2012/07/04

خالد حيدر « يوميات مدير عام » تجـربة مفصلية في حياتي الفنية
خالد حيدر « يوميات مدير عام » تجـربة مفصلية في حياتي الفنية


روزالين الجندي - البعث

شكلت الدماء الدرامية الشابة رافداً مهماً انعكس على الدراما السورية في أغلب الأحيان بالتجديد سواء على صعيد التمثيل، أم الكتابة، أو الإخراج، حيث خاضت هذه الوجوه تجاربها للمرة الأولى ضمن منظور خاص بها أحياناً، وأحياناً أخرى متأثرة بمن سبقها في المجال الدرامي، وبغض النظر عن الصعوبات التي تعترضها في تجربتها الأولى، إلاّ أن التحدي الأكبر الذي يواجهها عندما تقوم باستكمال مشروع كان غيرها قد خط فيه بصمته الأولى.

خالد حيدر أحد هذه الوجوه الشابة حيث كان له هذا العام تجربة كتابة الجزء الثاني من «يوميات مدير عام» بعد مضي قرابة أربعة عشر عاماً على جزئه الأول فكيف استطاع القيام بهذه المغامرة إن صح التعبير، خاصة أنها التجربة الكتابية الأولى له.

> > «إن كتابة نص يوميات مدير عام 2» مرحلة مفصلية في حياتي الفنية والمهنية، فالتجربة كانت مقلقة لي كونها أول تجربة كتابية لعمل طويل يحمل اسمي كمؤلف، وثانياً كون العمل كان بمثابة القنبلة الفنية عندما عرض بجزئه الأول منذ حوالى 15 سنة، حيث يعتبر هذا العمل من «كلاسيكيات الدراما السورية»، فعندما بدأنا مشروع الجزء الثاني يقول (حيدر) لم يكن هدفنا بناء نجاح على نجاح، أو الاتكاء على نجاح الجزء الأول، وباستفاضة أكثر فإنني لا أعتبر إرفاق عبارة جزء ثان بهذه الدقة لأننا لو أخذنا بعين الاعتبار الزمن، والمرحلة التي عرض فيها الجزء الأول من «يوميات مدير عام» فإننا نجد أنفسنا أمام مقارنة خاطئة لأننا هنا نقارن حقبتين زمنيتين لا تتقاطعان لا على الصعيد الاقتصادي، أو التكنولوجي، ولا الاجتماعي، ولا حتى أيضاً على صعيد الشكل الفني، أو البصري، وأساليب صناعة المشهد وأدواته.

ولكن عملاً كيوميات مدير عام ويوكل أمر كتابته لكاتب شاب، أمر يستحق التوقف عنده «كان محض صدفة جمعتني بالفنان الكبير أيمن زيدان عندما عرض علي هذا المشروع، وأنا الذي ليس لديه أكثر من بضع لوحات سابقة في بقعة ضوء، لكن بالنتيجة لا يمكن لأحد أن يرفض هذه الفرصة والثقة التي حمّلني إياها الفنان أيمن زيدان».

> يوميات مدير عام يعتمد على شخصية أساسية هي محور العمل ومحرك الأحداث، فما هي إيجابيات وسلبيات التعامل مع عمل بطله شخص واحد .

> > وجود بطل وحيد مثل الفنان أيمن زيدان أمر غير مقلق بل على العكس، هو حالة مطمئنة وخاصة بالنسبة للكاتب الذي يشعر حينها أن نصه بأيد أمينة .. أيمن زيدان بحد ذاته (سكوب) ولو أردت التفصيل أكثر ففي يوميات مدير عام كان هناك بطل واضح هو أحمد عبد الحق، المدير العام ولكن كان هناك في كل مشهد بطل للمشهد أو بطل اللحظة التي قد تكون شخصية ثانوية من حيث عدد المشاهد.

> ولكن كيف تم الاشتغال على شخصية أيمن زيدان وتطويرها في هذا الجزء?.

> >أحمد عبد الحق هو طبيب بالأصل، أي أن الشخصية يغزوها الطابع الإنساني، وهذا ما كان غائباً نوعاً ما في الجزء الأول حيث كانت أكثر حدة، وقسوة في النسخة الأولى من العمل.. وعلى صعيد آخر وفيما يخص التنكر فقد كان على خلاف الجزء الأول أيضاً، حيث أنَّ تنكر المدير العام في الجزء الثاني كان على المكشوف منذ البداية، خاصة أن الجزء الأول اختتم بأن الموظفين قد اكتشفوا أن مديرهم كان يتنكّر ويتجوّل بين المكاتب، الأمر الذي جعل حبكة الجزء الثاني من العمل أكثر صعوبة وكانت أشبه بلعبة القط والفأر على وجه التقريب.

