2012/07/04

«زمن البرغوت» دراما شامية خارج الأسوار هل يكسر طوق الصورة النمطية؟
«زمن البرغوت» دراما شامية خارج الأسوار هل يكسر طوق الصورة النمطية؟


ماهر منصور – السفير


يعد صناع مسلسل "زمن البرغوت" للكاتب محمد الزيد والمخرج أحمد ابراهيم أحمد، بالشكل لا بالمضمون، بأن يتقاطع مسلسلهم الجديد مع ما سبق وقدم من أعمال في الدراما البيئة الشامية، وذلك بحكم جغرافية الحكاية ومتطلباتها الزمانية.

أما مضمون الحكاية وطريقة معالجتها فهما حصان رهانهم في سباق الدراما الشامية. ففي "زمن البرغوت" لا حكاية مغلقة على أصحابها في حارة مغلقة أو حارة تطل على من حولها بخجل، وإنما تتعدد فضاءاتها المكانية بين الريف والمدينة البادية، بما يجعلها حكاية لصورة مصغرة عن المجتمع السوري. كما تتنوع قصصها الاجتماعية المأخوذة بحدث سياسي رئيسي أثر على المنطقة في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وحتى منتصف العشرينيات. وهي فترة ألقت بظلالها السياسية الثقيلة على حياة المواطن الدمشقي اليومية. فبالإضافة إلى السوْق التعسفي الإجباري للشبان في ما عرف بـ"السفر برلك"، كان الفقر المدقع وشح الأرض والفساد تعم المنطقة، إلى أن جاءت انطلاقة الثورة العربية الكبرى يومها لتشكل خلاص المنطقة، فاندفع الناس للمشاركة فيها.

كل هذه الأحداث من شأنه أن يمهد لحكايات اجتماعية متعددة، هي التي ستشكل المادة الدرامية لـ"زمن البرغوت"، تاركة الحدث السياسي خلفية لها. وعلى نحو مماثل سيتعامل المسلسل مع مسألة العادات والتقاليد، فهو خلافاً لعدد من المسلسلات الشامية السابقة، لن يقاربها بوصفها مادة درامية، بقدر ما ستكون جزءا من ملامح المرحلة واكسسواراتها.

يقترب العمل وفق ذلك على نحو كبير، في معالجته للفترة التاريخية وللبيئة الشامية، من مسلسل "طالع الفضة" الذي شاهدناه في العام الفائت. ولعل تجاوز الأخير سيشكل نقطة تحد رئيسية لـ "زمن البرغوت". وهو الأمر الذي قد يساعد فيه اختلاف المكان الجغرافي للحكاية الرئيسية. ففي "طالع الفضة" دارت الحكاية في الحي القديم الذي حمل الاسم ذاته، وهو يقع ضمن أسوار مدينة دمشق القديمة، ويتميز بنسيج اجتماعي وديني متنوع، بينما تدور الحكاية الرئيسية في "زمن البرغوت" في حي الميدان"، وهو من الأحياء الدمشقية القديمة الواقعة خارج الأسوار، وتتميز بنسيجها الاجتماعي الخاص.

كما أن كاتب العمل محمد الزيد، كما مخرجه أحمد ابراهيم أحمد يخوضان تجربتهما الدرامية الأولى في دراما البيئة الشامية، ولعل مطلوبا منهما التميز عما سبق وقدم. فالتشابه والتكرار والتقليد لن تكون في مصلحتهما حتماً. الأمر الذي قد يكونان وضعاه نصب عيونهما، وانعكس، مبدئياً، في خيارات حكايتهما الدرامية، فضلاً عن الرؤية الإخراجية للمخرج أحمد، التي تشي خياراته التمثيلية بأنه يحاول التفكير بعيداً عن فلك ما قدم سابقاً من مسلسلات، أقله في حرصه على تقديم وجوه تمثيلية جديدة على هذه النوعية من المسلسلات، مثل الفنان أيمن زيدان الذي سيقدم أحد الأدوار الرئيسية للعمل، والفنانة الجزائرية أمل بشوشة.

ويبقى عرض "زمن البرغوت" هو المقياس الرئيسي الذي نستطيع بموجبه تقدير كم أستطاع الكاتب الزيد والمخرج أحمد ابراهيم أحمد ، كسر طوق الصورة النمطية التي قدمت فيها الدراما البيئة الشامية، وكم بوسعهما تجاوز "طالع الفضة" باعتباره أنضج مقترح لهذه البيئة، وأين وقع الاثنان في هوة التقليد، وأين نجحا في أن يأتيا بجديد..؟

يشارك في العمل كل من أيمن زيدان، وسلوم حداد، ورشيد عساف، عبد الهادي الصباغ، صباح الجزائري، حسام تحسين بك، قيس الشيخ نجيب، محمد حداقي (بديلا عن الفنان مصطفى الخاني)، صفاء سلطان، مرح جبر، فاديا خطاب، عبد الفتاح المزين، أمانة الوالي، سليم كلاس، سحر فوزي، رضوان عقيلي، الى آخرين. والمسلسل الذي تمتد حكايته على ستين حلقة من إنتاج "شركة قبنض للإنتاج والتوزيع الفني".