2013/06/21

حكايا دمغت الأرض بالدّموع ...«قيامة البنادق» تاريخ يفصح عن جرح الأرض وبلسمها
حكايا دمغت الأرض بالدّموع ...«قيامة البنادق» تاريخ يفصح عن جرح الأرض وبلسمها


وسام حمود – الوطن السورية


وضع المخرج عمار رضوان لمساته الأخيرة على عمله قيامة البنادق، وهو من تأليف الكاتب محمد النابلسي، وإنتاج مركز بيروت الدولي للإنتاج والتوزيع الفني، العمل يتميز بتنوع كادره الفني الذي اعتمد على مجموعة من الممثلين اللبنانيين والسوريين، الذين أبدعوا وبتقنية عالية في تجسيد شخصيات وطنية سطرت ملحمة من النضال. قيامة البنادق دراما تاريخيّة يتحدث عن مرحلة انتهاء الاحتلال التّركي وبداية الانتدابين الفرنسي والبريطاني، يعتمد في أحداثه وشخصيّاته على وقائع حقيقيّة متضمّناً خطوطا دراميّة افتراضية لضرورات البناء الدّرامي والتّشويق، ومكان الأحداث هو قرية المالكيّة وانطلاقا منها إلى فلسطين والجولان ودمشق وبيروت وصولا إلى الأردن، بحيث يتّخذ من تلك الحقبة نقطة ارتكاز، تتمحور حولها بقيّة الأحداث للارتباط الجوهريّ فيما بينهما.

المخرج عمار رضوان أوضح أن أبرز خطوط المسلسل بداية انهيار الإمبراطورية العثمانيّة بمساعدة الثّوّار العرب الذين استغلّهم كلّ من بريطانيا وفرنسا لتحقيق أطماعهما في البلاد العربيّة، وما واكب ذلك من تداعيات على لبنان والمنطقة حتّى اندحار الجيوش العثمانيّة ورموزها ليحلّ محلّها، وبروز المخطط الإسرائيلي حيال فلسطين وبداية تكون نواة المستوطنات ودور الاستعمارين الفرنسي والانكليزي في هذا الصعيد...

حول اختيار المخرج عمار رضوان لهذا العمل أكد أنه كان مصادفة، فقد عرض عليه العمل منذ ثلاثة أعوام، وحدثت تغييرات معينة، ليتم الاتفاق عليه في هذه الفترة، وحول امكانية بعد المشاهد عن الأعمال التي تحدث عن الحقبات التاريخية، وانتظاره لعمل يحاكي مع يحدث في الوطن العربي أوضح رضوان، لأننا بحاجة للحديث بشكل مباشر، وما يجري في سورية مثلا يحتاج ليقول للأعور أعور بعينك، وما يجري الآن لا يمكن أن تسقطي عليه أي عمل، وحول تأثر الدراما السورية بما يجري على الأرض يرى المخرج عمار رضوان أن الدراما تأثرت بالواقع الأمني بشكل كبير وملحوظ، ومن يعمل في هذا الوقت في سورية هو كالمنتحر، والفن يحتاج إلى مزاج عال غير متوافر في سورية حاليا لأن من يعمل في هذه الظروف سيتأثر عمله بمزاجه وأدائه..

وحول الصعوبات التي واجهته خلال العمل أكد رضوان أنه لم يشعر بالغربة في لبنان، ولكن ما فاجأه التقسيم الجغرافي الذي يمنع لبنان من أن يكون حرا لوجود تقسيم سياسي متمنيا لو كان لديه خيار التصوير في لبنان من شماله لجنوبه ولكن ما منعه هو ضيق الحال السياسي..

واصفا تجربته مع الممثلين اللبنانيين بالمطواعة، أكثر من السوريين، لأن الكادر اللبناني لديه قابلية التعلم أكثر من السوري، والسوري باتت لديه خبرة كبيرة في هذا المجال، وكشف رضوان أن لديه قادماً من الأعمال، متمنيا أن تنتهي الأزمة في سورية ليخرج أعماله فيها..

