2012/07/04

سمير حسين: "وراء الشمس" بداية الطريق
سمير حسين: "وراء الشمس" بداية الطريق

العمل كتب بطريقة علمية وأدبية وبطريقة تحترم عقل المشاهد وخصوصيته.

علاء الزيبق تفوق على الكثير من نجوم الدراما اليوم.

أفرد وقت طويل لكتابت "وراء الشمس" وصل إلى عام ونصف العام.

معظم التجارب التي قدمتها كانت تحمل هماً اجتماعياً.

كان هناك إصرار أن لا يقدم العمل للناس ليشفقوا على ذوي الاحتياجات الخاصة.

خاص بوسطة - يارا صالح

في خطوة غير مسبوقة في الدراما السورية، قدم المخرج سمير حسين عملاً جريئاً يتناول قضية ذوي الاحتياجات الخاصة، هؤلاء الأشخاص الذين نراهم في مجتمعاتنا وحياتنا الطبيعية بنظرة مختلفة، فحاول المخرج الشاب من خلال عمله أن ينبه المجتمع إلى هؤلاء الأشخاص، الذي يقول إنه فوجئ بالقدرات الإبداعية لديهم.

"وراء الشمس" برأي مخرجه أضاء جانباً من حياة أشخاص يعيشون بيننا ولهم علينا الكثير من الحقوق، لكنه في نفس الوقت يوجه رسالة إلى مخرجين آخرين لكي يكملوا الطريق الذي بدأه العمل..

ومهما اختلفت الآراء حول "وراء الشمس".. لكنه سيبقى في سجل الدراما السورية والعربية أول عمل تطرق إلى هذه القضية الحساسة والمهمة..

بوسطة التقت مايسترو هذا العمل.. المخرج سمير حسين.. وكان لنا هذا الحوار..

برأيك كمخرج.. ما هي أسباب هذا النجاح الذي حققه "وراء الشمس"؟

نجاح العمل هي مسألة مفرحة جداً بالنسبة لي، وبالنسبة لفريق العمل.. وهذا النجاح دليل على أن أي عمل ينطلق من هم اجتماعي، ومن حاجة ملحة تعني المجتمع، إذا ما تيسرت لها سبل التحقيق سيكتب لها النجاح..

قراءَتي لأسباب نجاح المسلسل هي أن العمل كتب بطريقة علمية وأدبية وبطريقة تحترم عقل المشاهد وخصوصيته، إضافة إلى فرادة الموضوع كونه لم يتم التطرق إليه سابقاً، وبالتالي هذا الموضوع يحمل سمة الحداثة -وتمت صياغته بطريقة موثقة للغاية مبنية على أسس حقيقية.

كما تم إفراد وقت طويل لكتابته وصل إلى عام ونصف العام، إضافة إلى ذلك ساهم وجود مؤسسة إنتاج مهمة وواعية وتدرك أنه يجب تقديم رسائل مهمة للمجتمع، فاستجلبت عناصر مهمة للمشاركة في هذا العمل مما ساهم بنجاحه.

لاحظنا قفزة على المستوى الإخراجي بين "ليل ورجال"، "قاع المدينة"، ثم "وراء الشمس" الذي جاء مختلفاً جداً.. كيف يمكن لمخرج أن يحقق هذا التطور السريع في وقت قصير جداً؟

بالنسبة لي معظم التجارب التي قدمتها كانت تحمل هماً اجتماعياً من "أمهات" إلى "الواهمون" ثم "ليل ورجال" إلى "قاع المدينة الذي كان ينبش في قاع المجتمع، وكان عملاً إنسانياً.

أعتقد أنني في "الواهمون" كنت أول من تجرأ على تقديم طريقة إخراجية متناسبة مع النص، ولكن بطريقة أكاديمية مبنية على أسس علمية.

أما "وراء الشمس" فكان تجربة خاصة موضوعاً وإخراجاً، ونجاح هذا العمل دليل أن تجربتي في خط بياني متصاعد، وهذا يحملني مسؤولية كبيرة في اختيار أعمالي الجديدة.

