2012/07/04

رأفت الزاقوت: أكبر معوقات المسرح السوري الروتين واعتباره وظيفة للارتزاق من قبل العاملين فيه
رأفت الزاقوت: أكبر معوقات المسرح السوري الروتين واعتباره وظيفة للارتزاق من قبل العاملين فيه

خاص بوسطة- حاوره: عبدالله الكفري

ثلاثة مشاريع مسرحية من العيار الحقيقي تلك التي ينجز فيها المخرج والممثل المسرحي رأفت الزاقوت هذه الأيام؛ هذا الامتهان لحب المسرح واحترافه كنمط حياة يمكن تلمسه بكل أفعال وممارسات الزاقوت، ويمكن إدراكه أكثر بالشغف الذي نستشعره مع كل أقواله.


كيف ترى أهم سمات الحركة المسرحية السورية؟

لا نستطيع أن نحدد سمات لحركة المسرح السوري المتعثرة والتي تحبو، خصوصاً في غياب وجود المؤسسة الحقيقية التي تدعم ظهور مسرح على قواعد وأسس ثابتة. فقد اعتمد وجود المسرح السوري على تجارب فردية منذ نشأته أي منذ أبو خليل القباني حتى الآن. الأمر الذي جعل من أهم سمات المسرح السوري هو التجارب الفردية والمحاولات المسرحية هنا وهناك.

ما أهي المعوقات التي تعترضه؟

أعتقد أن أكبر المعوقات هو الروتين واعتبار المسرح كوظيفة للارتزاق من قبل العاملين به وغياب المشروع المسرحي الحقيقي ولا أقصد بذلك الأفراد وإنما مشروع المؤسسة الثقافية ذاتها الغائب، وهذا انعكس تماماً وبشكل كبير على تعافي المسرح ونهضته في سورية. نحن بحاجة ماسة لنهضة مسرحية وثقافية ورغبة حقيقية وعملية في خلق مشروع مسرحي سوري تحتضنه الدولة.

كيف تقيم تجربتك في العمل على النصوص المحلية؟

النص المسرحي السوري وفي الآونة الأخير شهد أسماء واعدة بعثت الأمل في النفوس وهذا ما لمسته من خلال تجربتي مع ورشة الشارع في احتفالية دمشق عاصمة ثقافية. وورشة الشارع هي تجمع لكتاب شباب يكتبون في المسرح، أعتقد أن الجمهور يرغب في رؤية نص يشبهه ويشبه آلامه وأماله وتطلعاته، نصٌ يضاهي بعمقه وبساطته حياتنا التي نعيش.

لماذا الغياب عن التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية؟

لم تتم دعوتي للتدريس خلال السنتين الماضيتين ولكن أنا أدرس الآن مادة الدراما والمسرح في الجامعة العربية الدولية، وفي بعض المعاهد الخاص إلى جانب عملي في المسرح المحترف كممثل ومخرج.

أنت من أقل المخرجين الذين وفقوا بين الاحتراف والعمل مع الهواة، ما هو الكسب وما هي الخسائر وإلى أين ستستمر هذه التجربة؟

في المسرح لا توجد خسائر وإنما تجارب تضاف إلى رصيدك الإنساني. أنا أؤمن أن المسرح هو طاقة تطهيرية متجددة قادرة على إحداث فرق على الصعيد الشخصي والمعرفي، ومن هنا أحاول نقل هذه العدوى إلى أكبر عدد ممكن. وفي النهاية طالما أن هناك رغبة في العمل وإحداث فرق ما على الصعيد الإنساني ستستمر التجربة.

ما هو وضع الفرق المسرحية في سورية؟

الفرق المسرحية في سورية تعيش في حالة ضياع وتشتت وذلك مرده لغياب الاحتضان لها في ظل غياب النية لإيجاد مسرح حقيقي وثقافة حقيقة، في الفترة الأخيرة ظهرت فرق مسرحية عديدة وهذا مهم إن تمت الاستفادة من هذه الظاهرة الجيدة. لأنه وبغياب الرعاية أخشى أن تبدأ هذه الظاهرة بالتناقص. الدعم والرغبة في خلق مسرح هو الحل.

هل دخول القطاع الخاص في دعم ورعاية المشاريع والأحداث الثقافية هو جزء من حل مشكلة المسرح السوري؟

دخول القطاع الخاص على المشهد الثقافي هو أمر جيد ولكن باعتقادي حل أزمة المسرح السوري منوطاً بالمؤسسة الثقافية وحدها دون غيرها مع الترحيب بدخول القطاع الخاص.

الثقافة بحاجة إلى دعم غير عادي مادي ومعنوي. وهي إبداع خلاق حققه الإنسان على امتداد وجوده وبها اختلفَ عن سائر الموجودات، والمعرفة هي ما يميزنا كمخلوقات عاقلة فتخيل أن نعتبر ذلك كمالياً... الأمم التي تهمل المعرفة هي أمم زائلة وضعيفة.

في العام السابق قدمت للمشهد الثقافي السوري فرقة باب للفنون المسرحية، ما الضمانات التي تقوم بها للحفاظ على الفرقة؟

في الحقيقة الضامن الوحيد هو إيمان أعضاء الفرقة بالعمل المسرحي الجاد والقائم على البحث والحلم بخلق تجربة مسرحية تراكمية قادرة على إضافة المسرح ضمن أولويات الجمهور الذي نزح من المسرح إلى جزر أخرى. أما إن كنت تقصد شيئاً آخر فلا ضمانات في هذه الأرض البتة سوى الإيمان.

