2012/07/04

توزيع الأدوار في الدراما السورية شللية.. أم أحقية.. أم نمطية.. أم أشياء أخرى؟!
توزيع الأدوار في الدراما السورية شللية.. أم أحقية.. أم نمطية.. أم أشياء أخرى؟!


خلدون عليا – تشرين


يعد توزيع الأدوار على الممثلين والممثلات من أهم النقاط التي يتوقف عندها مخرج العمل الدرامي منذ لحظة استلامه للنص وحتى لحظة البدء بتصويره بعد الانتهاء من التحضيرات اللازمة للانطلاق بالتصوير والمتعلقة بتوفر الشروط الإنتاجية واستطلاع أماكن التصوير وتحضير الديكور والإكسسوارات وغيرها من التحضيرات اللازمة.

ولعل موضوع توزيع الأدوار على الفنانين والفنانات من أبرز المواضيع الإشكالية التي تسود في الوسط الدرامي السوري، وربما صار من المتعارف عليه أن بعض الأدوار تفصل على مقاس فنانين بعينهم و أن آخرين مهما تألقوا أو حققوا حضوراً لافتاً وأبرزوا مواهبهم الكبيرة في التمثيل مع امتداد لسنوات من الخبرة فإن لا يحصلوا على فرصة للتألق ونيل دور البطولة وهو ما أفضى إلى تسمية جديدة في الدراما السورية «أبطال الأدوار الثانية» وعدد كبير من هؤلاء دائماً ما يحققون نجاحات كبيرة في أدوارهم ويتركون بصمات ولمسات خاصة بهم على أدوارهم التي يؤدونها.

وبصراحة وواقعية فإن أداء الأدوار الثانية لا يعد انتقاصاً من قيمة الفنان أو تصغيراً من حضوره ولاسيما أن الدراما السورية بالمجمل تعتمد على البطولة الجماعية والحضور المتقارب بالأهمية لأغلب العاملين في مسلسل ما عدا بعض الاستثناءات من هنا أو هناك؟

ولكن هذا الجانب لا يعفي المخرجين السوريين وشركات الإنتاج من تحمل بعض المسؤولية في دعم الفنان المتألق وصاحب الخبرة والحضور وزجه في أدوار اكبر أو بعبارة أدق أدوار البطولة لأن ذلك هو نقطة مهمة لاستمرار الدراما السورية في ضخ النجوم الكبار والذين هم  من أهم مميزات هذه الدراما وانتشارها وحضورها وهذا الموضوع بالتأكيد مرتبط بعملية توزيع الأدوار فبات واضحاً أن أدواراً بعينها ومن لحظة قراءتها تطبع في ذهن المخرج أن هذا الدور لهذه الفنانة أو تلك أو لهذا الفنان أو ذاك بناء على نجاحات سابقة في أداء نمط لشخصيات معينة «طيبة، شريرة، لعوب، قاسية .. الخ»  وغيرها من الأنماط وهو ما لاحظناه خلال السنوات الأخيرة حيث رأينا عدداً لابأس به من الفنانين والفنانات وقد تنمطوا بشخصيات نجحوا في أدائها بأعمال سابقة فأصبحوا تلقائياً يُختارون لأداء شبيهتها أو من هي نفس نمطها في أعمال أخرى وهذا بحد ذاته يشكل مشكلة أخرى يمكن أن تلصق بعملية توزيع الأدوار من قبل المخرجين وشركات الإنتاج.

ومما لاشك فيه أيضا ً أن ما يمكن أن نسميه «الشللية» في عملية توزيع الأدوار أصبحت أكثر وضوحاً وصراحة خلال الفترة الأخيرة من عمر الدراما السورية حيث أصبحنا نرى أن لكل شركة إنتاج  أو مخرج عدداً من الفنانين والفنانات المحيطين به وهم دائماً ما يكونون حاضرين في أعماله وبصراحة وبمنطقية يمكن أن نعد هذا الأمر طبيعياً  وخصوصاً أن من حق أي مخرج أن يتعامل مع من يرتاح معهم وينفذون أفكاره ويمتلكون القدرة والموهبة لأداء الأدوار التي يرسمها ويبنيها المخرج في مخيلته ولكن المشكلة هي أن تبقى هذه «الشلة» مغلقة ولا تدخل إليها وجوه جديدة تملك مؤهلات من سبقها.

وبالطبع.. لا يمكننا أن ننكر أن عملية توزيع الأدوار تتبع لمدى أهمية الفنان وحضوره ونجوميته وخبرته المتراكمة وهذا أمر طبيعي لكنه لا يعني عدم وجود أخطاء واضحة في مجال توزيع الأدوار وتتجلى بالزج بأسماء لأول مرة في أدوار بطولة ربما لا يكونون محل نجاح فيها ومع ذلك تتكرر التجربة بناء على اعتبارات غير مفهومة أو غير مدروسة أو.... أو... ؟!!!!

ومن ضمن العوامل التي تتحكم أيضاً بطريقة توزيع الأدوار في الدراما السورية العامل التسويقي والجماهيري وهو أمر مهم جداً حيث نلاحظ أن أسماء معينة من الفنانين والفنانات مطلوبة من قبل المحطات و من قبل الجمهور وبالتالي من الطبيعي أن يكون لهذا العامل دوره في عملية توزيع الأدوار وبالطبع فإن الفنان المطلوب جماهيرياً وتسويقياً هو نجم أو ممثل متمكن  ويقدم أداء  يجذب الجمهور وينال الإعجاب وهذا الأداء الجيد  والموهبة الكبيرة بالطبع ستفرض نفسها فنياً أيضاً وبالتالي ستكون عاملاً حاسماً ومهماً في عملية التوزيع ماعدا بعض الاستثناءات التي يمكن أن نقول إنها حققت نجاحات أشبه بفقاعات الصابون وبالتالي غالباً مانجدها تتلاشى بعد عام أو عامين وتزول كونها ليست مبنية على موهبة أو خبرة وإنما يمكن وصفها بالنجاح الطارئ وبعبارة أدق الزائل والذي إن انعكس على عملية توزيع الأدوار فسيكون انعكاسه فترة محدودة ليزول بعد فترة.

وفي الختام نجد أن مجموعة العوامل المتحكمة بعملية توزيع الأدوار في الدراما السورية عديدة ومختلفة منها ما هو صحيح وواقعي ومهني ومنها ما هو مستند إلى معايير خاطئة تؤدي إلى النمطية أو نابعة من فكرة «شللية» خاطئة  أو غيرها من المعايير «غير المبررة لافنياً ولا درامياً ولا....ولا.... ولا...الخ ؟!

وفي النهاية فإن المعايير الخاطئة مما سبق ذكره تشكل نقطة ضعف في خاصرة الدراما السورية يجب العمل على تقويتها من خلال الاعتماد على المعايير الحقيقية والمهنية والفنية والدرامية وليس على معايير أخرى لتبقى الدراما السورية محافظة على مكانتها وحضورها المميز في صدارة الدراما العربية وتنوعها اللافت وأداء فنانيها المثير للإعجاب؟!.