صعوبات وقيود

يلعب النص الدرامي في علاقته مع كاتبه لعبة الماء في مجرى مياه نهري مرة تواجهه منعطفات صعبة، ومرة أخرى يسير بشكل سلس، وأكثر ما تتجلى المنعطفات الصعبة عندما يكون العمل قد نفذ بجزء سابق من قبل كاتب آخر فكيف ينظر خالد حيدر لهذه النقطة وهو الذي عاش التجربة ذاتها في يوميات مدير عام، «هي ليست صعوبات بقدر ما هي تفرض بعض القيود والحواجز لأن أي جزء ثان لعمل متصل يعتبر استمرارية وهذا يفرض بعض الشروط .. الكاتب يفضّل أن يكون حراً وأن يشعر بأن الملعب ملكه وأن يدحرج قلمه كيفما ارتأى وشاء دون قيد أو شرط».

> هل من تعديلات تمت على النص من قبل المخرج زهير قنوع، وكيف اشتغلتم على توحيد الرؤية للعمل على صعيد الشكل والمضمون؟.

> > على صعيد الفكرة العامة والخطوط الرئيسية للعمل والشخصيات لم يتم أي تعديل وهنا أحترم بزهير قنوع أمانته للعمل.. لكن هذا لا ينفي أنه كان هناك ما يسمى بتعديل جملة، أو حوار لشخصية ما ببعض الأحيان.. ومن دون شك طبيعة المكان وإحداثياته تفرض نفسها عندما يتحول الموضوع إلى أرض الواقع، وأيضاً اسلوب الممثل الذي يؤدي الشخصية فلكل ممثل طريقته الخاصة في الأداء والتعاطي مع الشخصية التي يلعبها فلا ضير أن يعدّل جملة أو يرتجل أخرى.. وفي النهاية الكاتب لا يحترم المخرج الذي لا يضيف للعمل.

ترددت في تجربة التمثيل ؟!

أيضاً وبعيداً عن الكتابة كان لخالد حيدر هذا العام تجربة هي الأولى على صعيد التمثيل في العمل الكوميدي «أيام الدراسة» مع المخرج إياد نحاس، في دور محجوب هذه الشخصية التي تبدو في أحيان بسيطة وأقرب للسذاجة وفي أحيان أخرى تتخابث وتصنع المقالب، «كنت متردداً في خوض تجربة التمثيل لكن الحماس الذي كان مرتسماً على وجوه طاقم العمل شجعني، وخاصة أن فريق العمل هم شباب مثلي يقاربونني سناً وتفكيراً .. أحببت شخصية محجوب الذي رأيت فيه ذلك الشاب البسيط إلى حد بعيد والحامل في داخله كماً كبيراً من المخزون الإنساني، يكشف مرض زميلته في الصف بالسرطان».

أعادتنا التجربة للوراء إذ يضيف حيدر إلى أيام دراستنا في المرحلة الثانوية، حيث إن الكركترات التي كانت موجودة في العمل من طلاب لا بد أن تكون قد صادفت أياً منا أثناء مراحل دراسته.. وآخر ما زاد إيماني بالتجربة هو الجماهيرية التي حصدها العمل بعد عرضه..

> كم للارتجال مساحة في عمل كهذا ؟

> > ما يقارب 95 بالمئة، من شخصية محجوب كان معتمداً على الارتجال إن كان على صعيد الحوار أو على صعيد صناعة المشهد الخاص بالشخصية وهي مجازفة طبعاً، حيث إني لعبت شخصية محجوب بشكل مغاير تماماً عما كانت عليه على الورق، ولا أنكر أن الحالة كانت مقلقة بالنسبة لي في البداية، كونها تجربتي الأولى في التمثيل لكن ثقة المخرج إياد نحاس بي دعمت ثقتي بنفسي وبأدائي لشخصية محجوب على الشكل الذي ظهرت فيه للمشاهد..

> شريحة طلاب المرحلة الثانوية تم تناولها في عمل سابق هو «أشواك ناعمة»، ما الجديد الذي أضافه «أيام الدراسة» على هذا الصعيد؟

> > من وجهة نظري ومع احترامي الشديد للتجربة المميزة التي قدمتها كل من رانيا بيطار ورشا شربتجي في هذا العمل، إلاّ أن أيام الدراسة في هذا العمل يبتعد كثيراً عن سابقه إذ يتقاطعان فقط في مسألة تسليط الضوء على شريحة طلاب الثانوية، أما على صعيد الاطروحات والخطوط الدرامية التي يطرحها العمل ومشاكل الطلاب فهي مختلفة كلياً.. فأكثر ما ميز «أيام الدراسة» هي فكرة الوجوه الشابة الجديدة التي كانت واضحة في العمل وأحبها الناس .. ففي النهاية الأفكار في حياتنا تُعدُّ على الأصابع لكن يكمن الفرق في كيفية طرحنا ومعالجتنا لها مع صبغها بلغة اللحظة ومتطلبات المرحلة.