الملايين أجراً لهم، ثم يعتذرون لاحقاً عن العمل بحجة أن الأجر متواضع.

لا نحاجج هنا بمسألة الأجر في الحالتين (الدراما اللبنانية التلفزيونية، والمسرح السوري). فمن حق أي فنان أن يطالب بما يؤمن له حياة كريمة. ولكن رفقاً بحالة العشق الفني، التي ربما تحتاج الى قليل من التنازل والمغامرة.. والكثير من الإخلاص والحب.