2012/07/04

"ريم حنا" ورحلة "ذاكرة الجسد" من الرواية إلى التلفزيون
"ريم حنا" ورحلة "ذاكرة الجسد" من الرواية إلى التلفزيون


أنا أنتمي إلى الدراما الاجتماعية السياسية


المقارنة بين اقتباس رواية "حنا مينا" واقتباس رواية "أحلام مستغانمي" كانت ظالمة.


لستُ مع أية ضجة إعلامية تسبق أي عمل فني.


إذا أعادوا قراءة رواية "ذاكرة الجسد" يمكنهم تخيّل حجم المأزق الذي وقعت فيه.


يبدو أننا بحاجة لإعادة دراسة تكوين اللجنة التي رشحت الأعمال في "أدونيا".


أخافني اختيار "آمال بوشوشة" لدور حياة ولكنها أبهرتني.

خاص بوسطة- رامي باره


تميزت أعمالها دائماً بالسعي وراء دوافن شخصياتها، فأجادت تقديم الشخصيات المركبة لنبحر معها في رحلةٍ لسبر الأغوار واكتشاف المشاعر والافكار، دون أن تنسى أبداً إحكام قصتها، فلم يكن غريباً على ريم حنا، التي شاكست بين جميع الأنواع الدرامية، أن تقبل تجربة جريئة في اقتباس "ذاكرة الجسد" بعد أن رفضها أكثر من سيناريست خوفاً من الفشل.


ريم حنا والدراما التلفزيونية


كيف استفدتي من ريم حنا الشاعرة والصحفية في كتابة الدراما التلفزيونية؟


الكاتب دائماً يستفيد من مفرداته المتراكمة من خلال عمله المهني أو الإبداعي، وأنا شخصياً استفدت من ناحية العناية باللغة والبحث عن جماليات المعنى في الدراما الاجتماعية المغرقة في الواقعية، فأنا لست دائماً عفوية في المفردات لأنني أحياناً كثيرة أبحث عن الكلمات المنمقة.

ألا يجد الشاعر صعوبة عندما ينتقل من عالم المجردات والأفكار المعنوية إلى عالم الدراما المليء بالمحسوسات والواقعية؟


لا بالعكس فالشاعر أقدر في التعامل مع الصورة، والشعر فادني في كشف عوالم الأحاسيس والمشاعر التي تعيشها الشخصيات، ووجهني للبحث في دواخل شخصياتي أكثر من ظاهرها الخارجي.

والصحافة؟


الصحافة ساعدتني بمعنى أن أجري بحث علمي في كل موضوع أكتب عنه، فمثلاً عندما أريد الكتابة عن المراهقين فمن المفترض أن أجري بحثاً عن هذه الشريحة، لكي أشكل خلفية واقعية وصحيحة عن الموضوع الذي سأنطلق بكتابته.

بما أننا نتحدث عن المراهقين، أعلنتي سابقاً بأن نصك "المثل الأعلى" الذي يتناول هذه الشريحة سيكون من إخراج "مروان بركات" وبطولة الفنان "بسام كوسا"، أين أصبح المشروع اليوم؟


نحن في منتصف الطريق، ومن المفترض أن يبدأ التصوير في أوائل السنة القادمة.

ما الذي جذبك إلى عالم المراهقين؟


غموض هذه الشريحة بالنسبة لي، ووجود فجوة كبيرة بيننا وبينهم، فنحن نعتقد بأننا أوصياء عليهم في حين أنهم ينظرون إلى أنفسهم كأبناء لهذا العصر وأولاد للتطور وللتقنيات والاتصالات الجديدة، فهم برأيهم قطعوا شوطاً متقدماً عنا نحو المستقبل، ويعتبرون أنفسهم أذكى منا فينطرون لنا نظرة تخلف.

أيضاً هناك حديث عن عمل (لايت كوميدي) سيخرجه أخوكِ "رامي حنا"؟


من المبكر الحديث عن هذا المشروع، فعليّ أن أنتهي أولاً من "المثل الأعلى" ومشروع آخر يليه قبل أن انتقل إلى الكوميديا مجدداً.

من المعروف أن "ريم حنا" مقلة في الأعمال، فهناك فترات طويلة بين العمل والآخر؟


حالياً أحاول أن أغير في حركية عملي، وأعتقد أن المسافات الزمنية الطويلة التي تفصل بين أعمالي تعود للمزاج الذي يلعب دوراً، وللوقت الذي استغرقه في إقناع نفسي بأن العمل الذي بين يدي هو حقاً ما أنوي تقديمه.

