2013/05/29

د.تامر العربيد :سنجد الكثير من انعكاسات الأزمة على خشبة مسرحنا
د.تامر العربيد :سنجد الكثير من انعكاسات الأزمة على خشبة مسرحنا


ملده شويكاني – البعث ميديا

اختزل المسرح من خلال خشبته الصغيرة كلّ ما يدور في الياة، فلامس بشفافية مطلقة الإشكاليات الكبرى التي يعيشها الإنسان في كلّ زمان ومكان، وقد قال أرسطو: "حوادث الحياة هي أهم ما في التأليف المسرحي" واليوم وبذكرى اليوم العالمي للمسرح التقت البعث مع د. تامر العربيد الأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية، والذي قدم الكثير من العروض التي أثّرت المسرح السوري بغناها الفكري والفني، ومن أشهرها "السمرمر- العين والمخرز- بياع الفرجة – شبابيك وأسرار" وكان آخرها "كلاكيت" الذي بحث بعمق الوجع الإنساني من خلال حوار بين رجل وامرأة عبْر حكاية بسيطة طرحت أسئلة كبرى حول ما يحدث، وحول مدى أحقية تجاوز الإنسان القوانين لتحقيق حاجاته الأساسية، وسألته عن أهمية المسرح في حياتنا؟ فأجاب: لُقب المسرح بـ (أبو الفنون) لأنه فنّ الحياة،

وله سحره الخاص وموسيقاه التي تدخل القلوب دون استئذان، ونعيش مع خشبته مساحة كبيرة من البوح، ليغدو الصدق عنواناً لحياة نحب أن نحياها ونسعى كمسرحيين لجعل الحياة جميلة تستحق أن تعاش، وفي هذا اليوم الذي يصادف 27-3 يحتفل المسرحيون في كل العالم بذكرى المسرح، وأرى أنه مناسبة للحديث عن أهمية المسرح ودوره في حياتنا كفنّ إنساني يعكس صورة صادقة عن أحلام البشر وهمومهم، عبْر مساحة كبيرة من الحرية التي تجعل الإبداع الصوت الأقوى، وتمّ اختيار هذا التاريخ أثناء الدورة التاسعة للمؤتمر العالمي المسرحي  عام 1961 بناء على توصية من المسرحي الفلندي "آرثي كيفما" لإحداث يوم عالمي للمسرح، ويصادف أيضاً افتتاح موسم عروض مسرح الأمم في باريس، الذي كان يُطلق عليه اسم "سارة برنار" الممثلة الفرنسية الشهيرة، وفي هذا اليوم ينتظر كلّ المسرحيين الكلمة العالمية للمسرح التي يلقيها أحد المسرحيين أو المهتمين بالشأن المسرحي ممن أثروا الحياة المسرحية، وكان لهم دور في تطوير ثقافة بلدهم والثقافة المسرحية عامة على مستوى العالم، يتم تكليفهم من قبل المعهد الدولي للمسرح، وأول من ألقى كلمة المسرح عام 1962 كان المسرحي الفرنسي جاك إكتور ثم توالت أسماء لامعة مثل أرتون –بيتربرو-فتحية العسال –سعد الله ونوس- سلطان القاسمي –هيلينا فايكل- وكان أول العرب سعد الله ونوس الذي ألقى كلمة هامة عام  1996 قال فيها: "نحن محكومون بالأمل وما يحدث اليوم لايمكن أن يكون نهاية التاريخ"، ودعا فيها إلى الحوار من خلال المسرح، والحوار هو المطلوب اليوم لخلق حياة إنسانية متجانسة، وفي هذا العام ألقى الكلمة الكاتب الإيطالي المسرحي داريو فو دعا فيها إلى الاهتمام بالمسرح والعاملين فيه، وركز على دور العامل الاقتصادي الذي أدى إلى تراجع المسرح، ومما قاله: "اليوم يواجه الممثلون وجماعات المسرح الصعوبات في العثور على المسارح العامة، ودور العرض وحتى المشاهدين، كلّ ذلك بسبب الانهيار الاقتصادي، كما تطرق إلى معاناة العاملين في المسرح منذ العصور القديمة وصولاً إلى يومنا هذا، وكيف كانوا مهملين من قبل المسؤولين (الجهات الوصائية)لأنهم وجدوا أن المسرح فنّ خطير أحياناً، كونه يعتمد على الحرية والجرأة بطرح القضايا كما هي دون مواربة، إضافة إلى ذلك دعا إلى الاهتمام بالمسرحيين الشباب، ووجه تحية لصنّاع المسرح، وأن يعمل الجميع على خلق تشخيص مسرحي جديد ومتألق.

