2013/05/29

صباح عبيد: «الغضنفر» يغادر بصمت
صباح عبيد: «الغضنفر» يغادر بصمت


ماهر منصور وصهيب عنجريني – السفير

لطالما أثارت أخبار الممثل السوري صباح عبيد، الجدل. لكنّ خبر وفاته أمس الأول عن 63 عاماً، إثر إصابته بجلطة دماغية، شذّ عن القاعدة. ربما لأنَّ الخبر جاء مترافقاً مع سقوط قرابة المئة شهيد ضحايا تفجير انتحاري في دمشق، وخمسين آخرين إثر سقوط صواريخ شمالي حلب.

الممثل نضال سيجري، كتب عبر حسابه الشخصي على «فايسبوك»، مؤبناً زميله: «مات كبقية المواطنين السوريين. في سوريا إن لم تمت برصاصة، فستموت في أزمة قلبية، أو جلطة دماغية. لم أتفاجأ بموت صباح، لأنّ كل الصباحات في بلادي يغتالونها».

شيّع عبيد بالأمس إلى مثواه الأخير في مدينة جبلة، وكان قد أمضى أيّامه الأخيرة في المستشفى، بعد غيبوبة استمرّت 27 يوماً. وُلدَ الفنان الراحل في العام 1950 في قرية قرخ مغار في محافظة حلب. دخل عالم الفن من بوابته الأصعب أي المسرح، وكان من مؤسسي «مسرح الشبيبة» وأحد أعمدة الحركة المسرحية في حلب. يزخر أرشيفه بعشرات الأعمال المسرحية كان آخرها «المتنبي» لمنصور ومروان الرحباني، حيث تألّق بدور «كافور الإخشيدي»، كما شارك في العديد من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية والسينمائيَّة طوال 35 عاماً من العطاء الفنّي.

لطالما أثار صباح عبيد الجدل، بسبب تفكيره العفوي. كان يتصرف بما يمليه عليه عقله ومنطقه الخاص، حتى لو كان ذلك مفارقاً لمنطق الناس، جارحاً وفجاً حيناً، ومتهوراً حيناً آخر. ولطالما ردَّد عبيد بشيء من التعالي: «أنا رجلٌ غير قابل للهزيمة».

شغل عبيد منصب نقيب الفنانين السوريين بين عامي 2006 و2008، ولأنّ القانون السوري يحتّم أن يكون رؤساء المنظمات الشعبية أعضاء في مجلس الشعب فقد ترشّح لعضوية الدور التشريعي التاسع. أثار الراحل زوبعة إعلاميّة حين أصدر قراراً بمنع عدد من المطربات العربيات ـ منهنّ هيفا وهبي وإليسا ـ من الغناء في سوريا، وقد كشف الراحل في آخر لقاء إذاعيّ أجري معه في نيسان العام 2012، «أنّ النقابة اتّخذت ذلك القرار حينها بتوجيهات سياسيّة إثر إطلاق إحدى الفنانات تصريحاتٍ أغضبت بعض المسؤولين». خلال وجوده على رأس النقابة، اتخذ عبيد قرارات جدليّة أخرى، ومنها قرار طي قيد عدد من الفنانين السوريين، بينهم ميادة الحناوي، وياسر العظمة، وهيثم حقّي وآخرون، «لعدم تسديدهم الغرامات الواجب عليهم دفعها للنقابة».

قدَّم عبيد استقالته من منصبه العام 2008، مبرراً ذلك بالقول: «لا يمكن أن نزرع الورد الجوري في الصحراء، وأنا قررت العودة لأسرتي والعمل الفني بعد ما أصابني القرف من كل ما يعرفه الناس في العالم العربي».

المقرّبون من صباح عبيد، يصفونه بأنّه «ألطف المشاكسين». وهو ينتمي إلى فئة ممثلي الفطرة والإحساس، رغم أنّ شكله الضخم، وصوته الرخيم، حصراه في أدوار نمطية، غلب عليها الشر أو القسوة أو سرعة الانفعال. وتبقى شخصيته «الغضنفر» في «الجوارح» الأكثر رسوخاً في الذاكرة، لدرجة صارت لقباً يلازمه. إلى جانب أدوار نمطيّة رافقته، أدّى عبيد على الشاشة أدواراً كوميديّة، منها في «بقعة ضوء». كما مثّل في دراما البيئة الشاميّة كما في «باب المقام»، «الدبور 2»، ويتذكره المشاهدون في أعمال اجتماعية أبرزها «ذكريات الزمن القادم»، إلى جانب أدوار في مجال الفانتزيا مثل «البركان»، «الفوارس»، «الجوارح» و«الكواسر».

غاب الرجل خلال عمله في النقابة، وقوبل بما يشبه المقاطعة إثر خروجه منها، إلى أن عاد مؤخراً فشارك في «الدبور 2» و«الشبيهة» و«بقعة ضوء 8»، وللموسم الرمضاني المقبل شارك في مسلسل «عيلة ومكترة».