2013/05/29

عرضت الفضائية السورية مساء الجمعة 07,08,2009 حواراً خاصاً مع زياد الرحباني أداره الممثل السوري بسام كوسا, وكان أن افتتح بسام كوسا الحوار بسؤالٍ بديهي: زياد (بدون ألقاب طبعاً), في فترة عشرة أشهر قدمت عدة حفلات في مناسبتين في سوريا, فهل تعتبر أن الجمهور السوري هو جمهورك, جمهور زياد؟.. بدا زياد وكأنه تفاجأ بالسؤال, بل لنقل أنه تفاجأ بتفاهة السؤال, فكان رده بسيطاً: إي, طبعاً...   لا أدري لم هذا الإصرار من المسؤولين عن فضائيتنا السورية بأن يقوم نجوم التمثيل بإدارة البرامج الحوارية- يقوم نضال سيجري بتقديم برنامجاً حوارياً مساء كل يوم خميس عنوانه (أنت ونجمك) فيه الكثير من مايسترو نيشان (الإعلامي المعروف), وفيه الكثير أيضاً من رتابة الأسئلة وتكرارها مع كل الضيوف, وحتى مع الضيف الواحد أحياناً.   هل خلت ساحتنا الإعلامية من محاورين جيدين؟ هل كل المعدين والمذيعين الذين يُتحفوننا يومياً بأقسى البرامج, وأغلظها, لا يستطيعون إدارة حوار مع زياد الرحباني, أو جيانا عيد، أو حتى ... الياس كرم؟   يتعلم المعد في بداية حياته المهنية أن من أساسيات الحوار الابتعاد عن الأسئلة التي يكون جوابها قاطعاً: نعم, أو لا... وذلك لترك للضيف فرصة الاسترسال في حديثه, أو توضيح وجهة نظره.. حتى هذه الفرصة كان يقطعها بسام كوسا- كما يفعل نضال سيجري مع ضيوفه- ليوضح لزياد بأنه يوافقه في وجهة نظره, أو ربما يسبقه إليها.  هكذا كان حواراً بين اثنين, نجمين, عملاقين كل في مجاله, لكنهما متفقين في كل شيء تقريباً, فنتج لدينا حديثاً عادياً هو في أغلبه تبادل لأراءٍ سياسية يصلح في نهايتها بيان ختامي من النوع: أبدى الطرفان تطابقاً تاماً في كل المواضيع المتعلقة بالقضايا الإقليمية والدولية!!.   في العام الماضي, وبعد سلسلة حفلاته بمناسبة احتفالية دمشق كعاصمة للثقافة العربية, استضافت الإعلامية هيام الحموي, زياد الرحباني في برنامج خاص على إذاعة (شام إف إم), ورغم أنها أعربت عن حبها وإعجابها الشديدين بزياد, إلاّ أننا لم نلحظ أي دونية في تعاملها معه, لم تسبقه إلى رأي سيقوله لتوضح له أنها توافقه.. بالعكس، شاكسته كثيراُ، خصوصاً عندما سألته عن ابنه عاصي (كان السؤال: هل ترى تشابهاُ بين عاصي الأب، وعاصي الابن؟) وجاء رد زياد يائساً: فينا ما نجاوب على هالسؤال؟!.. ضحكت هيام الحموي، ومررت موسيقى من ألحانه, كان حواراً ممتعاً وشيقاً, رغم كونه حواراً إذاعياً.   المشكلة في التعاطي مع شخص كزياد، أن الجميع يعامله كرمز، كشخص لا منتمي يحمل في داخله قيماً كبيرة من الرفض والتمرد, وعندها تصبح آراؤه السياسية والفنية فوق أي نقاش. وإلاّ, لماذا لم يطلب بسام كوسا من زياد الرحباني أن يوضح لنا رأيه السيئ بربيع أبو خليل, (شي واطي!) قال زياد عن أبو خليل, هكذا وبدون أي مناسبة أو مبرر, ولمن لا يعلم, يعتبر ربيع أبو خليل واحداً من رواد موسيقى الجاز, وهو صاحب مشروع فني يشبه كثيراً مشروع زياد الرحباني, وقد أتى إلى سوريا في صيف 1995 وقدم حفلاً موسيقياً ساحراً في قصر العظم ضمن مهرجان قافلة الجاز, وله معزوفة شهيرة بعنوان "الشيخ المرح" تستخدم كتترات موسيقية في كثير من الإذاعات.   أما ليش ربيع أبو خليل (شي واطي؟) فهذا ما لم نفهمه من الحوار، ولم يبذل بسام كوسا جهداً ولو بسيطاً لاستيضاح هذه النقطة, أو غيرها من النقط الكثيرة في حياة أو آراء زياد الرحباني, لماذا؟ لأن بسام كوسا ليس مُحاوراً، فهو طالما اتفق مع زياد الرحباني في الرأي, فلا يهم توضيح هذا الرأي لملايين المشاهدين, الذين جلسوا ينتظرون حدثاً إعلامياً ضخماً هو الأول من نوعه:  زياد الرحباني في حوار خاص على شاشة الفضائية السورية.   يتناسى الكثيرون بأن مشكلة اللامنتمي الأساسية هي أنه يخلق حوله الكثير من الأشخاص المنتمين إليه تحديداً, وزياد الرحباني نموذج جيد لهذا اللامنتمي!.         محمد جرف 09/08/2009