ما المعيار الأساسي الذي تنتهجه لاختيار عمل مسرحي أو الاعتذار عنه؟

المعيار هو القيمة الإنسانية وقدرة العمل على تحريك الحس الإبداعي عند طاقم العمل وعند الجمهور على حد سواء، وفي نفس الوقت إحداث الجدل الخلاق والمعلم بين المرسل والمستقبل.

البعض يرى أن الاشتغال على النص المسرحي المكتوب هو توجه بات قديماً، ما هو رأيك؟

هناك حراك لمجموعة من الفنانين المسرحيين على صعيد العمل المسرحي وظهور لعدد من الأسماء الواعدة على الرغم من الاستنزاف  للطاقات المسرحية في مغريات عديدة وعزوف الكثيرين عن خوض التجربة المسرحية بسبب عوامل الإحباط والروتين والإهمال والاستحواذ على ظروف الإنتاج من قبل غير الاختصاصين والمتنفذين المستفيدين، وهذه  بادرة جيدة. تأكد أن المسرح فن متجدد قادر على الوجود بقوة ورقي.

أما فيما يخص النص المسرحي، لا يمكن أن يكون العمل على النص المسرحي قديماً لأنه وببساطة حتى من يعمل على الارتجال أو التجريب مثلاً في نهاية المطاف سيصل إلى نص مكتوب.. لا أعرف من أين جاءت هذه الفكرة الساذجة والمستسهلة. كيف يمكن للروح أن تكون قديمة؟، النص هو الروح الحقيقية للعرض المسرحي، وانظر على امتداد التاريخ الثقافي العالمي أغلب من عرفنا عرفناه من خلال نتاجه الأدبي، شكسبير، أبسن، تشيخوف، يوجين أونيل..... وأنا طبعاً لا أنقص من حق ومن أهمية العناصر الأخرى: كالإخراج والتمثيل ..... ولكن علينا أن نكون واقعين، فالنص الجيد هو بداية لعرض جيد إن توفرت الظروف.

كيف من الممكن أن يتم تحويل الدراما التلفزيونية إلى فن غير استهلاكي؟

بتغير شروط العمل فيها وإعطائها المزيد من الوقت والتأمل في اختيار الأفكار والعمل مع الممثل، مع العلم أن هناك أعمال تلفزيونية استطاعت أن تخرج من إطار الفن الاستهلاكي.

كيف يمكن التصدي للقضايا المعاصرة والراهنة من خلال المسرح؟

لا أعرف اختراعاً أفضل من المسرح للتصدي لكل القضايا الإنسانية الحساسة والحاسمة، إن البحث والحب والإيمان الحقيقي لأهمية مشاركة المسرح هو جواب على سؤالك.

لم يكن المسرح إلا مكاناً للتطور الإنساني على الصعيد الجمالي وأنا أقصد التطور الجمالي الفكري والنفسي والبصري والحسي والجدلي، ومن هنا يمكن القول أن المسرح الحقيقي بالغالب هو مسرح لصيق بإشكالات إنسانية راهنة معاصرة وقاطعة للزمن في نفس الوقت.

ما هي آخر المشاريع التي تقوم بها؟

أعمل الآن على التحضير لعمل مسرحي بعنوان "قصة حديقة الحيوان" للكاتب الأميركي إدوارد ألبي مع الفرقة، وسوف أقوم هذه المرة بالإخراج والتمثيل إلى جانب الممثل المسرحي زهير العمر، سيتم تقديم العرض في حزيران 2010 في دار الأوبرا.

بالإضافة إلى إخراج قراءات مسرحية لصالح المركز الثقافي الفرنسي وهي قراءة لنص الكاتب الفرنسي ميشيل فينافير دراماتورجيا الدكتور منتجب صقر وتمثيل رامي خلف ولونا أبو درهمين.

شكراً رأفت

رأفت الزاقوت في سطور

مواليد دمشق 1977

خريج المعهد العالي للفنون المسرحية - قسم التمثيل بدرجة جيد جداً- 2003 دمشق.

شارك كممثل في عدد من المسرحيات منها: أهل الهوى- غفوة.

شارك في عدد من المهرجانات منها: مهرجان أفنيون عام 2003 فرنسا- مهرجان استانبول الدولي في العرض الإيمائي "حنين" كممثل ومدرب حركة.

عمل مدرساً لمادتي الليونة والحركة المسرحية والإيماء في المعهد العالي للفنون المسرحية دمشق من عام 2003 إلى عام 2005.

قام بورشة عمل كمخرج لصالح أكاديمية الفنون المسرحية في الجزائر- ملتقى دول البحر الأبيض المتوسط - 2004، وشارك في ورشة المخرجين الشباب التي نظمها المجلس الثقافي البريطاني بالتعاون مع مسرح الرويال كورت – دمشق 2008.

أخرج عدداً من العروض المسرحية منها عرض "عائلتي" لصالح المعهد العالي للفنون المسرحية دمشق 2004. وعرض "نشاز" في مهرجان دمشق المسرحي الدولي عام 2006، وعرض "غيرة الباربويه" الذي شارك في مهرجان الكوميديا الأول اللاذقية- 2007. وعرض "الجمعية الأدبية" مع فرقة باب للفنون المسرحية- الذي شارك في مهرجان الكوميديا الثالث اللاذقية، آذار 2009. وتم تقديم العرض مجدداً في دار الأسد للثقافة والفنون، تموز 2009، وعرض في لبنان على مسرحج دوار الشمس.

عمل مدرساً لمادة التمثيل في معهد أورنينا للفنون المسرحية عام 2007_2008. ويعمل الآن مدرساً لمادة الدراما والمسرح في الجامعة العربية الأوربية منذ العام 2008.