2014/07/05

بوسطة- محمد الأزن

آثرنا هذا العام الابتعاد عن اللهاث للحاق بالموسم الرمضاني

ينبغي دراسة التغيّر في أمزجة المتلقي

نواجه مشكلة في توفير أجور بعض النجوم للعمل مع المؤسسة

هناك فنانون منعوا أنفسهم بأنفسهم بإصرارهم على البقاء خارج البلاد

 قلة حجم إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني لعام 2014، وما يقال عن مشاكل تواجهها في توفير أجور النجوم، مشكلات التسويق،  وتحديات الرقابة، ولوائح الفنّانين السوريين السوداء... عدة نقاط تضمنتها أسئلتنا للسيدة ديانا جبور مدير عام المؤسسة، فكان لنا معها الحوار التالي:

لماذا كان إنتاجكم هذا العام أقل إلى النصف تقريباً مقارنةً بالمواسم السابقة؟

"قل إنتاجانا لرمضان إلى النصف، ولكن ليس على مدار السنة ككل، نحن استفدنا من تجربة العام الفائت، فالأعمال التي أنتجانها قبل رمضان بفترة نجحنا في تسويقها، أما تلك التي انتهت قبيل الموسم الرمضاني، فلم تتوفر لها الفرصة في التسويق الجيد، لأن المحطات كانت قد استكملت خططها للعرض، وبالتالي لم نتمكن من توزيعها، فآثرنا هذا العام الابتعاد عن اللهاث للحقاق بالموسم، فرمضان يأتي كل عام، ولامشكلة إذا أنجزنا أعمالاً يمكن أن تأخد وقتها  الكافي في التوزيع للموسم التالي، كما بدأت المحطّات مؤخراً لحسن الحظ، بكسر احتكار رمضان، وإذا كان لدينا فرص عرض مناسبة، للأعمال التي نصورها حالياً خارج الموسم الرمضاني، وبعائد ربحي مقبول، فنحن مع كسر هذا الاحتكار، والذي تتساوى فيه فرص العرض بالنسبة، للأعمال الجيّدة والمتواضعة، إلى حد ما."

إذاًأنت تتفقين مع الرأي القائل بأن هناك ملامح موسم موازي للعرض الرمضاني، أخذت بالتشكل بالنسبة للمحطات العربية؟

"بغض النظر عن كوني أتفق مع هذا الرأي ، أو لا، لكنني أرغب بذلك،  وعلى  ما يبدو بأنّه بدأ اختبار هذا الخيار، وقد أثبت جدواه، فمن حيث المبدأ لا توجد جاهزية من جانب القطاع الخاص، أو المعلنين لتغيير سلوكهم بسهولة، لكن أعتقد أنهم اختبروا هذه الأمكانية، ورأوا من الوارد تقديم عروض استثنائية  خارج الموسم الرمضاني."

يقال إنه شركات الإنتاج السورية واجهت مشكلتين أساسيتين في التسويقهذا العام هما المونديال وباب الحارة،هل يبدو هذا الكلام دقيقاً؟

"نعم هناك محطّات دفعت مبالغ طائلة للحصول على حقوق بث مباريات المونديال، وهذا كان على حساب ماتدفعه سنوياً لشراء الأعمال التلفزيونية، وبالتالي أصبحت فرص التوزيع أقل، أما (باب الحارة) فهو حاضر في الوجدان الشعبي  للناس، وأصبح نوعاً من الطقس الرمضاني، لكن المحطّات تشتري هذا العمل في النهاية، محطتّين أو ثلاثة، ويدفعون لقاء عرضه أثمان مرتفعة جداً، ويستقطب بالمقابل عائدات إعلانية ضخمة، ولكن مشكلات التوزيع هذا العام لاتقتصر فقط على المونديال و(باب الحارة)، هناك أيضاً أن رمضان  الحالي يأتي في عز فصل الصيف، وعادةّ مايرغب الناس في الخروج إلى الهواء الطلق، في حين أن متابعة المسلسلات تتطلب الجلوس في المنزل، وإلى جانب ذلك كله ينبغي خلال هذه المرحلة دراسة التغير في أمزجة المتلقي، بمعنى أننا لم نعدجاهزين للجلوس أمام التلفاز، ومتابعة مايعرض من أعمال بالإيقاع ذاته،  بينما أصبح لدينا دراما موازية في حياتنا، أشد وطأة، ربما نحتاج إلى الهروب من الأخبار ساعتين أو أكثر خلال النهار، لكننا لانلبث أن نعود إليها، كطقس يومي لابد منه بالنسبة للمشاهدين في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، إذا أصبح هناك الكثير من المستجدات على المزاج العام، وأعتقد  كما قلت إنه بحاجة إلى إعادة دراسة، وربما نشهد حالياً إرهاصاتها."

يدور الحديث في الكواليس عن مشاكل تواجهونها كمؤسسة إنتاج في توفير الأجور للنجوم السوريين، مقارنةً بمعايير السوق؟... الممثلون عموماً يشتكون من الأجور التي تعرضونها عليهم... ؟

"نعم، هذا الكلام صحيح بالنسبة للنجوم، وهذا برز منذ تأسيس المؤسسة قبل أربع سنوات، حينما وضعنا تعرفة الأجور، واقترحنا أرقام للنجوم اعتبرها المسؤولون آنذاك خرافية بالنسبة للقطاع العام، ولن نصل إليها قبل عشر سنوات، لكنّها أصبحت اليوم تُقَصّر عما يتقاضاه  ثلاثة، أو أربعة نجوم سوريين، لقاء الأدوار التي يلعبونها في إنتاجات القطّاع الخاص، وفي الحقيقة بعض النجوم لايقبل أن يقدم أي تنازل في هذا المجال، والبعض الآخر لا يزال ينظر للقطاع العام كحصن يحمي الدراما السورية، وهنا نتكلم عن نجوم كبار، يقبلون العمل معنا بأجور أقل كشكلٍ من أشكال دعم هذا القطاع،  أما فيما يتعلق بمن يعتبرون نجوم الصف الثاني، واللذين يلعبون الأدوار الثانوية، أو يعملون بالمهن الأخرى في صناعة الأعمال التلفزيونية، فأعتقد أننا نقدم أجور جيدة تحفظ كرامة، ومكانة المتعاونين مع المؤسسة."

