2013/05/29

رشا شربتجي... من «بيان الحليب» إلى «حبة حلب»
رشا شربتجي... من «بيان الحليب» إلى «حبة حلب»


صهيب عنجريني – السفير


تبدو المخرجةُ السورية رشا شربتجي منهمكةً في عملها الدرامي الجديد «حبَّة حلب» إلى درجةٍ تجعلُها تخلفُ موعداً اتفقنا عليه لإجراء دردشةٍ هاتفية، حول المسلسل الذي انطلقت عمليات تصويره يوم الأحد الماضي. مسلسل «حبة حلب»، مأخوذٌ عن رواية «وداد من حلب» للكاتب قحطان مهنا، وهو من إعداد وسيناريو وحوار عدنان العودة، وإنتاج «المؤسسة العامة السورية للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني».

ويقول العودة لـ «السفير» عن المسلسل انه «عمل ذو بنية ملحمية يمتد على فترة طويلة من الزمن ما بين عامي 1947 و2001، متطرقاً إلى الواقع الاجتماعي والسياسي الذي كان سائداً في حلب، وكذلك فترة الانقلابات العسكرية والصراعات السياسية والحزبية، ويسلط الضوء على جانب من حياة اليهود في تلك المدينة، من خلال قصة امرأة يهودية من حلب تهاجر إلى الولايات المتحدة، ومن شدة إخلاصها لمدينتها تصر على أن يكتب على قبرها وداد من حلب». المسلسل هو التعاون الأول بين العودة وشربتجي، في ظل وجود مشروع فيلم سينمائي بينهما مؤجل حالياً. ويوضح السيناريست السوري أن تصوير المشاهد سيتوزع على عدة أماكن في ظل استحالة تصويرها في مدينة حلب نظراً للأحداث التي تعيشها المدينة، حيث سيتم تصوير جزء في حارات دمشق القديمة، كما سيتم بناء أحياء في مدينة الفيصل الإعلامية. ويؤكد العودة أن التعامل مع الجهة المنتجة يسيرُ بطريقة سلسة رغم أنها مؤسسة حكومية، ومن دون أن يختلف عن التعامل مع أي شركة من شركات القطاع الخاص، إلا في ما يتعلق بأن طبيعة المؤسسة تحتم طريقةً معينة لاتخاذ القرارات تختلف عن الطابع الفردي لقرار المؤسسات الخاصة. أما في ما يتصل بالأجور والخدمات المقدمة وما إلى ذلك من تفاصيل فالأمور تسير على ما يرام ـ والكلام للعودة ـ الذي يعزو السبب بالدرجة الأولى إلى كون مديرة المؤسسة ديانا جبور «سيدة بنت مهنة»، بحسب تعبيره. بعد اعتذار عباس النوري عن لعب دور البطولة يرجح العودة أن يلعب الدور سلوم حداد، إضافة إلى عدد من نجوم الدراما السورية، منهم ديمة قندلفت، وكندة حنا، وأيمن رضا، وأحمد الأحمد، وعمر حجو، وأميرة حجو.

الرواية التي حولها العودة إلى سيناريو تلفزيوني ذات طبيعة إشكالية بشكل أو بآخر، إذ تتناول حياة اليهود داخل المجتمع السوري، قبل هجرتهم. وفي سياق الرواية ــ على سبيل المثال ــ يرد على لسان شخصية ربيعة: «هل تعرف أنهم لا يختلفون عنا بشيء.. لم أكن أتصور أن اليهود قريبون منا إلى هذا الحد. إنهم يتكلمون مثلنا، نفس لغتنا، يفكرون مثلنا، يأكلون أطباقنا، يسمعون أغانينا. شيء لا يصدق». وعلاوةً على ذلك فإن موضوعة الجنس تشكل ركيزةً أساسية في بناء الرواية، فكيف ستعالج هذه الإشكاليات درامياً؟ سؤالٌ سيبقى معلَّقاً حتى عرض المسلسل، وتشكل حرفيةُ المخرجة رشا شربتجي مسمار أمان على هذا الصعيد، وقد سبق للمخرجة المتميزة أن تصدت لإخراج عدد من المسلسلات ذات البنية الإشكالية، منها على سبيل المثال: «ولادة من الخاصرة» بجزأيه، و«تخت شرقي»، و«غزلان في غابة الذئاب».

اختيار شربتجي للتصدي لإخراج مسلسل ينتجه القطاع الحكومي السوري، يؤكد أن المخرجة السورية قد تجاوزت بأشواط الآثار الارتدادية التي خلَّفها توقيعها وفنانين آخرين على «بيان الحليب» الشهير في بدايات الأزمة السورية، حيث قوبل الموقعون حينها بحملات تخوين عنيفة. شربتجي التي ظهرت مع عدد من الموقعين حينها في لقاء تلفزيوني وُصف بـ«الاعتذاري»، مرَّت منذ تلك الفترة بعدد من التحولات، كان أبرزها مصالحتها مع والدها المخرج المقرَّب من السلطات السورية هشام شربتجي بعد انفصالها عن زوجها مدير التصوير ناصر ركا. بين «بيان الحليب» و«حبة حلب» ثمة حقيقة ثابتة ولا تحتمل التأويل ومفادها أننا أمام مخرجة من طراز خاص وبصمات متميزة في مسيرة الدراما السورية.. حقيقة تجعل «حبة حلب» عملاً مرتقباً بلا شك.