2012/07/04

عبد المنعم عمايري : للحرية مساحة كبيرة في هذا الوطن
عبد المنعم عمايري : للحرية مساحة كبيرة في هذا الوطن

زبيدة الإبراهيم - البعث

عبد المنعم عمايري،  فنان مثقف وقريب من الناس الذين طالما قارب في أعماله مشاكلهم، ناقلاً معاناتهم عبر أدواره المتعددة كبقعة ضوء ومرايا وغيرها، إلا أن عطاءه الأبرز كان مسرحياً حيث قدم مسرحيات " فوضى ، وسيليكون  وتكتيك " التي عرفتنا على منهجه الفكري وأسلوب قراءته للواقع وتحويله إلى عمل فني، هذا الأسلوب الخاص بعمايري منحه جمهوراً مسرحياً عريضاً وجوائز عربية كبرى.

وعن كيفية قراءته لما يجري في الوطن العربي ردّ الفنان عمايري: ما يحدث إلى أسباب اقتصادية، إذ يرى أن الأزمة الاقتصادية العالمية وما تلاها من انهيارات مالية أفرزت تداعيات منهكة حتى على مستوى الدول الكبرى فكيف بدول صغيرة كما يحدث في وطننا، وشبّه ما يحدث الآن بالتسونامي .

أما بالنسبة لسورية فيرى عمايري أنها تأثرت بما يحدث في الوطن العربي، وهذا طبيعي فهو فنان ومواطن يمكن أن يفهم بعض الأشياء لكن ليست له دراية كافية في السياسة، هناك اجتهادات شخصية من البعض لكن هذا لا يكفي بل نترك الأمر للمتخصصين في هذه المواضيع، ولكنه يرى أن الفن انعكاس للحياة والسياسة هي جزء من هذه الحياة، وعلى الفنان أن يبتعد عن الآيديولوجيا وينفتح على كل الآراء والأفكار، وأن يحمّل أعماله إشارات استفهام ويسلط الضوء على مشاكل المجتمع،  ودور الفنان أن يطرح الهموم بشكل فني ودرامي يحمل المتعة إلى جانب المعرفة، وهو يستقي هذه المعرفة باقترابه من الناس واكتسابه محبتهم، لكن عندما يتعالى الفنان عن نبض الشارع وهموم المواطن سوف يلفظه الناس..

أما عن البيان الذي أصدره مع عدد من الفنانين السوريين، فأجاب أنه في الفترة الماضية كان في مصر يصور مشاهده في مسلسل "صايعين ضايعين " وكان مشغولاً جداً وكانت أزمة سورية في بدايتها وفي متابعة الأخبار في المحطات  لاحظ  أشياء غريبة ومفاجئة بالنسبة له، والمتابع لتلك الأخبار يشعر أن هناك حرباً في سورية، وعندما كنا نتصل بأهلنا في سورية كانوا يطمئنونا،  وكم تفاجأنا عندما عدنا وكانت الحالة أكبر مما رأيناه وسمعناه، كان هناك تشويه إعلامي للذي يحدث،  وكان هناك اتهام عند البعض للفنانين بأنهم قصروا.. والفنان هو مواطن ووجعه لايختلف عن وجع أي مواطن، وكان هناك بيان وقّعت عليه مجموعة كبيرة من الفنانين مثل جمال سليمان ،رفيق سبيعي ،أيمن زيدان ، بسام كوسا وعنوان البيان كان "تحت سقف الوطن " وسقف الوطن بالنسبة لنا هو السيد الرئيس بشار الأسد وبالتالي كل ما تحدثنا عنه هو كل الإصلاحات التي تكلم عنها الرئيس الأسد والذي أطلق على نفسه أمام مجلس الشعب لقب المعارض الأول في سورية للفساد والفاسدين، وهذه المسألة ليست بجديدة عليه ونحن معه بكل ما طرح من قضايا إصلاحية،  ولا أظن أن أحداً ضد الإصلاح و لا أحد ضد الحريات، بالعكس عندما يتحسن وضع جاري أو أخي أكون سعيداً، وبالتالي هذا كان تحت سقف الوطن، وهذا أمر واضح وكل الفنانين تكلموا بمسائل لها علاقة بالإصلاحات التي دعا إليها الرئيس الأسد الذي نعيش جميعنا معه وبظله.