صراحة ما كان شعورك عندما قرأت النص لأول مرة؟

سأخبرك شيئاً، في عائلة كل منا يوجد شخص مصاب بمرض ما يجعله من ذوي الاحتياجات الخاصة، والصراحة أنني كنت منذ البداية مع هذا المشروع، خطوة بخطوة مع التأليف والكتابة إلى أن أنجزنا هذا العمل، فكانت كل تفاصيله في ذهني، وبرأيي أن الأستاذ محمد العاص أنجز نصاً مهماً جداً، نصاً اجتماعياً يتضمن الكثير عن المعوقين كيف نتعامل معهم، كيف نراعيهم، وكيف أننا إذا اهتممنا بهم يمكن أن يتحولوا على أشخاص فاعلين جداً في المجتمع.

وهل حققت من خلاله ما تريد؟

إلى حد كبير، نعم، فالرسالة التي أردت أنا وفريق العمل أن نوصلها، باعتقادي وصلت إلى المجتمع، لكن ما قدمناه ببساطة هو الإضاءة على زاوية فقط من حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأمامنا الكثير لكي نقدمه في أعمال أخرى، والساحة مفتوحة للجميع.

في "وراء الشمس" تعاملتم مع معوقين حقيقيين.. ألم يكن هناك خوف؟

في الحقيقة تعاملنا الأكبر كان مع علاء الزيبق، الطفل المصاب بمتلازمة داون، وعلاء كان حالة خاصة فقد اخترته من بين مئة شاب مصاب بهذه المتلازمة، ثم على مدى أربعة اشهر أخضعناه لدورات مكثفة لكي يصبح مؤهلاً للقيام بهذا الدور، والمفاجأة أنه بعد هذا الوقت أصبح أفضل بكثير من العديد من الفنانين من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية، فقد تمكن من القيام بالعديد من المشاهد التي تصعب على كبار الفنانين.

وخلال التصوير كان هناك مجموعة كبيرة الظروف المهيأة له خصيصاً، فكان ينام متى يشاء، ويستيقظ بكامل نشاطه ليتمكن من تصوير المشهد وهو في قمة الارتياح، وهنا أريد أن أتوجه بالشكر إلى النجوم الذين كانوا على احتكاك مباشر مع علاء في مشاهدهم، الفنانة نادين، والفنان رضوان عقيلي، فقد بذلوا  بدورهم جهداً كبيراً حتى تمكنا من إنجاز هذا العمل.

صراحةً هل اختلفت نظرتك الشخصية لذوي الاحتياجات الخاصة بعد إنجاز العمل وعرضه؟ ماذا كانت وماذا أصبحت؟

كثيراً، بعد "وراء الشمس" أدركت أن الأشخاص الذين ندعوهم بذوي الاحتياجات الخاصة هم في أكثر الأحيان أصحاء أكثر من بعض الناس، فهم قادرون على أن يقوموا بالكثير من الأعمال الإبداعية التي لا يقدر على القيام بها كثيرون، الفرق الوحيد أن حياتهم الاجتماعية مختلفة قليلاً عن حياتنا.

لكنني لم أكن منذ البداية أنظر لهم بطريقة غير مناسبة، بل كنت أحبهم وأحترمهم وأتعامل معهم بطريقة جيدة جداً.

هل تشعر بأن "وراء الشمس" أنصف ذوي الاحتياجات الخاصة؟ ألم تعتقد أن تكثيف الميلودراما في هذا العمل جعلت نظرتنا هي نظرة شفقة لهؤلاء الأشخاص؟

أعتقد أن العمل تمكن وبنجاح من الإضاءة على زاوية مهمة من حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، لكننا لا ندعي أننا قدمنا عملاً يفي باحتياجات هؤلاء الأشخاص، لكن عملنا كان مكثفاً جداً، بطريقة جعلت محوره الأساسي هو قضية ذوي الاحتياجات الخاصة.

