2012/07/04

ديانا فارس : «عرائس السكر» عرض موثـــق للواقــع .. ورســالة للأهـل والمجتمــع
ديانا فارس : «عرائس السكر» عرض موثـــق للواقــع .. ورســالة للأهـل والمجتمــع


فؤاد مسعد – الثورة

تخوض الكاتبة ديانا فارس تجربة سينمائية هامة عبر الفيلم الروائي الطويل (عرائس السكر) الذي يتناول في محوره الرئيسي حكاية طفلة مصابة بمتلازمة داون ، ومن خلال الأحداث نرصد أحلامها وطموحاتها ومآسيها ، وتفاصيل حياتها وكيفية تعاملها مع المحيط وكيف ينظر المجتمع لها ..

الفيلم من إخراج سهير سرميني وإنتاج المؤسسة العامة للسينما .. للدخول في عوالم الفيلم أكثر وما يحمل من خصوصية كان لنا هذا اللقاء مع الكاتبة ديانا فارس :‏


ما الدافع وراء اختيار عنوان (عرائس السكر) ؟ وهل سيحوي الفيلم مقاربة مباشرة له من خلال التفاصيل والأحداث ؟‏

العنوان مستوحى من ملامح موجودة في قصة الفيلم ، فهؤلاء الأطفال أشبه بعرائس السكر وفيهم ما هو حلو واستثنائي وبالتالي الاسقاط في الفيلم ارتبط بفكرة أن هؤلاء الأطفال هم عرائس السكر وهم زينة الحياة والذين يمنحونها البركة ، كما حضرت إلى ذهني قصيدة لنزار قباني يحكي فيها عن عرائس السكر وكيف كانت والدته تلفها له ، وفي الفيلم هناك طقس يومي بأن الطفلة (مروة) لا تنام إلا أن تلف لها والدتها عروسة السكر ، فكنت أرى أن الأمر مرتبط بما هو أمومي خاصة أنها قصة علاقة طفلة مع أمها . ومن المعروف أن الأطفال المصابين بمتلازمة داون أكثر عاطفة من أي طفل طبيعي ، ويتعلقون بأهلهم بعاطفة فطرية واضحة .‏

هل يقدم الفيلم حلولاً للحالة التي يطرحها ، أم يكتفي بتوصيفها كما يحدث غالباً ؟..‏

يعرض الفيلم مجموعة من الموضوعات المترافقة والملاصقة للإناث المصابات بهذا المرض . ففيه عرض موثق لواقع وتسليط الضوء عليه ، وهو أقرب لأن يكون رسالة توجيهية للأهل كي لا ينبذونهم او يخبؤونهم أو يخجلون منهم ، فهم هبة من الله ويحمل عالمهم الكثير من الخصوصية ، كما أن الفيلم رسالة للمجتمع ودعوى لاحتواء هؤلاء الأطفال ، بمعنى أننا بدأنا الخروج من مفهوم الدمج إلى مفهوم آخر هو الاحتواء ، فهم جزء منا وعلى المجتمع تحسين نظرته لهم .‏

ويوجه الفيلم أيضاً رسالة للجهات الوصائية التي استطاعت أن تحقق مشاريع وتقيم لجاناً وجمعيات تهتم بهم ومدارس خاصة لحالاتهم لتطوير الادراك لديهم ، ولكن تبقى هناك مشكلة الإقامة الداخلية لهم ، لأنه بعد أن يفقدوا الأم والأب سيجد الكثير منهم مشكلة كبيرة لأن الاخوة قد لا يستطيعون القيام بهذا الدور الذي كان الأبوان يقومان به ، ما يعرض الأطفال لحالة من النبذ الاجتماعي وعدم اهتمام أحد بهم . كما أن تهيئتهم تحتاج لكوادر ومدارس ، وإضافة لذلك كله هم عرضة للتحرش .‏

ما سبب تطرقك لموضوع التحرش ؟ ألأنه موجود فعلاً أم لتحقيق نوع من الإثارة والأكشن في الفيلم ؟‏