وفي السياق ذاته، تشير السيدّة ديانا جبوّر، إلى ماوصفته بـ"النزوح ، أو الاستنزاف للطاقات الفنية السورية، ومنهم النجوم، بسبب ظروف البلاد"، وتقول جبّور: "حينما عمل أولئلك الفنّانون أو الفنيون خارج سوريا، تقاضوا أجوراً وفقاً لمقاييس الدول التي عملوا فيها، وأصبح هناك فارق شاسع، بين ما تقاضوه من أجور هناك، وبين ما يمكن أن يُدفع لهم هنا، وأناشد الفنّانين السوريين لإعادة النظر في هذا الأمر، فالنجوم العالميون يتاقضون عادةً أجوراً بملايين الدولارات عن أدوراهم، لكن بالمقابل هناك تجارب يقبلون المشاركة فيها بأجور رمزية، وأحياناً شبه مجّانية، لضمان التجدد، واستمرار الصناعة."

هناك شكوى عموماً من الرقابة السورية، في الموسم الماضي، هل معايير الرقابة السورية باتت أكثر تشدداً من ذي قبل؟ هل واجتهم مشاكل في الرقابة على أعمالكم هذا العام؟ هل سيكون مقص الرقيب رقيقاً؟

"لاشيء واضح حقيقةً في هذا الموضوع، هناك أمل أن تكون الرقابة أقل تشدداً، ولكن حقيقةً أفكّر في المنطق، هل يمكن أن تكون أكثر تشدداً، أوقل، وأعود للقول ربمّا لن يكون ذلك خلال المرحلة الحاليّة، ربما بسبب ظروف الحرب التي تمر بها البلاد، وهنا لا أبرر للرقابة تشددها،  ولكن أحاول فهم آلية تفكير الرقيب السوري اليوم، وبناءً عليه لا أظن أن تكون معايير الرقابة أخف."

وأضافت جبّور:"أعتقد أن الرقابة تحتفظ بذات المعايير التي تطبقها لسنوات على الدراما السوريّة، لكن حركة الواقع أصبحت أكثر بكثير مما نتعامل على أساسه، وبالتالي، وبالتالي صار هناك فارق شاسع بين مانعيشه واقعياً، وبين ما نطبقه من معايير، لذلك قد يكون هناك فجوة في الدرما  تحتاج إلى ملئها؛ من جهة وعي الرقيب، ورحابة صدره، واستراتيجية رؤيته، والمبدع يملؤها من جهته بالاتقان، وعدم الانجرار وراء الشعبوية، لأنها تجر المتلقي باتجاه الغرائز، وبالتالي لاداعي من تحويل معركتي الوجودية الفنيّة إلى معركة مع رقيب، معركتي باتجاه استمرار الاتقان والإبداع، وقتراح أشكال، ومواضيع فنية جديدة."

يقال أنكم حذفتم مشاهد لـقاسم ملحو، بشخصية "أبو ساندي" من خماسية "استعداد للرحيل" إحدى خماسيات مسلسل "الحب كلّه"، لأنه يشتم الرئيس الأمريكي، قبل وصول العمل للرقابة؟

"هذه الخماسية لها ظرفها، حيث أنجزها المخرج  كسبع حلقات، بدلاً من خمسة، مما أدى إلى خرق وحدة العمل،  وقبل أن يصل المسلسل إلى الرقابة، رأينا كجهة منتجة أن هذا التمدد أساء إلى إيقاع العمل، فقررنا العودة إلى أصل المشروع، وهو خمس حلقات، وذهب في هذه الاقتطاعات، بقصد إعادة ضغط الحلقات؛ مشاهد لقاسم ملحو، وغيره من الممثلين، أما أن يقال أننا حذفنا مشاهد من شخصية "أبو ساندي" لأّنه يشتم أوباما، فهذا خارج عن المنطق."

هل لديكم قائمة بفنّانين ممنوعين من العرض على قنوات التلفزيون السوري، بوصفكم كمؤسسة جزءاً من منظومة وزارة الإعلام السورية؟

"سمعت عن ذلك، لكنّ هذه القائمة لم تصلني، وسألت وزير الإعلام، عن وجود أسماء ممنوعة من العرض على التلفزيون السوري، حتى لا نواجه إشكالاً كجهة منتجة في التعاقد معهم، وهو محامي، فاستشهد بالقاعدة القانونية الشهيرة (الأصل في الأمور الإباحة)، وبالتالي طالما الفنان موجود في سوريا، أو يسافر خارج البلاد ويعود إليها،  فربما يكون مختلف سياسياً، لكنّه متنفق وطنياً، وحريص على استمرار سوريا، ومؤسساتها، ورموزها، فلا "فيتو" عليه."

تستدرك السيدة ديانا جبوّر في ختام حديثها:"بالمقابل هناكفنّانون منعوا أنفسهم، بأنفسهم، بإصرارهم على البقاء خارج البلاد، ونحن أرسلنا لبعضهم للعمل معنا، لكنهم رفضوا الحضور."