2013/05/29

دريد لحام مذنب أم ضحية؟
دريد لحام مذنب أم ضحية؟


شيماء صافي – إيلاف

مرة جديدة يعود الفنان السوري دريد لحام ليتصدر عناوين الأخبار بعد أن نسبت اليه تصريحات يهدد فيها بالتخلي عن الجنسية السورية في حال سقط نظام بشار الأسد، وليحبك مؤلفو هذه الرواية قصتهم إدعو بأنه صرح بها لتلفزيون المنار التابع لحزب الله اللبناني دون أن يكون هناك رابط أو دليل على أنها حدثت فعلاً.

صار التلفيق سهلاً ولا يحتاج الى مجهود في الحبكة والإقناع، فمقولة جوزيف غوبلز، وزير الدعاية في عهد هتلر وألمانيا النازية، ورائد الحرب النفسية: "أكذب، ثم أكذب، ثم أكذب حتى يصدقك الناس... وحتى تصدق نفسك!" صارت شعاراً للجميع والوسيلة الأكثر رواجاً في هذه المرحلة، الكل يكذب والكل يصدق كذبه.

ورغم سهولة نشر الأكاذيب من قبل ملفقها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لتتناقلها المواقع الإخبارية المغمورة على طريقة النسخ واللصق، حتى تصبح حقيقة مصدقة من كثر تردادها، فتجد لها منفذاً لبعض المواقع المحترمة، ويصبح النفي صعباً جداً حتى وإن كنت تستخدم ذات الوسائل في التكذيب، وتضيع الحقيقة في المنتصف.

يتخلى عن الجنسية السورية إن سقط الأسد

وآخر ضحايا الحرب النفسية والإغتيالات المعنوية كان الفنان دريد لحام الذي نسبت إليه بعض هذه المواقع التصريحات التالية: "قال الممثل المعروف دريد لحام خلال  لقاء أجراه  مع قناة «المنار» أنه لا يشرفه أن يكون سوريا في حال سقوط الرئيس بشار الاسد ، معتبرا أن سقوط الجنسية السورية عنه بمثابة وسام على صدره يفتخر به، لأنه- وكما يقول- لا يشرفه أن يكون تحت حكم أحد غير الرئيس بشار الأسد".

لن يتخلى عن الجنسية السورية مهما حصل

لتخرج علينا مواقع أخرى وتنشر بياناً قيل  بأنه صادر عن "عائلة" دريد لحام، ولا ندري لم يحتاج دريد لحام "للعائلة" كي تنفي الموضوع، ولا ينفيه بنفسه؟!

المهم...  جاء في بيان النفي التالي: "وأكدت عائلة الفنان السوري في بيانها أن الأمر ليس من باب تسجيل أية مواقف سياسية بل للتأكيد على تمسك الفنان بالوطن والجذور.

وتابع البيان قائلا: "لا لبْس لدينا بوجود حملة تشويه سمعة ممنهجة هدفها الإساءة إلى دريد لحام، تجاهلنا قوائم العار والتهديدات والتجريح والتلفيقات...

وأضاف البيان: " وأن والدة دريد لحام التي غنى عنها «يا ست الحبايب يامو» ليست يهودية، ودريد لم يتول قيادة مجموعة شبيحة مسلحة أثناء مداهمات، ولم يحمل سلاحا ضد أي كان، ودريد لم يحظ من النظام ببرج سكني في شرقي دمشق لقاء ولاء ونفاق، ولم.. ولم.. ولم، ولن يتنازل عن سوريته، وبما أن عبء الإثبات يقع على مفتر كاذب، فنرجو ممن يملك دليلا أن يتحفنا به».

وتابع البيان قائلا: "إن لحام باق في بلده رغم العروض التي تلقاها بمغادرة سوريا حرصاً على سلامته وما جرى تداوله في اليومين الماضيين عارٍ من الصحة".

ويكمل أحد المواقع صياغته للخبر بالعبارة التالية:

