2012/07/04

«جنون» إذاعي يختص بهموم الشارع... على طريقته
«جنون» إذاعي يختص بهموم الشارع... على طريقته

ماهر منصور -السفير مر عام على البرنامج الإذاعي الشبابي «كريزي» الذي تبثه إذاعة «أرابيسك» السورية الخاصة. الخبر السابق قد لا يعني شيئاً للكثيرين، لكن اللافت أن البرنامج الشبابي الذي تعده وتقدمه شابة لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها، هو من البرامج الأكثر شعبية بين سائقي سيارات التاكسي والميكرو وأوساط الشباب. يثير البرنامج الفضول لملاحقته وسماعه، ولا سيما لجهة اكتشاف سره الذي يجعل شرائح اجتماعية مختلفة تلتف حوله. والسر كما تراه الزميلة علا ملص معدة البرنامج ومقدمته في حوارها مع «السفير» يكمن «في طبيعة مواضيع البرنامج ولغته البسيطة المنتقاة من الشارع. هذا ما لمسته، على الأقل، من ردود فعل الناس على البرنامج التي غالباً ما يختصرونها بالقول إني وضعت يدي على الوجع». الوجع هنا هو تناول الهم اليومي كارتفاع الأسعار وغيرها بطريقة ساخرة، وربما هو هم شبابي صرف كموضوع الامتحانات التي تناولها البرنامج، وصراع الأجيال، وتناقض المفاهيم بين الآباء والأمهات. وربما هو مصطلح شعبي خالص، يلقى رواجه بين الناس ولكن أيا منهم لا يتوقع أن يكون موضوعاً لبرنامج إذاعي مثل مصطلح «طق البراغي»، وأن يأتي بلغتهم المحكية البسيطة. تدلل علا على شعبية برنامجها وحرصها على إيصاله إلى أكبر عدد ممكن من الناس بالقول ضاحكة: «في حلقة النقاش الأسبوعية غالباً ما أتلقى اتصالاً من سائق تاكسي أو أكثر، وعنــدما لا يأتيني اتصال من أحد منهم، أقول إنه بلا شك ثمة مشكلة ما في موضوع الحلقة وعلي أن أعيد النظر فيها». إذا ما اعتبرنا أن أهم ما في البرنامج الإذاعي «كريزي» لغته ومواضيعه، فعلى مستوى ثالث تبدو خصوصية تماهي البرنامج مع عنوانه ومع روح القائمين عليه، ولذلك لا تكف الزميلة علا عن القول إنه «كان على الجميع أن يستوعب جنوني ليخرج المشروع إلى النور». الفكرة الأساسية للبرنامج ولدت على صفحات مجلة «شبابلك» (أول مجلة سورية شبابية يرأس تحريرها شاب ويحررها شباب) ولم تزل الصفحة تصدر ضمن المجلة الشهرية حتى الآن. تشرح ملص: «مواضيع هذه الصفحة مستقاة من قلب الشارع السوري الشبابي، وبمفردات عامية وشعبية». تتذكر علا الانتقادات التي واجهتها وإدارة المجلة لجهة اتهامها بتكريس اللغة العامية ولكنها «مجرد صفحة في مجلة ولدي وجهة نظر تقول إنه من حق الشباب غير المتعلم في الشارع أن نتوجه إليه، ومن حق الأشياء التي تحدث في الطريق أن لا تتأطر بكلمات قد تخفي شيئاً من حقيقتها وحرارتها. ومن هنا كان اسم الصفحة «كريزي»». وكيف تحول البرنامج من الصحافة المكتوبة إلى برنامج إذاعي مسموع؟ تقول علا: «طبيعة الصفحة تعتمد على الحوارات لذلك كان من السهولة بمكان أن تتحول إلى مسلسل إذاعي، تلك كانت رغبتي وقد لاقتها رغبة إذاعة «أرابيسك»، فكان المشروع، إذ عمدت على التركيز على الحوارات أكثر في البرنامج وتوسيعها وأضافة المؤثرات لها». إضافة إلى الفارق في أسلوب الإعداد، تشرح علا الفارق بين «كريزي» المكتوبة و«كريزي» المسموعة، «فتح البرنامج الإذاعي لي باب التواصل مع الناس والشباب والصبايا أكثر، في المجلة أرصد ردود فعل الناس عبر البريد الالكتروني، ولكن ردودهم في الإذاعة تأتيني مباشرة ولا سيما أننا خصصنا ساعة أسبوعية لمناقشة موضوع الحلقة التي تبث على مدار الأسبوع لمدة خمس إلى سبع دقائق وبمعدل خمس مرات يومياً». لا تكتفي علا بإعداد الحلقة، بل تقوم بتقديمها إلى جانب مجموعة من الأصوات الأخرى، هنا يظهر فارق آخر عن «كريزي المكتوبة»، إذ أن لا عدد محددا للأصوات التي تحتاجها في كل حلقة، مشيرة إلى أنها تجمع المؤدين معها بطريقة «الكفو» وهو مصطلح شبـــابي بمـــعنى طلب المساعدة بإثارة النخوة والهمم: «من يعمل قهوة في الإذاعة يترك ما بين يديه ويـــأتي ليضع صوته، أحيانا نستنـــجد بفتاة من العلاقات العامة في الإذاعة، وأحــيانا صديقة لي. والكل يقبل بوضع صوته معنا». بدأ «الجنون» بصفحة مكتوبة، ثم انتقل في خطـــوة ثانية إلى الإذاعة، و»ربمــا تصير عملاً تلفزيونياً في وقت لاحق...» كما تؤكد ملص.