2012/07/04

رياح التغيير تعصف بمخرجي الثمانينات
رياح التغيير تعصف بمخرجي الثمانينات


محمد رضا – دار الخليج

يثير التعجّب كيف أن النقاد، من دون تحديد هوية كون الظاهرة منتشرة، باتوا ينسون قبل سواهم المخرجين الذين لمعوا ولو في الفترة القريبة . لا نتحدّث عن  الفرنسي لوي مال والبولندي كريستوف زانوتسي والإيطالي إيليو بتري والمجري ستفيان شابو والبريطاني كن راسل وسواهم من مخرجي السبعينات ومطلع الثمانينات من القرن الماضي، فهذا قد يكون صعباً على ذاكرة البعض، بل عن المخرجين الذين ثابروا على الإبداع من أواخر الثمانينات حتى السنوات الأخيرة من التسعينات، ثم غابوا عندما واصلت الرياح الجري بما لا تشتهي أنفسهم .

نتحدّث بالتالي عن سبايك لي الذي قدّم “حمى الغابة” و”مالكولم أكس” و”كروكلين” و”أفعل الشيء الصحيح” وعن ديفيد لينش الذي اعتبر اكتشافاً في عام 1988 عندما قدّم “مخمل أزرق” وتبعه ب “متوحش في القلب” و”الطريق المفقود” و”قصّة ستريت” . ونتحدث عن جيم يارموش، المبدع الذي جعل من أفلامه الصغيرة أساطير جميلة مثل “قهوة وسجائر” و”أغرب من الجنّة” و”القطار الغامض”، وقبل بضع سنوات “زهور مكسورة”، ثم عن ألكسندر باين الذي أحب النقاد فيلمه الأخير “طرق جانبية” (2004) وسبق له أن قدّم جاك نيكلسون في دور رائع في فيلم بعنوان “حول شميد” (2002)، وجون سايلس، المخرج غير المقدّر (ولا المُشاهَد كفاية) صاحب أفلام جيّدة تحمل قضايا مثل  “لون ستار” و”رجال مسلّحون” و”مدينة فضيّة” و”أميغو” (آخرها) .

وهناك العديد ممن تابعهم المرء في المهرجانات كما في العروض التجارية القليلة التي أتيحت لهم . ممن شغلوا أنفسهم بمسائل فنية مهمّة غلّفت ما لديهم سرده وقصّه من حكايات الشخصيات التي لديها ما تشغلنا به من مسائل هي منّا وفينا أو، في أسوأ الأحتمالات، تهمّنا لأنها حقيقية ومتعارف عليها .


ما الذي حدث؟

من أين نبدأ؟ من التكنولوجيا المتقدّمة بعناد لإخماد الأنفس المستقلّة في حياة اليوم وتحويل الناس إلى أجساد مسلوبة من أرواحها أم الحكومات التي إما لا تكترث أو ليس لديها مال لتكترث، أو الناس التي لم يعد يشغلها من السينما سوى “البوب كورن” والكثيرون الذين يرضون بترك الجزء المفكّر من الدماغ عند باب الصالة قبل دخولهم . هناك بعض الحركة عند عدد من هؤلاء المذكورين .

وفي حين أن جون سايلس منكبّ على كتابة وتصليح سيناريوهات لكي يعتاش، نجد أن المخرج ألكسندر باين سيعود إلى الظهور في أواخر هذا العام حال ينتهي من مراحل بعد التصوير من فيلمه الجديد “الأحفاد” متمتّعاً بتأييد جورج كلوني في دور البطولة .

جيم جارموش أنجز كتابة فيلم يستعد للبدء بتصويره مزوّداً بتأييد بضعة ممثلين يهتمّون بالقيمة الفنية في أعمالهم ومنهم تيلدا سوينتون وجون هيرت ومايكل فاسبندر . الفيلم لا يزال بلا عنوان .

ومثل حال جون سايلس، يبحث ديفيد لينش عن التمويل وحسب آخر المعلومات عنه، فإن المخرج ذا الأسلوب البصري النافذ، ليس لديه أي مشروع حالياً باستثناء تحقيق بضعة أفلام قصيرة أقدم على تصوير أحدثها قبل أسابيع تحت عنوان “قبّعتان” .

هذا يتركنا مع المخرج الأفرو- أمريكي سبايك لي، الذي وبعد سنوات من عزلة مماثلة وقّع اتفاقاً لإخراج “أولدبوي”، وهو سيكون عن نص بالعنوان نفسه أخرجه الكوري بارك تشان ووك وترك تأثيراً كبيراً في من شاهده قبل نحو سبع سنوات .

“أولدبوي” يتحدّث عن رجل يخطف ويوضع في زنزانة كبيرة من قبل مجهول حيث يتحول المكان الى تحضير نفسي كبير يسبق إطلاقه من جديد لتقع المواجهة بين السجين وسجّانه . المشروع كان قد عرض على المخرج ستيفن سبيلبرغ منتجاً وول سميث ممثلاً، لكن هذا الارتباط المهني لم يقع .

في النهاية، قد يستطيع كل هؤلاء العودة وتعويض بعض خساراتهم عن السنوات التي مضت من دون عمل، لكن الخوف لا يزال يترصد خصوصاً أن عالمنا وصل إلى حضيض ثقافي خطر يضيف عبئاً على الأفلام المستقلّة فعلاً ومبدعيها .