الممثل اللبناني أحمد الزين تحدث بحب كبير عن تجربته مع الممثلين السوريين، والدراما السورية التي بدأ معها منذ العام 1975، بعمل (قمر نيسان) للمخرج الراحل هاني الروماني، ومسرحياته التي شارك فيها من خلال مهرجان المحبة، مؤكدا أن جمهوره في سورية، وأن تجربته مع الفنانين السوريين أضافت بعدا فنيا وأخلاقيا مضيفا، تعلمت من الدراما السورية ما لم أتعلمه في حياتي من حيث الاحترام ونوعية الأعمال، ففي سورية والدراما السورية وحدة وطنية وحالة حب بين شعب واحد كرسها العمل الدرامي (ليس سرابا) والذي يعتبر خطوة نحو الانفتاح في الدراما، وعن تجربته مع المخرج عمار رضوان، أوضح أنها ليست الأولى، فقد حاز معه جائزة من خلال حلقة في العمل الدرامي (سيرة الحب) مع الممثلة ديمة بياعة، وأشاد الفنان أحمد الزين بإبداع المخرج عمار رضوان معتبرا أنه مكسب كبير للدراما اللبنانية، وخصوصا «قيامة البنادق» الذي عاد لأبطال ظلمهم التاريخ وسماهم قطاع طرق في حين هم مقاومون، وعمار رضوان قدم قيامة البنادق برؤية سينمائية وبشفافية عالية، مضيفا أنه فخور جدا بدوره في العمل من خلال محور الشر الذي يريد من خلاله أن يقول أنا قادر على أداء أدوار كثيرة..

الممثلة اللبنانية إيلسا زغيب، التي تؤدي دور سعاد المناضلة التي تقف إلى جانب الثوار وتقاتل معهم تؤكد أن للمرأة دوراً قديماً منذ الأزل في مساعدة الثوار ومساندتهم، وتحارب معهم في وجه الظلم والاحتلال، ومن الجميل أن تتحدث الدراما عن هذه المرحلة المهمة من التاريخ، إيلسا ترى أن مرحلة الثورات التي شهدها الوطن العربي تحتاج لوقت طويل كي تطرح عبر الشاشات العربية ولكن يجب الابتعاد عن الطائفية كي لا يتم الاختلاف بطرحها وتضيع الحقيقة...

الممثلة اللبنانية بولين حداد والتي تلعب دور عليا التي تنحدر من أسرة ثائرة ترى أن دور المرأة لا يقتصر فقط على عملها كربة منزل، فلقد ناضلت مع الرجل جنبا إلى جنب في كافة مراحل الاحتلال التي مرت على الوطن العربي، وتصف الأعمال التي تؤرخ النضال الوطني بالخطوة المهمة كي لا ينسى الجمهور العربي رجالا ساهموا في خلاص البلاد العربية من براثن الاحتلال، وخاصة أن التاريخ الآن يعيد نفسه ونعيش ذات الدوامة، وذات الحروب، والغرب يلعب بنا حسب أهوائه، وترى أن التعاون الفني مع كادر العمل السوري، جميل جدا، لأنا وجدنا فائدة كبيرة من التعامل مع الكادر السوري لأنه يسبقنا كثيراً في مجال الدراما، كما أنه قربنا من بعضنا البعض، فكنا كأسرة واحدة.. الشخصيات الاقتصادية، والاجتماعية وأحيانا الدينية.

ظلال الجابي مصممة الأزياء في «قيامة البنادق»، ترى أن الأعمال التاريخية التي تعتمد على البيئة بشكل رئيس، تكون القاعدة الأهم، حيث توثيق الزمن هو لباس رجال الجيش، ورجال الدين، أما بالنسبة للعامة فهناك قواعد تشمل بلاد الشام بشكل عام مع بعض الاختلافات البسيطة، التي تخص شكل غطاء الرأس، الزنار، وشكل الحجاب، وكثافة التطريز أو عدمه بالنسبة للألبسة الرجالية، وبعض الألوان، فكلما كانت المنطقة غنية بصريا تكون الأزياء أقل تفاصيلاً ورسوماً، لأن العين مشبعة بصريا، وهذا ينطبق على منطقة جنوب لبنان التي تتمتع بطبيعة خلابة.

المشرف العام لمركز بيروت الدولي للانتاج الفني والتوزيع السيد بلال زعرور، يرى أن «قيامة البنادق» حقبة تاريخية مهمة ستقدم للجمهور في رمضان، وهي قصة حقيقية وواقع شخصيات عاشوا في عالمنا، وأن مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني والتوزيع يعمل بشكل دائم في سورية والتجربة مع الكادر السوري ليست الأولى فقد كان هناك مشاركة في مسلسل «الغالبون» بجزأيه الأول والثاني، مشيدا بالمخرجين السوريين وخبرتهم العالية في التصوير الخارجي، وبالتقنية التي يعملون بها.. كما أوضح أن مركز بيروت له مشاركة إنتاجية أيضاً هذا العام مع شركة قبنض من خلال الجزء الثاني لمسلسل زمن البرغوث..

وتمنى بلال زعرو عودة الأمن والأمان لسورية بلد المقاومة، معتبرا أن سورية قلب الأمة العربية، وهي شريان حيوي للبنان وعلى أمل إجراء عملية قلب مفتوح....

يذكر أن «قيامة البنادق» بطولة: عمار شلق، باسم مغنية، بيير داغر، ديامو عبود، أحمد الزين، ونسرين الحكيم، إضافة إلى نخبة من النجوم اللبنانيين..