2012/07/04

على كتّاب الدراما الدينية مقاومة أعداء الفن
على كتّاب الدراما الدينية مقاومة أعداء الفن

سعيد ياسين - دار الحياة

محمدأبو الخير من أبرز كتاب الدراما الدينية في العالم، بفضل أعمال كثيرة له، مثل مسلسل «القضاء في الاسلام» الذي قدم طوال تسعة أعوام متتالية في تسعة أجزاء، وهو ما يعتبره الكاتب هبة من الله، إلى جانب مسلسلات «المرأة في الإسلام» و «الطريق إلى سمرقند» و «مهاجر إلى الله» و «محاكمة عالم» و «وراء الستار» وغيرها.

ويرجع أبو الخير انصراف جهات الإنتاج في أيامنا هذه عن تقديم الدراما الدينية إلى أكثر من سبب «المؤلفون لم يستطيعوا جذب الجمهور في صورة لائقة، نظراً الى تقديم نماذج في شكل جاف وغير موثق، كما كانت اللغة العربية فيها غير موحية. أصحاب هذه الأعمال لا يدركون ما يلزم الدراما وعرض الأحداث والمواقف من تشويق وإثارة للفكر والوجدان، وأصبحت النماذج التي ترتفع إلى مستوى رغبات المشاهدين وأفكارهم وأحاسيسهم قليلة بل ونادرة، ثم جاء دور المنتج الذي يبحث عن الربح وإن رأى أن كثيراً من المنتجين أضروا بجميع النماذج الدرامية، لأنهم غالباً ما يكونون على قدر كبير من الثقافة التجارية ومنهم من ليس له نصيب من الاهتمام بالوطنية أو القيم والأخلاق والتاريخ والتراث».

ويشير أبو الخير إلى أن كاتب الأعمال الدينية يهمه أن يكتب ويفرز ما لديه، ثم بعد ذلك يعالج الأمر إن أسيء إليه وقت العرض، وليحمد الله أنه أرضى ضميره وكتب ما يمليه عليه، ولا أنكر أن البعض قد يحجم عن مثل تلك الأعمال بخاصة إذا كان ممن ينتمون إلى محبي الشهرة والاستعراض».وطالب كتّاب الدراما الدينية بالثبات ومقاومة من يحب تسميتهم بأعداء الفن والإبداع والدين. وكشف أن مسلسل «القضاء في الاسلام» (الذي شارك في بطولته غالبية فناني وفنانات مصر بداية من يحيى شاهين وأحمد مظهر وعبدالله غيث وشكري سرحان وزهرة العلا وانتهاء بأشرف عبد الغفور وحمدي أحمد ومحمد وفيق وجلال الشرقاوي وليلى طاهر)، عن أن الحلقات كانت رفضت في البداية من قبل عالمين في الأزهر الشريف، ويقول: «ذهبت مع المخرج إلى شيخ الأزهر وقتها جاد الحق علي جاد الحق فطلب منا التفاهم مع وكيله الدكتور محمد حسام وشرحت لهذا وجهة نظري فتكونت لجنة برئاسة عبدالعزيز غنيم كتبت تقريراً إيجابياً اتى فوق ما كنا نأمل».

وتوقف الكاتب أمام معايشته للقضاء والقضاة عبر أزمنة إسلامية مختلفة وقارنه بما يحدث من تخبط من فتاوى بين فقهاء الوقت الحالي «لا كلمة لي في ما يحدث، ومن يريد أن يرى القضاة في الإسلام فليشاهد المسلسل وما يحدث حالياً، ويقارن ويصل. أنا ما لدي فرضته ولم يتم تغيير حرف واحد في كلمة كتبتها، وكنت أتخيل أحياناً أنهم يوافقون على المسلسل لمجرد وجود اسمي عليه لثقتهم الكبيرة فيّ، بخاصة أنه لم يكن لي أية انتماءات أو أهداف سياسية ولم يكن في بالي حاكم أو محكوم، كنت فقط أمام القضاء في الإسلام وقضاته بصفتهم حماة للمجتمع وحراساً على حسن تسيير أموره وإنصاف المظلوم والقصاص من الظالم حتى ولو كان المظلوم عبداً والظالم سيداً، وكيف كانت كلمة الله وشريعته هي العليا، وكيف أوجد الإسلام نظاماً عادلاً لا يفرّق بين غني وفقير، وكيف كان لهؤلاء القضاة دستور لا يحيدون عنه، إضافة إلى هذا فقد جمع بعضهم في بعض الأحيان بين القضاء والفقه والعلم وقيادة الجيش».

وأوضح أبو الخير أن «القضاء في الاسلام» كان طريقه الحقيقي نحو الأعمال الدينية «دخلت مجال الدراما الاجتماعية بدافع إثبات نفسي فيها، والحمد لله نجحت كل أعمالي ومنها «زغاريد في غرفة الأحزان» و «أصيلة» و «رفاعة الطهطاوي» وبعدها عدت إلى اهتمامي الحقيقي، وقدمت عدداً من المسلسلات كان آخرها «المرأة في الإسلام» الذي عكس دور المرأة المسلمة في المجتمع ومشاركتها في مختلف جوانب الحياة من خلال تقديم تعريف تاريخي موجز للسيرة الذاتية لأكثر من ثلاثين نموذجاً من النساء المسلمات لإبراز جانب القدوة والريادة في حياتهن من خلال منظور إسلامي ركز على القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية. وسعى العمل إلى تقديم صورة للمرأة من واقع نصوص التراث القيمة للتأكيد على أهمية وقيمة دورها في المجتمع، فهي كانت فقيهة ومحدثة ومفسرة ومشاركة في مجالس القضاء والفتوى، وكانت شاعرة قديرة وحكيمة تقف إلى جوار الحاكم، وحرة في اختيار الزوج بكامل إرادتها وراعية للأسرة حريصة على إقامة العدل بين الأبناء، وتقيم أعمال البر والخير بما فيها من مساجد ومدارس ومستشفيات وملاجئ للأيتام من مالها الخاص».

وتحدث أبو الخير عن خمسة مسلسلات لديه جاهزة للتصوير وحاصلة على جميع الموافقات الرقابية وموافقة مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، وكان مقرراً تنفيذ بعضها منذ أكثر من عشرة أعوام لمصلحة قطاع الإنتاج، ولكنها توقفت لأسباب تسويفية لا يعرف حقيقتها وهي «سعيد بن المسيب» و «ابن طوبار» و «عبدالرحمن الكواكبي» و «الجبرتي» إلى جانب جزء ثالث من «المرأة في الإسلام».