2012/07/04

عبداللطيف عبدالحميد يعالج تناقضات عائلية في «مطر أيلول»
عبداللطيف عبدالحميد يعالج تناقضات عائلية في «مطر أيلول»

  دمشق - ماهر منصور إن صحت التسمية فإن المخرج عبداللطيف عبدالحميد هو نجم الشباك السينمائي السوري، فأفلامه تشهد حضوراً جماهيرياً كبيراً، مأخوذاً باسمه وبثقة في ما ينجزه، بل ويتداول اسمه بين الناس علامة مسجلة جماهيرية تنافس نجوم الدراما السورية. وهو «شغيل» السينما السورية، إذ أنجز قرابة سبعة أفلام روائية ويعمل بوتيرة منتظمة.. يكتب الرجل ويخرج أفلامه التي تتسم بالبساطة والعفوية والشغف بالحياة، وجل هذه الأفلام مشغولة بالحب البسيط. ولكنها غير بريئة من السياسة وقضايا أخرى كبيرة لا يفضل عبداللطيف ان يضعها بالواجهة أو يتحدث عنها صراحة، إلا في حالات لا تقبل الحكاية فيها أي تأويل أو مواربة.أما ما هو ثابت في أفلامه، فهو الحب بمعناه الخاص والعام، الإنساني البسيط والإنساني أكثر شمولاً.. وهي والحب هو حكاية الفيلم الأخير لعبداللطيف «مطر أيلول»، الذي يروي فيه حكاية عائلة من ستة أولاد شبان، يرعاها أب أرمل (الممثل أيمن زيدان). والكل واقع في الغرام، الأب في حب الخادمة (وتؤديها سمر سامي)، أما الأبناء فمنهم أربعة موسيقيون يعملون في مطعم، وأحدهم يبيع البطيخ، والآخر يعمل في غسل السيارات، ويذهب كل يوم ليغسل سيارة من يحب ويزينها بالورد.طبيعة عمل أفراد العائلة المتناقضة، والتي تعود مهنهم لمرجعيات فكرية مختلفة بدت مفارقة المخرج عبدالحميد، التي قد يراها البعض أنها ترتيب افتراضي لأفراد العائلة غايته الضحك أكثر من كونه ترتيباً واقعياً، وهو الأمر الذي ينفيه عبداللطيف في حواره مع «الحواس الخمس». مؤكداً أن المفارقات ليست مجرد اختراع، فالحياة هي من تصنعها، وفي كل أسرة من الممكن أن نجد الطبيب والمهندس وفيها أيضاً قد نجد بائع البطيخ، وسواء شئنا ام أبينا يجب ان تكون هناك مفارقات وهي بدورها تأخذنا إلى الواقع. وبالتالي ترتيب الأسرة على هذا النحو من الممكن ان تكون موجودة في السينما، وما يعني عمل أفرادها هو مجرد اقتراح لبناء حكاية وفكرة غريبة من نوعها. الحب والناس البسطاء وحكاياتهم مفردات لا يتخلى عنها المخرج عبد اللطيف عبد الحميد في أعماله السينمائية، وقد شكلت بالنسبة لنا كمتلقين مفردات لحكاية ناجحة وجذابة، أما هو فيقول:   أنظر الى هؤلاء الناس بكل احترام دون أن يعني أنني لا أقدر الآخرين، والمسألة عندي بسيطة جداً فثمة شيء روحي بيني وبين هؤلاء البشر، وبالعموم، يضيف عبد الحميد: التجربة التي تحتوي هؤلاء البسطاء والناس غير البسطاء هي حكاية الدنيا بأسرها. يكتب المخرج عبد اللطيف سيناريو أفلامه، ولكنه ما أنفك يقول: «ياليت يأتي احد ويريحني»، مستدركاً: شريطة أن يعمل بالطريقة التي أعمل بها أنا، أي يكتب بطريقة تتناسب معي ومع عوالمي. ويشير عبد الحميد إلى وجود أزمة في كتاب السيناريو في سوريا، لافتاً إلى أنه ليس لدي الاستعداد للاستعانة بكاتب من خارج البلد، كما أن اغلب الكتاب في سوريا