2012/07/04

دمشق تشرين دراما الاحد 21 شباط 2010 أحمد الخليل في أواخر الستينيات من القرن الماضي كانت بدايات الفنان الراحل هاني الروماني المسرحية خاصة والفنية بشكل عام من خلال مسرحية تاجر البندقية لوليم شكسبير حيث لعب شخصية شايلوك اليهودي المرابي الذي لا يعرف إلا جمع الأموال من خلال إقراض الناس بفائدة كبيرة.. هذه الشخصية التي أداها باقتدار حسب معاصريه طبعت أغلب أدواره فيما بعد بطابعها فأغلب المخرجين وصناع الفن وجدوا في شخصية الروماني وصوته وشكله الخارجي نموذجا منجزا للأدوار السلبية التي تجلى في أداءها ونوّع فيها (المرابي- المتآمر- المستغل- القاسي- المجرم...). هذه الأدوار رغم أنها نمطت أداء الروماني (منوتون) إلا أنها وفي جميع الأعمال كانت أدواراً مؤثرة دراميا وتلعب دوراً كبيراً في تحريك الأحداث وتصاعدها، كما هو الحال في شخصية (أبو طراقة) الذي يسرق كنوز ابن العلقم ويتآمر على قبيلة ابن الوهاج في مسلسل (الجوارح) 1994 حيث يتحدى (ابن الوهاج) بمجادلته بأن سر قوة أبناء ابن الوهاج تكمن في القبيلة ككل وليس في الأبناء ذاتهم ولكي يؤكد رأيه يطلب من ابن الوهاج اختبار قوة وقدرة أبنائه من خلال العيش خارج القبيلة فيساهم في تشتيت تماسك العائلة وزعزعة قوة القبيلة.... وهو الحاخام العنصري في مسلسل (عز الدين القسام) والشيخ هديبان الضرير والبخيل واللئيم في مسلسل هجرة القلوب إلى القلوب، وهو أبو شعبان المشعوذ المقعد والساحر في ليل ورجال، ولم يبتعد كثيرا عن هذا النمط في دليلة والزيبق عام 1976 أو في مسلسل نهاية رجل شجاع 1993 أو في المحكوم 1996، والدور الوحيد الايجابي بالمعنى الدرامي الذي جسده كان دور أسعد الوراق الرجل الطيب الساذج المحب الفقير وبالوقت نفسه الصلب من الداخل والوطني والذي يفاجئ الناس بصلابته وهم الذين كانوا يعتقدون أنه مجنون وأهبل... هذه السباعية التي بثها التلفزيون السوري عام 1975 والمأخوذة عن مجموعة قصص للكاتب صدقي إسماعيل (الله والفقر) تحولت إلى مسلسل بثلاثين حلقة يتم تصويره حالياً بريف دمشق لكن الموت لم يمهل أسعد الوراق الحقيقي (هاني الروماني) ليرى أسعد الوراق الجديد في نسخة من إخراج رشا شربتجي.. ‏ ورغم إخراج الروماني لعدد من المسلسلات والأعمال التلفزيونية إلا أنه اشتهر كمخرج لمسلسل حمام القيشاني بأجزائه الخمسة والذي يستعرض تاريخ سورية من الأربعينيات من القرن الماضي وحتى عام 1963 حيث تم من خلاله التعرض لحركة المجتمع وأحزابه ومثقفيه وسياسيه بشكل بانورامي غني وعميق خلال حوالي ثلاثين عاما من عمر سورية الحديث... ‏ هاني الروماني في حمام القيشاني لم يخرج من الاستديو ولم يتجاوز الطريقة التقليدية في التصوير حيث استخدم الكاميرات الثلاث والتقطيع بينهما ودافع عن أسلوبه هذا بأنه حتى في هوليود لم يتم الاستغناء عن الاستديو وفيه يمكن خلق ظروف مثالية للتصوير رغم أن المسلسل (حمام القيشاني) صور بعد أن حسمت المعركة الفنية لصالح الكاميرا المحمولة والأماكن الواقعية وهذا الأمر كان موضع خلاف فني بين المخرج الراحل الروماني والمخرج هيثم حقي الذي تحدث عن اختلافه مع الروماني في كتابه (بين السينما والتلفزيون)... ‏ وأكد الروماني مرارا على مصداقية أحداث مسلسله (حمام القيشاني) وحقيقية شخصياته: (في كل أجزاء المسلسل أسماء الشخصيات ظهرت حقيقية حسب ضرورة إظهارها على الشاشة كالشخصيات التاريخية، وكلما كان هناك ضرورة درامية لإظهار هذه الشخصيات على الشاشة أظهرناها، وإذا لم يكن هناك ضرورة درامية والأحداث لا تمس الشخصيات مباشرة فنتحدث عن هذه الشخصيات غيابيا...). لقد أنصفنا النقاد والباحثين والمؤرخين في الأجزاء الأربعة السابقة فإننا في هذا الجزء أيضا (الخامس) لم نتجن على التاريخ إطلاقا، وكل شيء حدث قلناه، كما هو وأننا نتأكد من مصداقية كل حدث من خلال تقاطعه مع عدة جهات ومن عدة وجهات نظر، حتى نثبت أن هذا الحدث حصل فعلاً). ‏ في السينما ورغم بعض الاختلاف في الأدوار إلا أن كسل المخرجين كان وراء الإبقاء على المكتشف من قدرات الروماني فقط وعدم فسح المجال له للتنويع في أداءه وإبراز إمكاناته الإبداعية الكبيرة.‏