2012/07/04

عادل أبو شنب- الثورة كان المرحوم هاني الروماني طالباً في كلية الطب عندما ظهرت «ندوة الفكر والفن» في دمشق، على يد مخرج مسرحي هاوٍ ، ولم يتخرج من أي أكاديمية أو معهد، هو الدكتور رفيق الصبان فاستدعته هوايته للمسرح، هو الآخر، أن يترك كلية الطب ويلتحق بالفرقة المسرحية التي أسسها الصبان وضم إليها شباباً هواة، يتفانون للظهور على المسرح وتمثيل أمات المسرحيات الأجنبية التي ترجمها أو اقتبسها رفيق الصبان، فنجحت الفرقة بسبب عطش جمهور دمشق إلى مسرح متوازن بعيد عن مسرح الكوميديا والتهريج الذي كان سائداً في مسارح ومقاهي دمشق .‏ كان من نجوم هذه الفرقة هاني الروماني، ومن السيدات كوثر مارد وآرليت عنجوري، وشقيقه الأصغر أسامة وآخرون، وفي مدرسة «ندوة الفكر والفن» تدرب وتعلم هاني، وفي مثل لمح البصر، ومثلما ترك كلية الطب، لمع في الفن المسرحي، ثم التلفزيوني، وصار مخرجاً متمرساً ، أخرج عدداً من المسلسلات والسهرات التلفزيونية الدرامية، غير أنه لم يترك التمثيل فقد كان «أبو علي» عاشقاً دائماً لهذا الفن الجميل الذي يعقد على الحوار في المسرح والحوار والصورة في التلفزيون.‏ أذكر أنه مثّل دور الحلاق في المسلسل الأول في التلفزيون السوري الذي كتبته عام 1969 ، وكان هاني في الثلاثين من عمره، وفي ذروة عطائه، وأشهد أنه كان ملتزماً بمواعيد البروفات والتصوير، وأنه كان محاوراً بارعاً . لا يقرأ دوره بل يعيشه، وكم من مرة جاء وقتئذٍ ليحاورني بأحوال دوره وبعض المشكلات الطارئة. ولم يكن حواره يقتصر على المؤلف ، بل كان يحاور المخرج، وكان في حارة القصر علاء الدين كوكش وكان يحاور الممثلين بل تعدى ذلك إلى صناع الديكور والأضواء والتسجيل، لهذا ما إن لاحت له الفرصة، حتى انتقل إلى الإخراج، وبرع فيه وترك بصمات خاصة، يعزه عليها زملاؤه ومحبوه وجمهوره الكبير.‏ إن بداية الدراما في التلفزيون السوري الذي سيحتفل هذا العام بعيده الخمسين، مدينة لهؤلاء الذين كتبوا ومثلوا وأخرجوا منذ بداية التلفزيون في سورية.‏ لم تكن التقنية فيها مماثلة لما هي عليه اليوم، فلقد كان تسجيل الحلقة الواحدة من مسلسل «حارة القصر» يستغرق يوماً كاملاً بنهاره وليله، لأن دائرة التسجيل لم تكن تعمل عملها هذه الأيام ، لقد كانت هفوة واحدة من فني أو عكة من ممثل، فاضطر الحشد الكبير من الممثلين أن يعيدوا التسجيل من البداية، حتى لو كانت الهفوة أو العكة قد حدثت في أخر دقيقة من الحلقة. لقد كان على المجموعة الفنية أن تتحمل هذا الجهد الفني، ولقد كان هاني الروماني واحداً ممن عاشوا هذه الظروف دون أن يتذمر أو يحتج، وحسبه هذا ليكون رائداً من رواد الفن في بلدنا، ثنائية المسرح والتلفزيون .‏ رحمه الله‏