2013/05/29

شركات إنتاج تحوّل الممثل السوري «موظفاً»!
شركات إنتاج تحوّل الممثل السوري «موظفاً»!


غيث حمّور – الحياة

«فرصة ذهبية»... هكذا يرى بعض شركات الإنتاج السورية الخاصة الأحداث الداخلية (المستمرة منذ ما يقارب السنتين) لتحقيق مآربها، والحصول على ربح وفير وسريع متناسيةً كل القيم الأخلاقية والمهنية وحتى الإنسانية. بذريعة الأحداث، تسوّق شركات فكرة قلة السيولة وصعوبة التسويق، لتوقّع عقوداً سنوية مع الدراميين السوريين (من ممثلين وفنيين) بأجور شهرية زهيدة.

وفي ظل خوف عدد كبير من هؤلاء من المغامرة، وانخفاض الكمّ الإنتاجي في الموسم الحالي، تتصدر هذه الشركات صفحات المجلات والصحف والمواقع الإلكترونية، لتنصب نفسها منقذة للصناعة الأهم في سورية، من خلال الترويج لفكرة أنها تضحي وتخسر في سبيل استمرار العمل، ومن أجل عيون الدراما والدراميين.

ضمن هذه المعطيات التي تسوّقها تلك الشركات، يجد الممثل نفسه الحلقة الأضعف في المعادلة، ويقتنع بأن من واجبه التنازل عن حقوقه في سبيل صيرورة العمل واستمراره، فيقبل بأقل الأجور، كون الحاجة بدأت تدقّ أبوابه. وهذا ينطبق على الفنيين أيضاً، خصوصاً أن هذه الشركات خفّضت من تكاليف الإنتاج عموماً على مستوى الديكور والصوت والإضاءة، ما من شأنه التأثير على المستوى الفني للأعمال.

ووقعت خلال الموسم عقود لعدد من الممثلين تتراوح بين 30 ألف ليرة سورية (ما يعادل 300 دولار) و10 آلاف (ما يعادل مئة دولار) شهرياً، على أن يشارك الممثل في كل أعمال الشركة بصرف النظر عن عددها، كما أضاف بعض هذه الشركات شرط ألاّ يشارك الموقّعون في أعمال أي شركة أخرى.

وفي مقارنة بسيطة نجد أن الممثل السوري يتقاضى 10 في المئة مما كان يتقاضاه في المواسم السابقة. في المقابل تبيع هذه الشركات بالدولار في السوق الفضائية، وفي ظل هبوط قيمة الليرة السورية وتضاعف قيمة الدولار مقابلها (دولار واحد يساوي مئة ليرة سورية في حين كان في المواسم السابقة يساوي 45 ليرة سورية)، فإن المردود سيتضاعف، في حين أن الأجور انخفضت جداً، ما سيزيد الربح الصافي في شكل هائل.

وكانت واحدة من هذه الشركات باعت أحد أعمالها في الموسم الماضي إلى أكثر من 17 فضائية، وحققت أرباحاً تزيد على 500 في المئة. والأمر سيتكرر هذا الموسم ولكن بمبالغ أكبر وأرباح أضخم، ففضلاً عن كون مكانتها محفوظة لدى بعض الفضائيات المعتادة على نتاجها، فإن قلة الإنتاج الدرامي السوري، سيدفع الفضائيات الأخرى لشراء أعمال هذه الشركات، لتوفير المنتج السوري في دورتها البرامجية، خصوصاً أن هذا المنتج مازال مطلوباً عربياً، رغم تراجع مكانته في السنوات الأخيرة.

ولا ينطبق هذا الكلام على الشركات التسع العاملة حالياً، خصوصاً أن بعضها لم يُخفض أجور العاملين في مسلسلاته، في حين أن إحدى هذه الشركات زادت الأجور عن المواسم السابقة في بادرة جيدة، تثبت حسن النية، وتؤكد أن الدراما السورية التي قدمت نفسها خلال ربع قرن كمنتج فني وأخلاقي وقيمي لم تتحول في شكل كامل إلى تجارة ربحية مفرغة من محتواها، وأن هناك من يخاف على استمراريتها، ومازال يعمل لتطورها.

ولكن يبقى السؤال الأهم: ما هي الطريقة المثلى لتفادي مثل هذه الأحداث في المستقبل؟ وكيف يمكن وقف استغلال هذه الشركات الانتهازية للأحداث، بخاصة أن نقابة الفنانين لم تحرك ساكناً؟ ربما يكون الحل بإنشاء رابطة إنتاجية فنية مكونة من الغيورين على الدراما السورية لتنظيم العمل في هذه الصناعة، والارتقاء بها بدلاً من تسطيحها، أو قد يكون للفنانين رأي آخر!