2013/05/29

رشيد عساف: الأزمة السورية لم تؤثر على الإنتاج والتسويق
رشيد عساف: الأزمة السورية لم تؤثر على الإنتاج والتسويق


مِلده شويكاني – البعث

لم يعمل رشيد عساف خلال مساره الفني على الظهور المتكرر، لأنه يهتم بالحضور الآسر الذي يترك وقعاً لدى المشاهدين، فاختارأعمالاً نوعية خطت بصمة بتاريخ الدراما العربية والسورية، فجسد دور الفارس النبيل في الأعمال البدوية ما أهله لدخول عوالم الأعمال التاريخية والفانتازيا، إضافة إلى الأعمال المعاصرة، تميز بأدائه المؤثر وذوبانه في الشخصية إلى درجة الغياب والتماهي معها والإفصاح بالتعابير والإيماءات عن مكنوناتها، كل هذا جعله موضع إعجاب المخرجين الذين رشحوه لتأدية أدوار لشخصيات أثارت جدلاً وإشكالية في تاريخنا القديم والمعاصر، فأدى شخصية (معاوية بن أبي سفيان)، ورُشح لتأدية شخصية (حسن البنا والشيخ أحمد ياسين)، ومؤخراً دخل عوالم البيئة الشامية ليثبت أنه بطل بارع في كل المطارح، ورغم غيابه لسنوات عن الساحة الدرامية، إلا أن محبته لم تخبُ، بل زادت توهجاً وتوقداً مع عودته إلى جمهوره في موسم دراما 2011 من خلال العمل الكوميدي السياسي "الخربة "، إضافة إلى دور "العكيد"في "رجال العزّ" الذي قدمه بأسلوب مختلف عن شخصية الزعيم المتعارف عليها، فركز على الجانب الإنساني المتداخل مع الخط النضالي، ويشارك في الموسم الدرامي الحالي في أضخم عمل من أعمال البيئة الشامية "زمن البرغوت "بدور العكيد"أبو أدهم ".. البعث التقت الفنان رشيد عساف وتحاورت معه حول قضايا تتعلق بدراما 2012 .

< اكتفيت بالمشاركة بزمن البرغوت، فما خصوصية هذا العمل بالنسبة إليك ؟.

<< العمل ضخم جداً وكلف إمكانيات إنتاجية كبيرة، ضم نجوم الدراما السورية لأول مرة، فاجتمعوا مع مخرج متميز نجح بخوض غمار البيئة الشامية، وما أغراني بالدور صدقه وقربه من الواقع الحياتي للبيئة الشامية خلال مرحلة مفصلية تمتد من نهاية الحكم العثماني إلى بداية الاحتلال الفرنسي، مروراً بالثورة العربية الكبرى من 1916-1925، ويكمن سر تألق العمل وتميزه باعتماده على البطولة الجماعية، إذ نرى في أغلب أعمال البيئة يتقاسم قطبا الشر والخير البطولة، فيتصارع البطلان حتى الحلقة الأخيرة، أما في زمن البرغوت فالأمر مختلف، فلكل فرد قصة تتشابك مع الأحداث الجارية وتدخل ضمن الخط الدرامي، وقد فاجأني الكاتب محمد زيد فعلاً بحل اللغز بطريقة بسيطة وبمعالجة سريعة، على سبيل المثال حادثة تلصص تحسين على نساء الحارة وعلى زوجتي عفاف وتصرفي الطائش بضربها، يحل في الحلقة ذاتها حينما تنكشف الحقيقة.. لقد اعتمد العمل على لونية خاصة من حيث التفاعل بين الشخصيات وإظهار حكايات كل عائلة، المختبئة داخل أحجار المنزل الكبير، وأسرار الحب التي يرويها عبق الياسمين، وفي منحى آخر أخذنا العمل بتزامن إلى أجواء البيئة الريفية فتطرق إلى العلاقات الاجتماعية والتجارية المتبادلة بين الريف والمدينة.

أما فيما يتعلق بدوري العكيد (أبو أدهم ) فقد وجدته مختلفاً من حيث الزي وطريقة الأداء والتفاعل مع الشخصيات المحيطة به والبعد الإنساني الكبير الممتد على مساحة الشخصية، تجلى ذلك بعلاقتي بزوجتي وأفراد الحارة والعضوات، وفي الوقت ذاته أقف في وجه الأشرار، وكذلك المختار «أبو وضاح» الذي جسد دوره الفنان أيمن زيدان ودخل من خلاله البيئة الشامية، فنرى مهامه مغايرة لما سبق ولا تقتصر على متابعات البيع والشراء والزواج والطلاق.. هنا يدخل في مفاصل الحياة اليومية للحارة ويعرف كل ما يدور فيها، ومن الناحية الفنية استطاع العمل أن يخلق مناخات قريبة من التراث الدمشقي بكل أبعاده التي تطال الديكور والاكسسوارات المتعلقة بأثاث البيت الدمشقي والأزياء والموسيقا، وعكس روح دمشق القديمة من خلال تعتيق الصورة بالاعتماد على الإضاءة المناسبة البعيدة عن الألوان الفاقعة التي تترك أثراً على الوجوه وخيال الأشخاص، حتى الشارة متميزة وخاصة الصور الفوتوغرافية، كل هذه الأجواء خلقت من زمن البرغوت عملاً متكاملاً فعُرض على 14 محطة عربية وسيعرض بعد رمضان على 20 محطة، وهذا يؤكد أن العمل الناجح يفرض وجوده .


