2013/06/21

«صاروخ» محمد عساف
«صاروخ» محمد عساف


فجر يعقوب – الحياة


يصف المغني اللبناني راغب علامة المتسابق الفلسطيني الشاب صاحب الرقم 3 محمد عساف في برنامج «آراب آيدول» بأنه صاروخ. الواقع أن الشاب الوسيم الآتي من مدينة غزة الذي أثبت جدارة واضحة في الغناء ليس بحاجة لهذا النوع من الألقاب. لا تكمن الاشارة بالطبع إلى أنواع معينة من «الصواريخ» التقليدية التي نقرأ عنها ونشاهدها عبر الفضائيات تطير فوق رؤوسنا وتنشر الرعب في الأمكنة التي تعبرها. ليس هنا مكان تعريف هذا النوع من الصواريخ، وبخاصة أنه يكثر الحديث عنها مع اشتداد بعض الأزمات التي تكاد تعصف بكل شيء من حولنا. حتى أن ما يدور يومياً من جدل حولها يكاد يجعل نوعية الحياة التي نحلم بها مستحيلة. بالتأكيد لا يريد راغب أن ينضم بأحكامه الى هذه النوعية من الصواريخ التي نقصدها، وليس عساف من هو مؤهل لها، فهو يجيء من مدينة عانت على الدوام من الصواريخ الاسرائيلية، والأكيد أنه ليس بحاجة لمن يذكره بها الآن على الأقل، وقد بات واضحاً أن هذا المغني الشاب يغيّر قليلاً في حياة الفلسطينيين عبر انتقالهم «افتراضياً» على الأقل من مناطق الخطر والحظر إلى مناطق ليست جديدة عليهم، فما هو محلل للآخرين هو كذلك محلل لهم، ولطالما عرفت الأراضي الفلسطينية أنواعاً مختلفة من الغناء عبر استضافة مغنين عرب ولم يخطر ببال أحد أن يقوم بتجديد المنع والتحريم إلا حين نجح «الصاروخ» محمد عساف.

لا تكمن القضية في قبول المغني الشاب للقب أو عدم قبوله، لكنّ مجيئه في لحظة فاصلة وغامرة تعطي لحياة الفلسطينيين كل ما من شأنه أن يساهم بتغيير تلك اللحظات المتجهمة التي جرى تعريفهم من خلالها، وليست الحياة الصعبة التي عبروا من خلالها كل المضائق الصعبة التي وقفت في طريقهم إلا نوعاً من الامتياز الذي حصلوا عليه خلال السنوات التي عبرت من فوق رؤوسهم مثل كل الصواريخ التقليدية التي أطلقتها اسرائيل باتجاههم.

والأكيد أن راغب لا يقصد باللقب إلا «مديح» المغني الشاب وهو يقف على مسافة قريبة منه، ويقدم له الدعم الواضح في مسيرته الفنية المهددة حال عودته إلى مسقط رأسه. يظل أن ظاهرة «الصاروخ» محمد عساف لن تقف عند حدود الحظر الذي ستتعرض له حال الانتهاء من برنامج «آراب أيدول»، إذ تبدو مؤشراً على انطلاقة جديدة وحياة جديدة يحلم بها الفلسطيني في بعض عناوينها الكثيرة، طالما أنه ليس بحاجة الى قرار وصائي من هنا أو هناك، فالمنع الذي مورس ضده في العقود الماضية بحجة المحافظة على هويته يكاد ينتهي مع الانتشار «الديموقراطي» لوسائل الاتصال الشامل، واسألوا عساف نفسه عن حكمة أن يكون صاروخاً غنائياً في هذا الوقت.