ويتابع الفنان عمايري قائلاً: بهذه المناسبة أريد أن أقول شيئاً مهماً بالنسبة لي، وهذا ما أتذكره باهتمام، هو تكريم السيد الرئيس لنا على مسرحية "فوضى " التي حصلت على جائزة أفضل عرض وأفضل إخراج في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، معنوياً ومادياً واستقبلنا بصدر رحب، هذا كان في 2005 وقد عمم السيد الرئيس مباشرة إلى وزارة الثقافة ومديرية المسارح أن أي فنان ينال الجوائز خارج سورية ويرفع علم الوطن واسم سورية يجب أن يكرم في بلده، وبالنسبة لنا كان استقباله لنا أكبر تكريم، وهناك مسألة أخرى هي التكريم المادي حيث أوعز إلى وزارة الثقافة كي تصرف لنا المهمة كاملة بعد أن كانت ثلث مهمة.

والمسألة الأهم كانت حضور السيد الرئيس وعقيلته عرض مسرحيتي "فوضى وتكتيك" بشكل مفاجىء وعفوي ودون علم أحد، ومن ثم ذهابه إلى الكواليس وانتظاره للممثلين ليسلم عليهم جميعاً بعد انتهاء العمل، وهذا أفضل ما جسده من علاقة حميمية وجميلة يمكن أن تكون بين الرئيس والفنان السوري، سواء بحضوره لمسرحياتنا ومسرحيات زملائنا أو بحضوره معارض الفن التشكيلي والحفلات الموسيقية. وأنا أرى أنه إذا كان رأس الهرم في هذا  البلد يشجع الفن والفنانين بهذه الطريقة العفوية والبسيطة فهذا ليس تكريماً لأشخاص بعينهم بقدر ما هو تكريم للمؤسسة، وبالتالي هي رسالة للوزير والمسؤول ليقتدوا به. إضافة إلى أن لقاءه مع الدراميين والقائمين على الانتاج الدرامي في كل عام  لسماع أفكارهم  ومشاكلهم هو أكبر دعم للدراما السورية التي نمت وتطورت كثيراً بسبب هذا الدعم والتشجيع، الذي نعيشه في سورية مساحة كبيرة من الحرية يحسدنا عليها زملاؤنا الفنانون في الوطن العربي ليس في بقعة ضوء فقط بل في كل أعمالنا الدرامية، حيث منحتنا القيادة السياسية ضوءاً أخضر للحديث عن كل أنواع الفساد الذي طرحته مسلسلات "خان الحرير" أو "غزلان في غابة الذئاب" وغيرها، لقد تكلمت هذه المسلسلات بكل جرأة عن واقعنا ومشاكلنا. أما في المسرح وهو هاجسي وعملي كمخرج ومؤلف فإن مساحة الحرية التي أحصل عليها في أعمالي كبيرة ولم يسبق أن تدخل أحد حتى بحذف جملة واحدة مما كتبت.

وعن آخر أخباره الفنية فهو يشارك في عدة لوحات من سلسلة " بقعه ضوء" ويحضر لفيلم "العاشق" من  إخراج عبد اللطيف عبد الحميد ، بينما سيشارك لأول مرة في مسلسل بيئة شامية بعنوان "الزعيم" من إخراج بسام ومؤمن الملا، أما مسرحياً فسيقوم بعرض مسرحية فوضى باللغة التركية وبطاقم فني تركي على مسرح بلدية استنبول.. وختم حواره معنا بأمنياته أن تبقى سورية بخير، فهو المواطن الفلسطيني السوري الذي لم يشعر يوماً إلا أنه سوري، فوالدته سورية وزوجته سورية وولد وعاش وكرّم هنا، وأي شيء يخص هذا البلد العظيم، وأناسه يخصه هو بالذات.