قفزات كبيرة بين أعمالك الدرامية، من "أحلام مؤجلة" إلى السياسة في "ذكريات الزمن القادم" و"رسائل الحب والحرب" ومنها إلى الاقتباس التلفزيوني في "ذاكرة الجسد" واليوم إلى عالم المراهقين، وغداً عودة إلى الكوميديا، كيف تحافظين على أسلوبك الخاص بين هذه الأعمال المتفاوتة في طبيعتها؟


هذه هي الحياة في تنوعها بين الكوميديا والسياسة والاقتصاد... فهي مزيج من كل شيء، ولا يمكنني أن أفصل تماماً بين هذه الأنواع، ففي "الفصول الأربعة" مثلاً تطرقت لعدة مواضيع متنوعة رغم أن قالب المسلسل الأساسي هو اجتماعي (لايت كوميدي)، فالكوميديا لا تعني فقط إضحاك الآخرين، فرغم محبتي للضحك وأمنيتي في التمكن من إضحاك المشاهد، إلا أنني من خلال الضحكة أحاول تقديم شيء غير مباشر، فأنا أقدم الكوميديا دائماً من خلال موضوع آخر.

بين العمل الكوميدي والسياسي والاجتماعي والاقتباس، أين وجدت نفسك بارعة أو ناجحة أكثر؟


بغض النظر عن النجاح أو الفشل، أنا أشعر بأني أنتمي إلى الدراما الاجتماعية السياسية، ولكنني دائماً أضع في عملي شخص أو شخصية كوميدية لأن العمل الاجتماعي يحتوي كل شيء، وعلى الكاتب أن يخوض في جميع الأنواع رغم النجاح الذي يمكن أن يحققه في نوع أكثر من آخر، ولكنني لست مع الفصل الدقيق في اختصاص المؤلف، لأن الكاتب يمتهن مهنة التأليف لأنه يحب الحديث عن كل شيء.

ذاكرة الجسد


لنبدأ حديثنا عن "ذاكرة الجسد" من شارة المسلسل، فلقد كنا مقتنعين (نحن السوريون) بأن تألقنا هو في صناعة الدراما، أما صناعة الغناء فهي من نصيب الآخرين، ولكنك ومع كلمات الشارة هززتي هذه النظرة، من أين أتيتِ بهذا الكلام؟!


لم أكن متوقعة أن يطلبوا مني كلمات أغنية الشارة، فكنت أعتقد بأن إحدى القصائد الموجودة في الرواية سيتم غنائها للشارة، ولكن مخرج العمل "نجدة أنزور" طلب مني كلمات على لحن أغنية شهيرة لـ"إيديت بياف" سبق وذكرتها في النص أكثر من مرة ضمن الأجواء الباريسية في المسلسل، وأنا أحببت الفكرة كوني كنت منتهية من كتابة الحلقات، فحاولت وضع كلمات شبه مجردة استوحيتها من جوهر الرواية عن الأسئلة التي لا تجد أجوبة، واضعةً في حسباني لحن الكلمات الفرنسي، ولكن الملحن "شربل روحاني" حوّلها إلى الروح الشرقية فبدت أكثر جمالاً.

لماذا وافقتي على اقتباس رواية رفضها أكثر من كاتب وورشة سيناريو بعد أن خافوا من الخوض في هذه التجربة؟


أظن أني وافقت بدافع من الجرأة، فعندما كنت طفلة كانت هوايتي في أن أجد نهاية من مخيلتي لأي قصة أقرأها أو أي فيلم أراه، (ضاحكة) فلعل هذه التجربة كانت بمثابة عودة للممارسة تلك الهواية الطفولية لدي.

من الندوة السابقة التي شاركتِ بها والتي كان موضوعها اقتباس الرواية في التلفزيون، تبيّن أن الكاتب حسن م. يوسف كان مرتاحاً في تعامله مع حنا مينا أكثر منكِ مع "أحلام مستغانمي" التي راقبت جميع التفاصيل عن كثب، وتواجدت في مواقع التصوير في الجزائر وفرنسا، وانتقدت آداءك أكثر من مرة، هل أثر هذا الاقتراب على حريتك في اقتباس الرواية؟


بالتأكيد لا، ولكن المقارنة بين اقتباس رواية "حنا مينا" "نهاية رجل شجاع" واقتباس رواية "أحلام" كانت ظالمة، لأن رواية "حنا مينا" رواية كلاسيكية تعتمد على الحدث بالدرجة الأولى، أما رواية "أحلام مستغانمي" فتعتمد على السرد الذاتي بمعنى (المونولوج)، بالإضافة إلى قلة الذروات في رواية "ذاكرة الجسد" والتي يمكن تلخيصها بثلاث ذرى، وهي قطع يد "خالد بن طوبال" في حرب التحرير، ووقعه في حب "حياة" (ابنة قائد الثورة) وزواجها بغيره، والذروة الأخيرة هي الأحداث الدامية في الجزائر ووفاة أخيه، فكانت مهمتي البحث في دواخل هذه الشخصيات وتخيّل مصائرها الممكنة ليكون المسلسل منجزاً بثلاثين حلقة.