"وجاء في البيان أن دريد لحام وفور سماعه الخبر الكاذب خربش على قصاصة ورق ما يلي: «أتصور أن من لفق هذا الكلام هدفه الإساءة لي ولسورية، أنا لم أصرح بهذا الهراء لأنني سوري الانتماء، سوري البداية والنهاية مهما تحولت الظروف، ولأن سورية ليست فئة أو حزبا، إنها وطن وحضارة، كما أنني لست بحاجة إلى شهادة من أحد بانتمائي إلى بلدي وأمي سورية، إن كل الشائعات التي سبقت وستلي، هدفها دفعي لأكون مع طرف ضد آخر، أنا لست هنا ولست هناك ولن أكون إلا مع سورية الجرح، فهي بوصلتي الوحيدة، أيها السوريون في كل مكان، لا شك في أن للحرية ثمنا، وللديموقراطية ثمنا وهما مبتغى كل مواطن، ولكن ألا ترون أن سورية دفعت الثمن الكافي لذلك؟ لهذا عودوا إلى ضمائركم، واستمعوا قليلا إلى بعضكم وحاوروا بعضكم ولو قليلا إكراما لعشرات آلاف الشهداء، إكراما لعيون الأرامل والثكالى التي تنزف ألما، إكراما لعيون أيتام تنزف وجعا، إكراما لآلام مئات ألوف اللاجئين السوريين الذين لم يألفوا اللجوء، لم يعد الوطن يتحمل أكثر من ذلك، وإن لم تفعلوا فلن تجدوا بعد حين وطنا تتقاتلون عليه أو لأجله، ستجدون أشلاء وطن يلعب عليه الآخرون، وشعبا أصبح لاجئا في الشتات بعد أن كان يفتح ذراعيه لكل طالب أمان، لقد سئمت بكل من يقف ويتحدث باسم الشعب السوري ولم يسأل أحد الشعب السوري ماذا يريد؟، عاشت سورية».

كل يغني على ليلاه

وسواء كان بيان النفي هذا صحيحاً أم لا، مبالغاً به أم نقل بأمانة، فأن من يؤيد الثورة لم ينتظره أو يهتم بقراءته، وحمل على دريد وإتهمه بخيانة غوار تلك الشخصية التي صنعها الكاتب الراحل محمد الماغوط والتي عانت من عنف وظلم السلطة.

ومن يؤيد نظام بشار دافع عنه وعن موافقه ... وحمله على الإعناق (معنوياً طبعاً) ...  لأن الإنقسام هو حال الشارع العربي كما الشارع السوري.

لكن في الحقيقة أن دريد منذ أن صرح تصريحاته الشهيرة في أول أيام الثورة (سواء كان مكرهاً ، محرجاً، أو عن قناعة) بقيت، تصريحاته، دبلوماسية وحذرة، وبعيدة عن التطرف بالرأي، ومن هذه التصريحات المعدودة جداً والموثقة بالصوت والصورة، كان موقفه فيها متسقاً مع موقفه في البدايات: " في أنه مع الإصلاحات، في سوريا، لكن هناك معارضة لا تريد الإصلاحات وتصر على اللجوء للعنف، منطلقة من منطقة حدودية (درعا) الى العمق، وساعدها التعامل الغبي من بعض المسؤولين، وقال أنه أنتقدهم شخصياً وبالإسم، وبرر دفاعه عن ثورة مصر، وإنتقاده لما يحدث ببلده، أن ثوار مصر ضُربوا ولم يَضرِبوا، بينما في سوريا الثوار كانوا مددجين بالسلاح رغم أن سوريا كانت بلد خال من السلاح، فمن أين جاءت كل هذه الأسلحة؟ وقال بأنه ليس مع الحكم لفترات طويلة ولذلك كان هناك إستجابة من النظام وتعديل للدستور، ويرى أن مشكلة سوريا تتلخص في الفساد والبطانة المحيطة بالرئيس، وأن المعارضة جزء من مؤامرة لا يهمها الشعب السوري ولا الإصلاح بقدر إهتمامها بالسيطرة على الحكم".

وهذا حقه ورأيه، إن كنت تتفق أو تختلف معه، يحق لك نقده، معارضته، محاججته، ولكن لا يحق لك الكذب عن لسانه...

ويحق لك كصحفي البحث عن الإثارة في الخبر، لكن بعد التحقق من صحته والبحث عن مصادره، لا نشره على عواهنه.

الفن موقف؟!

وربما يعبر دريد في إختياره عن موضوع مسلسله الجديد الذي يصوره في لبنان عن قناعاته، فالمسلسل بعناون " سنعود بعد قليل"، من كتابة رافي وهبي، وإخراج الليث حجو، وتدور القصة حول عائلة سورية نازحة خرجت من بلادها إلى لبنان... مآسي العائلة، وأفراحها، سنتابعها في المسلسل ومن خلالها نرصد المأساة السورية.

والمؤسف أن دريد الذي لم يكن يختلف على محبته شخصين في العالم العربي، بات يحتاج الى حماية أمنية إن أراد التصوير في لبنان، بعد تعرضه للطرد من موقعي تصوير من مؤيدين للثورة السورية.

فاشية ثورة، أم إشكالية أخلاقية؟

السؤال الجوهري أين حرية الرأي والتعبير ... في زمن الربيع العربي؟

ولماذا صارت تصفية من كان معارض في الرأي للثورات العربية - جسدياً أو معنوياً - السبيل الوحيد للتعامل معه وتساوت الثورة في فاشيتها مع النظام؟

سيرد عليك البعض أن الثورة ليست وجهة نظر...!

ما هي إذن؟