2012/07/04

سليم سروة يرفع مرساة الرحيل
سليم سروة يرفع مرساة الرحيل

البعث

وكأنهما على موعد.. عزفا أنشودة الرحيل في وقت متقارب، وكأن قدر حزيران أن يودّع مبدعين أعطوا للفن والأدب، فبالأمس رحل الموسيقار اللبناني وليد غلمية وبعده الشاعر يوسف الخطيب، واليوم نودّع مبدعاً موسيقياً نسج اللحن بروحه، وسطر أجمل المقطوعات الموسيقية التي خلدته علماً من أعلام الموسيقا العربية، الموسيقار سليم سروة الذي فقدناه أمس عن عمر 78 عاماً.

ولد سليم سروة عام 1932 وهو علم من أعلام الموسيقا الشرقية في سورية، وعضو مؤسس في نقابة الفنانين، عين رئيساً لدائرة الموسيقا في إذاعة دمشق أكثر من مرة، كما أنه عازف قانون متميز على صعيد الوطن العربي، ورئيس الفرقة الموسيقية في إذاعة دمشق، له من الألحان الغنائية (900) لحن ومن الألحان الموسيقية 195 لحناً موزعه في أنحاء الإذاعات العربية.  بدأ سروة رحلته الموسيقية وهو دون العاشرة من عمره بإشراف والده باسيل سروة المطرب والملحن وعازف الرق في مدينة حلب، تلقى دراسته للموسيقا وآلة القانون على يد أساتذة مرموقين منهم عبد الفتاح منسي ويوسف بتروني، وفي عام 1946 قدم سليم أول عزف منفرد على القانون.

بدأ التأليف الموسيقي عام 1952، فقدم أول مقطوعة موسيقية بعنوان (ناديا) باسم خطيبته التي أصبحت أماً لأولاده الأربعة، منهم الفنان باسيل سروة عازف أورغ الذي رافق والده رحلته الفنية منذ السبعينيات.

في عام 1956 تسلّم قيادة الفرقة الموسيقية الأولى في إذاعة دمشق وفي عام 1959 شكل بقيادته فرقته الموسيقية الخاصة والتي عرفت بفرقة (دمشق الوطنية).

في عام 1961 عند افتتاح التلفزيون العربي السوري اشترك وفرقته الموسيقية في معظم برامجه الفنية وحفلاته الموسيقية، وهكذا ابتدأ العصر الذهبي لسليم سروة وعين أيضاً في هذا العام مدرساً لآلة القانون في المعهد العربي للموسيقا، وفي عام 1963 انتسب إلى جمعية المؤلفين والملحنين في فرنسا.

في عام 1972 طلبت منه سيدة الغناء العربي أم كلثوم بكتاب رسمي رئاسة فرقتها الموسيقية إثر وفاة عازف القانون المرافق لها آنذاك محمد عبده صالح.

في عام 1984 و 1985 وبعد مقابلتين مع الموسيقار محمد عبد الوهاب الأولى في بلودان والثانية في باريس طلب من سليم نقل أعماله الفنية وإقامته الى القاهرة.

في عام 1987 كلّف بتأليف وتنفيذ موسيقا الدورة الرياضية العاشرة للبحر الأبيض المتوسط في اللاذقية بناء  على طلب رسمي من الجهات المسؤولة والخبراء الأجانب المشرفين بعد أن استحال بتنفيذه فنياً في سورية وتم العمل بنجاح كبير وتوّج بمكافأته وتقديره من الجهات الرسمية والخبيرة المشرفة.

في عام 1994 قدّم سليم الى مكتبة الأسد في دمشق  جميع إنتاجه المدون ولمحة عن حياته وسيرته الفنية لتدخل الحاسوب والمعلوماتية السورية والعالمية ومنح تقديراً على هذا، وفي عام 1997 كلّف سليم من قبل عميد المعهد العالي الموسيقي صلحي الوادي بتشكيل الفرقة السيمفونية للموسيقا المكونه من 45 عازفاً وعازفة و25 كورالاً وبتوجيه من  وزيرة الثقافة د.نجاح العطار آنذاك قدمت الفرقة حفلتين تضمنتا باقة ألحان وأغاني من التراث الأصيل حققت إعجاباً شعبياً للمستوى المتطور الذي قدمته الفرقة الموسيقية وقائدها، ولأسباب صحية وبناء على طلب الأطباء توقف سليم عن قيادة الفرقة التي وضع فيها خلاصة خمسين عاماً من الجهد، في العام 1997 انضم سروة إلى عضوية لجنة تحكيم مشروع الإجازة في الموسيقا للمعهد العالي، وفي عام 2000 تمت طباعة جميع مؤلفات سليم سروة الموسيقية دون الغناء منها على أسطوانات ليزرية وأشرطة كاسيت بلغ عددها 159 عملاً موسيقياً .

وفي عام 2009 صدر له كتاب بعنوان "المنهج التعليمي لآلة القانون الموسيقية"  ضمنه خلاصة أعماله الفنية التي مارستها طوال خمسة وستين عاماً على آلة القانون الموسيقية الشرقية العربية، وكتب هذا المنهج بطريقة سهلة وعصرية ليتمكن الطالب  بمفرده ودون الحاجة لمعلم.‏  ‏

واكب سليم سروة بألحانه القضايا والمناسبات الوطنية والقومية، وفي مقدمتها الوحدة والثورة والتصحيح، ومن أغانيه (حافظ يا حبيب الشعب ) بصوت المجموعة و( البعث قامت ثورته ) بصوت لودي شامية و( زيدي يا شام علواً ) لفاتن حناوي و( يا شام ) وديع الصافي، ونشيد الجيش ( يا جيشنا ) وللأم ( يا أوفى كل البشر)، ولحن للأرض والعمل، وغنى له مشاهير المغنين في العصر الذهبي للأغنية العربية.

رحم الله الموسيقار سليم سروة وكل العزاء لذويه وأصدقائه.