2013/05/29

رشيد مشهراوي: اللغة السينمائية أمل المستقبل
رشيد مشهراوي: اللغة السينمائية أمل المستقبل


رفيف الخليل – دار الخليج

رغم الحصار الخانق الذي تفرضه “إسرائيل” على الفلسطينيين وعلى تحركاتهم اليومية والحياتية إلا أن الصور التي فرضها المخرج الفلسطيني “رشيد مشهراوي” في فيلمه الوثائقي “أرض الحكاية” هي من تكلمت قبل أن ينطق “العتال” الذي يتجول بعربته في شوارع القدس القديمة، وفي كل مرة تأتي السينما الفلسطينية بملامح سينمائية مختلفة تقترب من حقيقة الأرض وأصحابها، هذا ما كان واضحاً في فيلم المخرج رشيد مشهراوي الذي تحدث من خلال هذا الحوار عن عرض الفيلم الأول من خلال مهرجان دبي، وحيثيات تصويره والآمال التي تتجدد وروح السينما الفلسطينية بعيون سينمائيي الجيل الجديد .

* لغة الصورة هي من تتكلم في فيلمك الوثائقي “أرض الحكاية” الذي عرض للمرة الأولى عالمياً عبر مهرجان دبي؟

- “أرض الحكاية” هو فيلم يحكي تاريخ القدس القديمة من خلال صور قدمها ثلاثة مصورين كل واحد منهم ينتمي لجيل وفترة زمنية مختلفة برموزها ودلالات الحياتية والجغرافية والإنسانية، وتركيزي على الصورة ليس لنقل كيف نعيش اليوم في القدس ولا كيف كنا نعيش فيها في الماضي، بل قصدت الإشارة إلى الحياة العربية الفلسطينية قبل تكوين دولة إسرائيل وقبل الاحتلال .

* ما المرمى من تجسيد شخصية “العتال” في الفيلم؟

- تجوال العتال في شوارع القدس له بعد إنساني وتاريخي وجغرافي فهو يمر بعربته في كل الأمكنة، ويرصد بعينيه التغيرات وملامح الوجوه وشريط الأحداث وأردت من خلال جولة العتال هذه أن أجعل المشاهد يتجول معه ويرى المقدسات والمحال القديمة وتصاميم البيوت وتجمعات الشرطة والمستوطنين اليهود وكل من يمر في الشارع على شكل صور حقيقية من قلب القدس القديمة .

* هل واجهتك صعوبات في أثناء التصوير في القدس، خاصة أنك مقيم في “رام الله”؟

- بغض النظر عن تصوير الفيلم، نحن الفلسطينيين نحتاج إلى تصريح خاص للذهاب إلى القدس، وفي بعض الأحيان نضطر إلى أن نسلك طرق التفافية لا يوجد بها حواجز توصلنا إلى القدس بشكل مباشر، وبالنسبة لظروف تصوير فيلم “أرض الحكاية” لم تكن سهلة خاصة أن التصوير كان داخل القدس القديمة لذلك ساعدني صديقي “عيسى فريج” في مواصلة التصوير ونسب الفيلم له لكونه يحمل تصريح الدخول ويقيم في الداخل وبهذا خفف علي وطأة تدخل “الإسرائيليين” وكثرة أسئلتهم حول هذا العمل .

* هل تحبطك هذه المصاعب وتؤثر في عملك في السينما؟

- على العكس تماماً، فأنا سينمائي منذ أكثر من 30 عاماً وعملت الكثير من الأفلام الروائية والوثائقية في الماضي التي تم عرضها في مهرجانات عالمية عدة، ولم تخرج إلى النور إلا بعد مشقة كبيرة ومخاطرة حقيقية لفريق العمل في أثناء التصوير، وأذكر عندما كنا نصور أحد الأفلام في سنة 2000 وقت انتفاضة الأقصى الثانية، وكنت أنبه فريق العمل إلى أن يحتموا بجسم الكاميرا الكبير من الرصاص الذي كان يأتي من كل صوب، وأحياناً أضطر إلى ترك مصور مع كاميرا صغيرة في الليل داخل أحد البيوت الفلسطينية المحتلة على أيدي الجنود “الإسرائيليين” الموجودين مع العائلات الفلسطينية داخل بيوتهم وكان المصور يسرق لقطات خلسة بدون علمهم، وبالرغم من الاحتلال والضغط السياسي المميت إلا أننا باقون على أرضنا نُوثّق حاضرنا وماضينا رغم كل شيء .

* يتسم الطرح السينمائي في أعمال السينمائيين الفلسطينيين في المهرجان بالابتعاد عن مسألة التعاطف مع القضية الفلسطينية، ووضع المواطن في قالبين إما الضحية أو البطل، هل توافق هذا الاتجاه؟

- أنا مع اللغة السينمائية التي تعطي أملاً وحباً وحياة للمستقبل، وأتمنى أن يستمر الجيل الجديد من الشباب الفلسطيني في تغيير ملامح الأفلام وعدم التركيز على البعد السياسي ووضع الاحتلال ويعبروا عن الحالة الفلسطينية بفن راقٍ تتحدث فيه السينما ليس عن الفلسطيني الضحية الذي يتعاطف معه العالم، ولا عن البطل، فمن الواجب على السينمائيين الشباب أن يطوروا السينما برؤية فنية حقيقة لا تعتمد على نقل القصة كما هي من الواقع، لأن هذا الأسلوب يكون أكثر في التلفزيون، فالابتعاد عن خط السياسة هو أسلوب فني يغير ملامح الأفلام الفلسطينية التي تعتمد على الشعارات والشكوى والخطابات المباشرة .

* ما رأيك بمستوى الأفلام التي عرضها المهرجان خاصة أنك كنت رئيس لجنة التحكيم في دورات عدة ماضية؟

- مهرجان دبي السينمائي له طابعه الخاص وهو ملتقى يضم مجموعة كبيرة من السينمائيين العرب والأجانب، وهذه الدورة من المهرجان مهمة جداً وتميزت أكثر من السنة الماضية حيث تضمنت مستوى عالياً من الأفلام السينمائية في المواضيع المطروحة والقيمة الفنية والأبعاد السينمائية .

* هل لديك مشاريع سينمائية جديدة؟

- نعم، فمن خلال برنامج “إنجاز” سننتهي من فيلم روائي طويل بعنوان “فلسطين ستيريو”، وهو إنتاج مشترك مع مهرجان دبي ويخضع الفيلم حالياً لعمليات المونتاج الفنية، وبعد شهرين سيكون قد شارف على الانتهاء، وهذا البرنامج أسهم في دفع الحركة السينمائية العربية ودعم الأفلام مادياً، وأهميته تكمن في التنوع بالمحاور السينمائية المطروحة وأشكالها الفنية كالوثائقية والروائية .