المخرج "نجدة أنزور" عمِل على إثارة ضجة إعلامية كبيرة حول المسلسل قبل عرضه على الفضائيات، برأيك هل جاء هذا

الصخب الإعلامي لمصلحة العمل؟


المسألة ليست فقط رغبة من "نجدة" بل كانت رغبة "أحلام مستغانمي" أيضاً، ولكنني شخصياً وبالعموم لست مع أية ضجة إعلامية تسبق أي عمل فني بما فيه "ذاكرة الجسد"، لأنك بذلك قد تضع المتلقي في حالة توقع وترقب لاتجاه معين وقد تصدمه فيما بعد باتجاه مغاير، فمن الأفضل أن ندع المشاهد يتابع ويستنتج ويحب أو يكره بنفسه دون مقدمات أو تهييء مسبق لما سوف يشاهده.

كيف تعرفتِ على أجواء الجزائر قبل أن تكتبي العمل؟


أنا لم أزر الجزائر مطلقاً، ولكنني حاولت أن أقرأ كل شيء عن فترة الثمانينيات في الجزائر بما فيها التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولا أنكر بأن هذه المسألة كانت إحدى الصعوبات التي واجهتني في كتابة العمل.

كيف وفقتي بين خصوصية الرواية وخصوصية الدراما التلفزيونية؟


لقد كنت في الحلقات العشر الأولى شديدة الإخلاص للرواية، ولكنني وخلال هذه الحلقات كنت أؤسس للعلاقات وللأحداث التي سأضيفها فيما بعد، لقناعتي باستحالة تحويل الرواية بما هي عليه إلى ثلاثين حلقة تلفزيونية، فعملت على تعميق شخصيات ذُكرت بشكل عابر في الرواية مستغلةً تلك الشخصيات لملء السنوات الست المقطوعة في الرواية، وكأنها رغبة في معرفة حركة مصائر الشخصيات خلال الأعوام المجهولة، فخرجت مع الشخصيات خارج الرواية لأعود في النهاية إلى أقدارهم الموضوعة في الرواية.

رغم جماهيرية الرواية إلا أن بعض النقاد اعتبروها أشبه بمذكرات أو خواطر شخصية صيغت بلغة جيدة دون أن ترتقي لمستوى الرواية، بعيداً عن المسلسل وجماهيرية الرواية ما رأيك الشخصي بالرواية؟


أنا انظر إلى صوت النقاد، فأهم ما في الرواية هو اللغة أما الأحداث فمحدودة، فالحدث اللامع والبراق في الرواية هو مثلث الحب المستحيل بين "خالد بن طوبال" و"حياة" والشاعر الفلسطيني "زياد"، وهذا ما حاولت التركيز عليه بكثرة معتبرةً إياه الخط الأساسي الذي جذب القارئ إلى الرواية.

تحويل ذاتية الرواية إلى (مونولوج) أو سرد ذاتي في المسلسل ألم يؤثر سلباً على العمل التلفزيوني الذي قد لا يتناسب مع أسلوب المعالجة هذا؟


بعض الناس انتقدوا سرد الأحداث من طرف شخصية واحدة في الحلقات الأولى، وهذا حقهم لأنهم ينتظرون من الدراما الأفعال، ولكن إذا أعادوا قراءة الرواية يمكنهم تخيّل حجم المأزق الذي وقعت فيه، بالإضافة إلى أنني لا أرى أن وجود السرد أو راوي هو عيب في العمل الفني، ففي السينما مثلاً هناك كثير من الأعمال الناجحة التي اعتمدت على راوي واحد يروي الأحداث من البداية حتى النهاية، ورغم أن هذا الرواي قد يروي الأحداث من وجهة نظره الشخصية في أحيان كثيرة، حتى في الدراما الإذاعية هناك تجارب اقتباس للرواية لاقت نجاحاً رغم السرد، ومنها تجربة "هالة السوسو" التي قامت بتحويل الروايات إلى أعمال إذاعية منطوقة باللغة العربية، وقدمت لنا أعمالاً إذاعية متقنة.