< تميز موسم دراما 2012 بحضور أعمال البيئة فما رأيك بها؟.

<< أقبل المنتجون على أعمال البيئة الشامية لأنها رائجة ومطلوبة ومحببة من قبل المشاهد العربي في كل الدول وليس في سورية فقط، لأنها تعود إلى الزمن الجميل، وإلى حميمية العلاقات الاجتماعية وتداخل النضال مع الحكايات الشائقة، ويرى فيها المشاهد استراحة تبعده عن أعباء الحاضر، لكن أغلبها متشابه، وبرأيي يجب أن يبتعد كتّاب البيئة الشامية عن النمطية والتكرار ويتخطون المألوف في الكتابة عن البطل الإيجابي المنتصر، والمضي باتجاه آخر يعالج بمنطقية مفاصل الحياة في البيئة الشامية القديمة لتكون أقرب إلى الموروث الشعبي والتراث الحقيقي، يعني الكتابة للبيئة بحاجة إلى قفزة نوعية لتصبح لدى المخرجين فرصة لقبول الأفضل والحفاظ على مكانة هذه الأعمال .


< وما رأيك بتسويق الأعمال الدرامية على القنوات السورية ؟.

<< الأزمة التي يمرّ بها بلدنا سورية لم تؤثر على إنتاج الدراما وتسويقها فأنتج ما يقارب 25 عملاً، وهذا العدد مقبول، والأعمال السورية التي أنتجها القطاع العام ممثلاً بالمؤسسة العامة للإنتاج، والأعمال التي أنتجها القطاع الخاص، والأعمال ذات الإنتاج الخارجي تُعرض على أغلب المحطات العربية، الأمر الهام هو التسويق الداخلي والعرض على المحطات السورية في القناة الفضائية وسورية دراما والدنيا، وهذا ما طالب به المنتجون والمخرجون والقائمون على صناعة الدراما في ملتقى الدراما الأول، لأن التسويق المحلي يحمي الدراما السورية ويبعدها عن الرأسمال الخارجي والتحكم بالعرض والطلب، وقد دفعت القنوات السورية مبالغ مادية جيدة تؤمن الربح المادي للمنتجين، وهذا يفتح الباب لظهور قنوات خاصة جديدة لعرض المنتج السوري أسوة بتونس ومصر التي تملك 15 محطة وتنتج عشرات الأعمال التي تحقق إيرادات من الداخل قبل عرضها في الخارج، ونحن نستطيع أن نفعل ذلك أيضاً، ويمكن أن تضاهي إحدى هذه المحطات أهم المحطات العربية، ويأتي المعلن إليها من الأردن والجزائر والخليج والمغرب، لأن الحضور القوي يفرض نفسه، وتستطيع في الوقت ذاته أن تملك حق العرض حصرياً، كل هذا يصب في بوتقة حماية الدراما السورية، وما أُنجز هذا العام خطوة جيدة نأمل تطويرها .

< وما تقييمك للأعمال الاجتماعية والكوميدية لموسم 2012؟.

<< الأعمال الاجتماعية بصورة عامة جيدة طرحت بجرأة المسائل الحساسة والقضايا المعاشة، وأعمال القطاع العام كانت نوعية مثل "أرواح عارية" الذي لامس خطوطاً شائكة تطال المرأة ومرحلة المراهقة وتفاصيل الحياة الأسروية، وكذلك "المفتاح" الذي عالج الثغرات القانونية التي ينفذ من خلالها الفاسدون، وعلى صعيد التاريخ المعاصر كان "المصابيح الزرق" الذي يحكي ملحمة وطنية إنسانية تعرض عذابات شعبنا أثناء الحرب العالمية الثانية، وعلى صعيد آخر أوجد مناخاً مقارباً لروح البيئة الساحلية، وما تابعته من أعمال القطاع الخاص يوحي بنوعية جيدة، أما فيما يتعلق بالكوميديا فلاحظت تراجعاً ملحوظاً لأعمال الأجزاء والأعمال الجديدة، ويعود هذا إلى الاستسهال بالكتابة والمبالغة بالحركات والأداء.