أهمية الفكرة أن العمل طرح سؤالاً أخلاقياً كبيراً جداً مفاده «لو أن امرأة حملت بجنين واكتشفت إصابته بإعاقة ما.. فهل تحافظ عليه؟ أم تتخلص منه»، سؤال كبير ومهم وخطير، طرحنا خلاله وجهة نظر الأم، التي ترى أنه لا يجب أن تتخلى عن ابنها، ووجهة نظر الأب المتمترس وراء رأيه، لكننا كنا حياديين جداً في طرحنا، وعادلين كفاية.

في النهاية الأمر وجهات نظر، نحن قدمنا العمل بطريقة واقعية، ونحن عبر كتابة المشروع والتحضير له كان هناك إصرار أن لا يقدم العمل للناس ليشفقوا على ذوي الاحتياجات الخاصة، بل حاولنا أن نقدم قصة إنسانية تتحدث عن جهل المجتمع تجاه هؤلاء الأشخاص، واستغلالهم من قبل البعض، إضافة إلى أنه قدم ثلاثة خطوط، بدر وبيئته الاجتماعية الفقيرة، وعلاء الذي يعيش في بيئة اجتماعية ميسورة، والثالث هو العائلة المتوسطة الحال التي تنتظر مولودها المريض.

ودعيني أكرر أن العمل حاول أن ينصف هؤلاء الناس، أما الجرعة التراجيدية العالية فهي بسبب حساسية الموضوع، ولكن برأيي أنه من المسموح أن تكون هناك ميلودراما إذا كان هدفها أن تصل إلى قلوب الناس وعقولهم.

وهل أثر التزام العمل بقاعدة الثلاثين حلقة على إيقاع العمل؟

أبداً، فالعمل حاول أن يعطي المواضيع المطروحة حقها، بالعكس، أعتقد أنه كان هناك نوع من التكثيف في حلقات المسلسل كافة، فالأحداث كانت تسير بسرعة قياسية جداً.

كيف تم اختيار كاركتر بسام كوسا في المسلسل؟ ولماذا اخترت بسام تحديداً لهذا الدور؟

في الحقيقة منذ البداية كان أول خيار لي هو بسام كوسا، لأني وجدت أنه الأقدر على تقديم هذه الشخصية، ربما لأنو عودنا على تقديم الشخصيات الصعبة والاستثنائية، وبصراحة لم يخطر ببالي أي فنان آخر لتقديم هذا الدور، على الرغم من وجود مجموعة كبيرة من النجوم الكبار في سورية، والقادرين على تقديم شخصيات استثنائية ورائعة.

أما الكاركتر فكان موجوداً في نص العمل بتفاصيله العامة، لكن بسام تمكن من تقديمه بطريقة مبدعة جداً، والدليل أنه وصل إلى الجمهور بهذه الطريقة الصادقة، ونال هذا الإعجاب الكبير.

برأيك لماذا هذا الاهتمام الكبير هذا العام من الدراما السورية بقضية ذوي الاحتياجات الخاصة؟

سأتحدث عن "وراء الشمس"، فهو مشروع ليس بجديد أبداً، بل إن التحضير له كما أخبرتك بدأ منذ فترة طويلة، واستغرق وقتاً لأننا أردنا أن يكون متكاملاً.

أعتقد أنه كان يجب أن تهتم الدراما السورية بشكل أكبر بقضية ذوي الاحتياجات الخاصة، لأنها سابقاً طرحت بطريقة التنويه، أي بمعنى أنها كانت تطرحها في خط درامي صغير ضمن عمل يضم مجموعة كبيرة من الخطوط، ولهذا لم يكن له أهمية كبيرة، أما اليوم في مسلسلنا فقد حاولنا طرحه كقضية رئيسية تتمحور حولها كل الخطوط الدرامية في العمل، وهذا هو سر النجاح الساحق الذي حققه العمل في أوساط الجمهور.

رسالة إلى جمهورك عبر موقع بوسطة..

أشكر لكم متابعتكم لـ "وراء الشمس"، كما أشكر اهتمامكم به..

أشكركم أيضاً في موقع بوسطة على جهودكم وأتمنى لكم التوفيق..