وأن بصراحة كنت في الحلقات الخمس عشرة الأولى سجينة هذا السرد وسجينةً للغة الرواية الجميلة، وهناك كثير من المشاهدين انجذبوا إلى لغة العمل، لكنني فيما  بعد كنت أكثر حرية فحوّلت هذا السرد إلى حوار وصراع درامي بين الواقع والخيال لأعبر عن الهواجس الداخلية الكبيرة التي عاشها "خالد" تجاه "حياة".

رغم الجهد المبذول في اقتباس الرواية لم ينل النص نصيباً من ترشيحات أدونيا، كيف تفسرين عدم الترشيح؟


(تطلق ضحكتها الرنانة مجدداً)... لا أعرف ماذا أقول؟!

هل فاجأتكِ الترشيحات؟


نعم.

حتى المخرج "باسل الخطيب" في السنوات السابقة كان ممتعضاً من عدم ترشيح "أدونيا" لـ "رسائل الحب والحرب" عن أفضل عمل متكامل أو أفضل إخراج، هل في لجنة "أدونيا" ما هو ضد أعمال "ريم حنا"؟


ربما، أنا أرى اللجنة منقسمة إلى ثلاثة أجزاء، الثلث الأول منها موضوعي ولديه إنجازات قدمها وأثبت وجوده بها وبالتالي مهما كان رأيه بـ"ريم حنا" أنا أتقبله، أما الثلث الثاني فهو لتصفية الحسابات، أما الجزء الأخير فهو غير مؤهل أو غير قادر على تحليل وتفكيك العمل الفني، فإشكاليتي هي في تكوين هذه اللجنة، فيبدو أننا بحاجة لإعادة دراسة تكوين هذه اللجنة.

المسلسل لم يحظَ بجماهيرية الرواية؟


بشكل عام أنا كنت منفتحة ومتهيئة لكل أشكال الردود الواقعة على العمل، سواء التي ستحب الرواية أكثر، أو التي لم تعجب بالرواية الورقية أصلاً، ولكن أنا ليس لدية مشكلة تجاه هذه الجماهيرية إن لم تتحقق، ما يهمني هو مدى الإخلاص الذي قدمته للعمل.

تحديد الممثلين الذين سيمثلون العمل قبل كتابته كيف أثر عليكِ؟


لقد وضعت في اعتباري ما يمكن لـ "جمال سليمان" أن يقدمه للدور، وأنا لدي ثقة بحضور وعمق وثقافة ونجومية "جمال سليمان"، ولكن الذي أخافني هو اختيار الفنانة "آمال بوشوش" لأنها أول مرة ستمثل، ولكنها فاجأتني وأبهرتني بآدائها فهي أيضاً كانت تستحق جائزة "أدونيا" عن أفضل ممثلة.

في النهاية كيف تقيمين هذه التجربة؟


جيدة.. ولكن ربما لو كان العمل من تأليفي أنا لكان تقيمي للنتائج مختلفاً، لأنني في تجربة الاقتباس هذه طوال الوقت كنت أشعر بأنني أكتب مسلسلاً لشخصٍ آخر.

بورتريه لـ "ريم حنا"

"ريم حنا" مشهورة بضحكتها الرنانة، هل هي فعلاً تحمل تلك الضحكة في داخلها؟


الضحكة موجودة بالفعل ولكن هناك أشياء أخرى كثيرة موجودة بجوارها.

لقد عايشتِ سابقاً تجارب قاسية مع الموت، كيف تقرأينه بعد هذه السنوات؟


أشعر به بجانبي كل الوقت، فدائماً أسأل نفسي من سيكون التالي.

وهل تخافينه؟


ليس بمعنى الخوف وإنما بمعنى الحذر وكأنه شخص مشاكس يسير قربي وأنا ألعب معه لعبة (القط والفأر).

كاتبك وكتابك المفضل؟


أحب "كونيدرا" كثيراً، وأحب رواية "الخلود".

أغنيتك المفضلة؟


أحب أغنية يغنيها "محمد منير" وهي على ما أعتقد كانت لـ"سعد عبد الوهاب" وعنوانها "الدنيا ريشة هوى"، أشعر بأن هذه الأغنية تعبر كثيراً عن حياتنا.

عمل تلفزيوني أحببته ليس من تأليفك؟


"تخت شرقي" لـ "يم مشهدي"

هل أنتِ مع الجرأة؟


نعم وأنا مع أي عمل فني يرفع السقف ولو سنتيمتر واحد نحو الأعلى.

شكراً لكِ؟


ولكم أيضاً