ممن طرحت عليهم الموضوع قالوا لي انت لك عوالمك التي لا نقدر ان نواكبها وكانوا جميعهم يمدحون كتاباتي. وحول موضوع التكرار الذي يراه البعض في أعماله، يقول مخرج (رسائل شفهية) و(ليالي ابن آوى): لو أخذنا أي كاتب سيناريو وأطلعنا على افلامه ومسلسلاته فسوف نشاهد هناك تكراراً، فهو يأخذ كل كتاباته من الحياة ولكن كل يوم من جهة. وفي هذا السياق يلمح عبد اللطيف إلى أن تهمة التكرار التي تلصق به غالباً تأتيه كونه يقوم كمخرج بكتابة أفلامه، مستطرداً: «دائماً ما أشعر أن كتاباتي أصبحت تهمة، رغم أن لدي المقدرة على الكتابة ويرافقني دائماً مستشار درامي يعمل معي بكل جدية. ويتساءل هنا باستغراب: أين وجه الشبه بين (رسائل شفهية) و(قمران وزيتونة) مثلاً.. عندما قدمت فيلم (رسائل شفهية) احبه الناس، وعندما قدمت (قمران وزيتونة) فأصبحوا يقولون ان عبد اللطيف يكرر عمله. وأتساءل: لماذا لا يشاهدون العمل من دون ان يقارنوه بالعمل الذي قبله او بعده؟! يبدأ فيلم المخرج عبد الحميد الجديد «مطر أيلول» من صورة لدمشق بالأبيض والأسود في أربعينات القرن الماضي، لنتابع رجلاً (إشارة إلى الفنان محمد عبد الكريم) يحمل آلة البزق، إلى أن يدخل دار الإذاعة السورية ( إذاعة دمشق). ويباشر العزف على آلته، لتختلط من ثم صورة دمشق، بكلمات أغنيته «رقة حسنك وسمارك»، إلا أن الفيلم ليس عن الموسيقي الراحل، وإنما هو، أي الفيلم، يحتضنه بشكل درامي .   ويحاول أن يوجه تحية له ولعطائه عبر تذكره وتذكر معزوفته التي كان منذ سبعين عاماً يأتي كل صباح إلى إذاعة دمشق حاملاً معه آلة البزق، ليعزف عليها مدة خمس دقائق معزوفة يفتتح بث الإذاعة، ويلفت المخرج عبد اللطيف إلى أن الناس عندما يشاهدون الفيلم سيفهمون. مشيراً إلى أنه احياناً تكون هناك معلومة مدتها أربع ثوان تجعل الجمهور مشدوهاً وأنا اثق تمام الثقة ان الموجود في ذلك المشهد سيلامس قلوب الناس بهذا الشعور. الفيلم الذي تنتجه Reelfilms الذي يديرها المخرج هيثم حقي لصالح شبكة «الأوربيت» هو الفيلم الثاني للمخرج عبد اللطيف مع القطاع الخاص بعد فيلم «قمران وزيتونة» الذي أنتجه فيصل مرعي . ويصف عبد اللطيف عبد الحميد الذي ذاع اسمه من خلال الأفلام التي انتجتها له المؤسسة العامة للسينما (القطاع العام) بأن تجربته مع القطاع الخاص كانت في غاية الاحترام. مشيراً إلى الفارق الكبير بين القطاع العام والخاص هو «اختزال هذا الأخير الوقت والحرية في العمل»، وفي الحالتين يؤكد المخرج عبد الحميد «أنا انتقائي في اختيار أفلامي». وعما يتوقعه للفيلم يقول المخرج عبد اللطيف صاحب الجماهيرية الأكبر سينمائياً في سوريا: أنا خائف وخوفي كل سنة يزداد عن السنة التي سبقتها، وهذا ليس تواضعاً مني، فأنا لي جمهور واسع، وبالعموم من وجهة نظري ان الموجود في هذا الفيلم سيلامس قلوب الناس. الفيلم بطولة كل من الفنانين السوريين أيمن زيدان سمر سامي بالاشتراك مع قاسم ملحو وجمال قبش ومازن عباس وميسون أبو أسعد وحازم زيدان ومجد رياض ولواء يازجي وآخرين