طبيعة فكرة العمل خاصة أننا بدأنا من لحظة بلوغ الفتاة أي من لحظة دخولها مرحلة تطور حالتها الأنثوية وهي نقلة تتطلب أن يكون هناك تغيير فيزيولوجي في الجسم ، وبالتالي التعامل سيكون مع عقل وادراك طفلة في جسد فتاة ، وفي هذا السياق بات موضوع التحرش وارداً ، وعندما وثقت الحقائق تفاجأت بما هو أقسى .. وبالتالي القصد من هذا المشهد لم يكن تجارياً وإنما فرضته طبيعة الموضوع المطروح وتم طلب التخفيف منه وسيأتي ضمن سياق الفيلم .‏

كيف تمت عملية البحث لتكون تفاصيل الحالة المطروحة في الفيلم أقرب إلى المصداقية ؟‏

لتكتب دراما ينبغي أن تعرف هدفك والقضية الأساسية التي ستعمل عليها ، وأي عمل ستنجزه يحتاج إلى بحث علمي لذلك انطلقت بالسؤال والبحث والقراءة ، وذهبت أنا والمخرجة في الكثير من الجولات الاستطلاعية لنرى التفاصيل على حقيقتها وتوجهنا إلى الجمعيات ودخلنا بعض منازل المصابين بمتلازمة داون ، وحضرنا فعاليات خاصة بهم . سعياً للدخول إلى عالمهم واكتشفت أنهم أطفال طبيعيون يتصرفون بعفوية ولديهم قدرات ذكاء خارقة فهم يبدعون في مكان معين الأمر الذي وظّفته في الشخصية ليكون لديها مشروعها الخاص والذي استطاعت في النهاية تحقيقه بمساعدة آخرين ، كما شعرت بمعاناة الأهل وتلمست نظرة المجتمع المبنية على الشفقة . وبعد البحث وجدت أن عالم المصابين بمتلازمة داون واسع جداً ، ولكن يبقى الواقع أقسى بكثير مما طُرح في الفيلم .‏

هل تمت استشارة اختصاصيين حول هذه الحالات ؟‏

عندما بدأت كتابة النص كان معي الدكتور طريف بكداش فاتصلت به وقدم الكثير من الفائدة والمعلومات القيمة ، وتواصلنا لفترة مع جمعية الرجاء ومع مشرفة اختصاصية في النطق فرأينا من خلالها كيف يتم التعامل معهم وتعليمهم ، وأثناء تصوير الفيلم كانت هناك مشرفة نفسية مرافقة للطفلة .‏

كُتِب العمل بداية ليتم تصويره كفيلم تلفزيوني فكيف جرى تحويل النص ليتلاءم مع الوضع الجديد ؟‏

اشتغلت على الصورة وعلى تفاصيل كثيرة ، إضافة إلى إحداث خط كوميدي خفيف ، وقد حالفنا الحظ بتحويل النص إلى سينمائي ما جعله أجمل وأكثر غنى وحقق نقلة هامة ، ففي التلفزيون يمكن طرح مشاهد كثيرة وحوارات ولكن لا تدخل للتفاصيل كما في السينما . وبالنسبة إلي عندما أقدم نصاً سينمائياً تكون حساباتي مختلفة لأن له متطلباته وصعوباته التي ينبغي دخولها وتجاوزها ، وهنا لا أخفف من قيمة النص التلفزيوني ولكن الكاتب في التلفزيون يهرب بالحوار ليتخلص من أي تفكير في الخيال أما السينما فهي خيال وصورة أصلاً ، ما يضطرك لتوظيف كل جملة وتفصيل بدقة . وفي النهاية لا بد من التنويه إلى أن المؤسسة العامة للسينما عندما قرأت النص قررت التصدي لإنتاجه حيث شعرت أن فكرته تخدم ما له علاقة بالخط الإنساني ، ولولاها لم يكن ليُدرج في هذا العام .‏