وفي منحى آخر تابع د.العربيد الحديث عن ضرورة وجود المسرح في حياتنا الثقافية والاجتماعية والإنسانية، فأضاف: المسرح يحتاج إلى الكثير من الاهتمام لأنه يعكس المشهد الثقافي عامةً كونه يجمع كل الفنون، فالدول المتطورة بالمسرح نجدها متطورة بالفن التشكيلي وبالموسيقا وبالكتابة والإخراج والتمثيل، أي بخلاصة التجربة الثقافية ككل، ولاشك أن ما تعيشه سورية الآن يفرض انعكاسه على المسرح لأن دوره لايقتصر على الدور التثقيفي، ورفع الذائقة الفنية لدى الجمهور، وإنما له دور تنويري، وهذا يذكرنا بتاريخ (أبو الخليل القباني) الذي طرح مشروعاً تنويرياً من خلال المسرح وأخذ على عاتقه تأسيس مسرح سوري يقوم بدوره الفعّال.

ومن المعروف أن المسرح السوري حقق نجاحات كبيرة لأنه قدم عروضاً جادةً وهادفة، وامتلك مقومات أهلته ليشغل مكاناً على الخارطة المسرحية العربية، إذ قال العربيد: حفل المسرح السوري بكثير من المقومات التي جعلت منه مساحة كبيرة تؤدي دورها في عملية البناء والتطوير، وطرح قضايا قد تبدو صعبة في أماكن أخرى، لكنها متداولة على خشبة المسرح، فلدينا الكاتب الجيد والمخرج والفني والممثل، وقد رفده المعهد العالي للفنون المسرحية بطاقات جيدة، فأصبح المسرح السوري علامة فارقة على جدارية المسرح العربي، لكنه يعاني من صعوبات تتعلق بآليات إنتاجه، وبتقديم نفسه من حيث المكان والإعلان، ولابدّ من دعم المسرح الذي يطرح قضايا الوطن والإنسان.

ويقوم د. العربيد حالياً بإعداد برنامج يُعرض على الفضائية السورية يهدف إلى نشر الثقافة المسرحية  والتواصل المباشر مع الناس، وإلغاء المسافات من خلال عرض بانوراما تتعلق بكتّاب المسرح ومخرجيه وممثليه ابتداء من الأوائل (أبو الخليل القباني –فواز الساجر-سعد الله ونوس –أسعد فضة – د.شريف شاكر إلى تجربة عدنان بركات- يوسف حنا– مها الصالح– وصولاً إلى فايز قزق– جهاد سعد- تامر العربيد- غسان مسعود– نضال سيجري– عبد المنعم عمايري. وعن جديده تحدث العربيد: هناك مشروع احتفالية بمرور مئة وعشر سنوات على وفاة مؤسس المسرح السوري (أبو الخليل القباني) من المقرر أن يحدد في الشهر الخامس تتبناه وزارة الثقافة- مديرية المسارح والموسيقا، وفي ضوء الأزمة الحالية التي نعيشها سنجد الكثير من انعكاساتها، التي سيجسدها المسرح وبالتأكيد سأطرح ملامحها من خلال مساري الفني .