2012/07/04

سبحان من له الدوام
سبحان من له الدوام

أمينة خيري - الحياة «سبحان من له الدوام» عبارة إعزاز وتعظيم وإجلال لقدرة الله سبحانه وتعالى على إحياء وإماتة الإنسان والكائنات الحية. يقولها الملايين من المؤمنين يومياً، لا سيما حين يفاجأون بأن عزيزاً قد رحل، أو شاباً - كما يقولون - قد «خطف» في ريعان الشباب. وهم يقولونها ليصبّرون أهله وأحباءه، وليطمئنوا أنفسهم كذلك بأن الدوام لله وحده. لكن الملايين باتت تقولها في منطقتنا العربية على الفضائيات التي كان يتصورها البعض أو هكذا يصوّرها القائمون عليها بأنها ولدت لتبقى، إما لترفع راية العرب خفاقة، أو لتبقي قيم الإسلام راسخة، أو لتدعم أسس الدراما قوية، أو لترّقي من حس الفن المرهف، أو لترسي ثقافة عربية جديدة قوامها حرية الرأي وإتاحة المعلومة. ان قائمة أسباب إطلاق الفضائيات طويلة جداً. ولأن منطقتنا العربية متميزة فعلاً لا قولاً، ولها خصوصية متفردة حقيقة لا خيالاً، وإن ظل قوام خصوصيتها سراً عنترياً لم ولن يعرفه أحد، فقد انعكس ذلك على بعض فضائياتها التي ولدت بالأمس لتبقى، لكنها لا تلبث أن تغلق أبوابها اليوم. فهذه قناة ذات رؤية اجتماعية أسرية للعائلة العربية يقرر ممولها، أن لا صوت يعلو فوق صوت الأسهم الخاسرة في البورصات العالمية فيوصد أبوابها مضحياً بالأسرة العربية والقيم الاجتماعية. وهذا نظام يكتشف أن قناته «الملاّكي» حوت من الكلمات والعبارات ما اعتبره مخالفة لأجندته فقطع الهواء، ومنع الكهرباء عنها بينما أحد مذيعيها ينعق متغنياً بفضائل النظام. وتلك قناة أفردت تردداً ثابتاً لبث المؤتمرات والندوات على الهواء لكنها إذ تسبب صداعاً في رؤوس بعضهم، يغلقون أمامها أبواب القاعات. قد يكون مفهوماً أن يقرر ممول مجموعة قنوات أن يدمجها سوياً ضغطاً للنفقات أو تمهيداً لتدشين مشروع آخر، ولكن من حق المشاهد عليه ألا يفاجأ بالدمج، ولكن يمهد له قبل ذلك بمدة ويخرج عليه شارحاً الأسباب، ومقدماً البديل. وقد يكون مقبولاً أيضاً وإن كان غير معتاد أن يُصدَر حكم قضائي لمصلحة مدع، بإيقاف برنامج قام بسبه أو قذفه، فعادة تكون أخبار مثل تلك المحاكمات من المواد الدسمة التي تحضّ الغالبية على متابعتها لما يتوافر فيها من توابل الشتائم والخلافات الشخصية وتصيد الأخطاء. لكن أن يصحو المشاهد من نومه باحثاً عن هذه القناة أو تلك دون جدوى، ثم يعرف مصادفة أنها قد أغلقت، فهذا يدعو إلى تعالي صوت المشاهد «سبحان من له الدوام».