< تعقيباً على كلامك ما رأيك بانقسام أبطال الكوميديا وإنتاج أعمال خاصة مثل سيت كازو(أبو جانتي ج 2 )؟.

<< سر نجاح الكوميديا يعود إلى البطولة الجماعية، لنتذكر النجاح الكبير الذي حققه "الخربة، وضيعة ضايعة"، وبغض النظر عن نجاح أو فشل أي عمل، فأنا مع البطولة الجماعية التي تجمع أبطال الكوميديا الموهوبين في عمل واحد بإدارة مخرج متميز، ومع احترامي للأعمال المقدمة، إلا أنها لم تحقق النجاح السابق، وأرى أن لوحات بقعة ضوء تقدم ومضات جميلة وشائقة ومكتوبة بشكل جيد لأنها حافظت على روح الجماعة .


< ننتقل إلى الدراما المصرية كيف ترى عودة عادل إمام إلى الدراما التلفزيونية وإلى الجمهور العربي من خلال عمل" فرقة ناجي عطا الله؟".

<< لا شك بأن الفنان عادل إمام نجم كبير وله حضور آسر ومكانة خاصة في قلوب العرب ككل، كما شاهدنا بدأ العمل بفكرة التطبيع ثم انحرف المسار الدرامي، ليقوم على فكرة افتراضية تخيلية وهي سرقة أكبر بنك في تل أبيب، ومن ثم توزيع الأعمال على مشروعات تخدم المقاومة، في كل الأحوال كنت أتمنى أن يعالج العمل قضايا وطنية وقومية أكثر واقعية تلامس واقع المقاومة في فلسطين والجنوب اللبناني، وأن يكون عادل إمام وسيلة خطاب مباشرة لنقل مضامين إنسانية وفكرية وقومية للعالم العربي، كنت أتمنى أن تماثل عودته عودة دريد لحام في "الخربة".. ورغم ذلك فأنا لا أنتقص من الجهد الكبير الذي بذله الفنان عادل إمام في هذا العمل، ولا من الإمكانيات الإنتاجية الضخمة التي وُضعت لإنجاحه، لاسيما أنه صُوّر في عدة دول، منها غزة .

< ستباشر بعد رمضان بتصوير عمل" الشيخ أحمد ياسين" كيف تقرأ هذه الشخصية؟.


<< أحمد ياسين أحد رموز المقاومة ومؤسس حركة حماس ورئيس المجمع الإسلامي في غزة، يقدم العمل صورة واقعية لمراحل حياته وشخصيته، إنه رجل قوي بعيد عن التزمت، متصالح مع جميع الجهات عكس ما نشهده في الواقع الحالي للساحة الفلسطينية التي تشهد نزاعاً بين أطرافها، ويمضي الخط الدرامي بالتركيز على الأبعاد الإنسانية للشيخ ياسين والمتداخلة مع الخلفية النضالية له واستشهاده الذي تمّ بطريقة مؤثرة بانفجار صاروخي بعد خروجه من المسجد لتأدية صلاة الفجر، ويتطرق العمل أيضاً إلى الشخصيات التي ارتبط بها بعلاقات وجدانية مثل الأب عطاالله حنا ضمن حالة وطنية تكرس التعايش الديني والتلاحم الوطني، إضافة إلى عدة شخصيات تتصاعد من خلال الأحداث الدرامية التي تؤكد بأن المقاومة هي الطريق الوحيدة للسلام، وقد صرحتُ سابقاً بأن الشيخ أحمد ياسين يستحق أن يُذكر في التاريخ المرئي وليس المكتوب على ورق فقط، كتب السيناريو محمد عوض، وإخراج عبد الباري أبو الخير، وسيصوّر في عدة دول، لكن أغلب المشاهد ستكون في سورية للبيئة الجغرافية المشابهة لفلسطين .

* في نهاية حوارنا ماذا عن مشروعاتك القادمة؟.

<< اعتذرتُ عن عمل "حسن البنا" مؤسس جماعة الإخوان المسلمين لتأخر السيناريو النهائي، وبعد رمضان سأبدأ بـ"طوق البنات"، وهو من أعمال البيئة الشامية إنتاج شركة قبنض، سيناريو أحمد حامد، وقد أعجبني النص لأنه يتحدث عن صراع الثقافات العربية والغربية في فترة الاحتلال الفرنسي، إضافة إلى قضايا اجتماعية متعددة تعكس واقع الحياة الدمشقية بكل مفاهيمها، أجسد فيه دور (أبو طالب)، وهو شخصية محورية يؤدي دوراً هاماً في تصاعد الأحداث .