2013/05/29

صبايا 4 لا جديد على صعيد الصورة والنص!
صبايا 4 لا جديد على صعيد الصورة والنص!


تشرين – فنون


ظهرت في الدراما السورية خلال الأعوام الأخيرة مجموعة من الأعمال التي اندرجت تحت مصطلح غير علمي وهو «المسلسل الخفيف ــ لايت» وعادة كانت هذه الأعمال تخلو من الطرح الفكري ومن المقاربات للواقع السوري، حتى أنها تفتقد لحبكة مسبوكة على أساس جذب المشاهد من خلال التشويق وتصاعد الأحداث، على اعتبار أنها «خفيفة»، وتقتصر تلك المسلسلات على افتعال مغامرات مع أبطال العمل تنتهي بنهايات تقليدية ملأى  بالفرح والسعادة، لكن جل هذه الأعمال، إن لم أقل كلها، وقفت عند جزء أو جزءين على الأغلب، إلا مسلسل صبايا الذي ظهر جزؤه الأول على الشاشات  قبل أربعة أعوام، واستمر القائمون على إنتاجه بطرح أجزاء جديدة من العمل في كل موسم، وكما في المواسم الدرامية الثلاثة السابقة، حمل الموسم الدرامي الحالي معه جزءا جديدا من صبايا، هو «صبايا 4»، فما الجديد في هذا الجزء؟ وما الذي تود طرحه القناة المنتجة من خلال «صبايا 4» يكون مغايراً لما عرض في الأجزاء الثلاثة الماضية؟

البحث عن الجديد والمختلف

في البحث عن أجوبة منطقية لأسئلة الجدة والاختلاف في «صبايا 4»، نجد أن هذا الجزء لا يختلف بشيء على صعيد فكرة, النص, وبنيته، بمعنى أن التغيير الذي جاء في «صبايا 4» اقتصر على تغيير المكان، دبي بدلا من دمشق، وإضافة وجوه جديدة للصبايا، أما على صعيد فكرة النص وحبكته، فبقي صبايا يخلو من مقولة فكرية، ويفتقد لمقاربة واقعية لواقعنا السوري اليوم، كذلك فإن الصبايا مازلن في هذا الجزء يدرن في فلك المغامرات المفتعلة والتي تفتقد للتشويق وعلى الأغلب تنتهي بفرح الصبايا بنجاحهن بهذه المغامرة أو تلك، أما على صعيد الحوار فنرى أن الصبايا يظهرن وكأنهن يعشن وحيدات على الأرض، فلا يلتفتن إلى رأي عام، وتتمحور جل نقاشاتهن حول ذواتهن، وحول عواطفهن ومشاعرهن، ليس هذا فحسب بل إن الفتيات في العمل لا يعانين من هموم تذكر، سوى عرقلة في هذه العلاقة العاطفية وفشل في تلك، وتعثر في العمل واشتياق إلى أماكن، وهذا ما زاد من الفجوة بين العمل ومتابعيه من الإناث، فهو ومن خلال هذا الجزء لم يعكس معاناة الفتاة في المجتمع ووقف عند حدود مفترض حكائي لمجموعة من النسوة يبتعدن كل البعد عن الأنثى المشاهدة.  إن ابتعاد صبايا عن واقع الحال السوري، وخلوه من أي مقولة فكرية أو سياسية، نأى به عن المتابعة، ولاسيما في ظل ما تعيشه سورية من ظروف صعبة، ولذلك «بقي صبايا 4» كغيره من الأجزاء يغرد بعيدا عنا.

الإبهار البصري كحامل للنص

تحدثنا سابقا عن تلك الأنواع من الأعمال التلفزيونية التي يعمل فيها المخرج على تحويل نظر المشاهد عن رداءة النص وهشاشته وخلوه من مقولة فكرية دسمة عن طريق التركيز على الإبهار البصري في المسلسل. يظهر هذا العنصر، أي عنصر الإبهار البصري، في مسلسل «صبايا 4» من خلال أمور عدة، أولها انتقال الصبايا من دمشق إلى دبي، ويسوغ هذا الانتقال المرتبط إلى حد ما برغبة الإنتاج، على أساس أن «نور، ديمة بياعة» تذهب إلى الإمارات للعيش هناك، حيث يقطن والدها، وتدعو صديقاتها، «ميديا، جيني اسبر»، و«سميحة، كندة حنا» للسكن معها في البيت ذاته.. إن جعل دبي تلك المدينة الحديثة التي قاربت العالمية مكانا للحدث، خدم وبشكل جلي الإبهار البصري الذي اشتغل عليه مخرج العمل «سيف الشيخ نجيب»، وهذا ما ظهر عن طريق التركيز على الأماكن الجميلة والمباني الفاخرة والطرقات والحدائق وما إلى ذلك من تطور عمراني وظفه نجيب في خدمة الإبهار البصري.

عمل «صبايا 4» أيضا على إدخال الأنثى كعنصر في هذا الإبهار، بمعنى أن بطولة الحسناوات في العمل دفع المخرج إلى  التركيز على الصبايا انطلاقا من الوجه والماكياج مرورا باللباس الذي نادرا ما يكرر على هذه الفتاة أو تلك، وصولا إلى الإكسسوارات التي تزين الصبايا.. إن التركيز على الشكل الخارجي للأنثى الممثلة، وجعلها عنصراً من عناصر الإبهار البصري ساعد «صبايا 4» على جذب المشاهد ولاسيما الأنثى، من خلال التركيز على هذه الأمور الشكلانية، ولاسيما أن الشغل بهذه الطريقة، لم ينفرد به مخرج «صبايا 4»، بل كان هو طريقة كل المخرجين الذي توالوا على إخراج العمل في أجزائه السابقة، حتى بدأنا نشعر وكأن العمل بهذه الطريقة الإخراجية هو من أساسيات مسلسل صبايا مثله مثل وجود عدد من النسوة الجميلات. وكعادته يرفد «صبايا»  صباياه بمزيد من الحسناوات، فنرى في هذا الجزء ظهور الممثلة الإماراتية رؤى الصبان في دور «ليان»، تلك الفتاة الخليجية التي ترافق الصبايا وتعيش معهن مغامراتهن غير الشائقة، كذلك يظهر وجهان جديدان في صبايا 4 وهما المغنيان اللبنانيان «فادي اندراوس، حسام»، و«بريجيت ياغي، ناريمان»، إن العمل على اجتلاب وجوه جديدة من الفاتنات ليس بالجديد على سلسلة صبايا: فطالما الصبايا تبدلن وتغيرن من جزء لآخر.

مازال صناع صبايا، على امتداد الأجزاء الأربعة، يطرحون العمل على أنه حدوتة خفيفة مملوءة بالمغامرات، ولذلك لا ضير في أن يخلو عملهم مع كل جزء جديد من مقولة ما، أو موقف، أو مقاربة حياتية، والسؤال الذي يتجلى أمامنا برؤية أعمال كهذه، هو: في هذا الوقت العصيب من تاريخنا بشكل عام ومن تاريخ الدراما التلفزيونية السورية بشكل خاص، هل نحن بحاجة إلى أعمال من هذا النمط؟ وما الذي سيضيفه صبايا وأمثاله للدراما التلفزيونية السورية؟