2012/07/04

سيت كاز .. وهاجس الخروج من عنق الزجاجة..!
سيت كاز .. وهاجس الخروج من عنق الزجاجة..!


عمر محمد جمعة  - البعث


إذا ما شاء المرءُ أن يعقد مقارنة بين الشخصيات في كلّ من مسلسلي "ضيعة ضايعة" و"أبو جانتي" على سبيل المثال لا الحصر، وهما ابنان شرعيان لـ"بقعة ضوء" ولاسيما على مستوى الكاركتر الذي اشتغل عليه وابتكره كلّ من نضال سيجري وباسم ياخور في الأول، وأيمن رضا في الثاني، سيدرك بلا شك أن الأداء الاحترافي لهؤلاء المبدعين الثلاثة غدا علامة فارقة وعاملاً مرجحاً في نجاح أيّ عمل درامي يكونون فيه، فيما سيبدو حضورهم مجانياً في أي عمل آخر مالم يقيّض لهم نصّ وإخراج يوازي تلك الاحترافية.

وإذا سلّمنا، إزاء هذه المقارنة، بنجاح "ضيعة ضايعة"، بسبب من طرافة وغرابة الحكاية والأحداث، إضافة إلى النص الذي أعدّه د. ممدوح حمادة، والمكان الذي اختاره الليث حجو، فإننا سنتوقف كثيراً عند "أبو جانتي" الذي لم يشفع له تعدّد الأمكنة وتمركز الأحداث حول شخص واحد "أبو جانتي" هيمن وطغى بوجوده على سيرورة بقية الشخصيات، أو وجود نجوم تركوا انطباعات ممتازة لدى الجمهور كأيمن رضا وسامر المصري وخالد تاجا وفادي صبيح وشكران مرتجى، ليرقى هذا العمل برمته إلى مصاف الأعمال التي قدمتها الدراما السورية في السنوات الأخيرة. وفيما لو ضيّقنا الدائرة أكثر لابد من الوقوف باحترام شديد أمام اعتراف الفنان أيمن رضا في الموسم الماضي بفشل تجربته في "صايعين ضايعين" وهو المدرك علو المرتبة التي أسّس لها وأرساها في نفوس ووعي جمهوره المحب العريض. وبالاحترام ذاته أمام شخصية "أبو ليلى" التي كانت عاملاً مرجحاً في نجاح المسلسل وإن بحدود معقولة رصدها بالتأكيد فريق العمل وصنّاعه.

الفنان أيمن رضا الذي أبدع في أداء دوره "أبو ليلى" اختار هذه المرة، وللخروج من عنق الزجاجة الذي أدخله إليه "صايعين ضايعين" التوجّه إلى استثمار نجاح شخصية "أبو ليلى" في عمل جديد من نوعية السيت كوم هو مسلسل "سيت كاز" الذي كتبه بالتعاون مع مجموعة من الكتّاب وسيخرجه زهير قنوع ليعرض في الموسم الدرامي القادم.

ومن المعلوم أن مسلسلات السيت كوم برزت مؤخراً كنوع من رهان الكثير من الكتّاب والمخرجين للابتعاد عن المسلسلات الكوميدية الطويلة، مع الإشارة إلى أن هذه الأعمال عربياً عانت كما غيرها من سطحية المعالجة وتكرار الموضوعات والديكورات وطريقة الأداء والإخراج، وأحياناً الأفكار النمطية المتكررة. فيما "سيت كاز" كما يبدو من اسمه عمل اجتماعي كوميدي يطرح العديد من الأفكار الهامة على صعيد المجتمع السوري بشكل خاص والعربي بشكل عام. وقد اختار أيمن رضا الكازية أو محطة الوقود كبيئة رئيسية للمسلسل. أما في المضمون فيتناول المسلسل – بحسب صنّاعه- العديد من القصص الشائكة في مجتمعنا وعلى رأسها علاقات الشبان بالفتيات من حب شرعيّ أو صداقة إلى ما هنالك من علاقات في ظل المعتقدات السائدة في المجتمع حول هذا الجانب، مشيرين إلى أن "سيت كاز" يسعى إلى ملامسة الموضوع بطريقة أكثر قرباً مغايرة ومختلفة مع باقي الأعمال. معتمداً على جهود خيرة الفنانين السوريين ومنهم خالد تاجا، وسامية الجزائري، ونسرين الحكيم، ورواد عليو، وجمال العلي، ومعن عبد الحق.. وسواهم.

ويرتكز المحور الرئيسي للعمل حول عامل كازية، يجسّده أيمن رضا، يتعرّض لعدد من المواقف الكوميدية الساخرة، معيداً إلى الأذهان شخصية "أبو ليلى" التي قدّمها في مسلسل "أبو جانتي" من خلال شخصية "معروف" الذي سنقف عند تفاصيل حياته اليومية وعمله في الكازية التي يديرها، إضافة إلى المواقف الطريفة التي تحدث معه، وقصص أصدقائه العاملين في المحطة وتعاملهم اليومي مع الزبائن، وفي محور موازٍ  للحدث الرئيسي سيعيش "معروف" قصة حب مع مغنّية عراقية بدوية هي "هنوف"، تقوم بأداء شخصيتها الفنانة نسرين الحكيم، في محاولة لإدخال الغناء الشعبي إلى الأعمال الكوميدية.

على أن كثيراً من المتتبعين لأعمال الفنان أيمن رضا يراهنون على هذا العمل الذي لو نجح – وهذا ما نرجوه ونتمناه- سيكون نقطة تحوّل في مسيرة الدراما السورية، فيما ذهب البعض إلى القول: إن "سيت كاز: سيكون عاملاً مهماً ومساعداً في ظهور كوميديا متطوّرة وخارجة عن الروتين، إذ يدمج بين الـ"سيت كوم" أو "كوميديا الموقف"، و"زيت الكاز" الذي يرمز إلى الوقود والمحروقات، بمعنى الاعتماد على كوميديا الموقف المستمدة من الواقع، بعكس بعض الأعمال الكوميدية الأخرى التي طغى عليها التهريج على حساب كوميديا الموقف!!.

كنّا ومن خلال هذا المنبر قد انتقدنا "صايعين ضايعين" مشيرين إلى أبرز عيوبه وثغراته الذي كان النص وسطحيته، إضافة إلى وقوع ممثليه في فخ وغواية التهريج والإضحاك القسري المجاني، والكاركترات الأكثر غرابة العامل المرجح في فشله، مع التأكيد مرة أخرى أن وجود نجوم في عمل ما بحجم حسن حسني وسمير غانم والمغنية رولا سعد لا يشفع للعمل أمام اتساع ثغراته المشار إليها. واليوم نعيد الرهان على أن اعتراف أيمن رضا ذاته بفشل تلك التجربة، ربما سيكون محفزاً وهاجساً له للخروج من عنق الزجاجة في عمل كـ"سيت كاز" وقد استبشر به خيراً عشاق أيمن رضا والمراهنون دوماً على تألقه ونجاحه المعهود.