2013/05/29

«عمر» لحاتم علي..
«عمر» لحاتم علي..


قيس مصطفى - بلدنا


ليس بالإمكان التغاضي عن عمل درامي يُوقَع باسم وليد سيف وحاتم علي. هذه حقيقة رسختها وقائع الدراما السورية عبر سنين طويلة من التجارب. ولا بد على هذا الصعيد من التذكير بالثنائي الاستثنائي الذي توافر بحاتم علي مخرجاً ووليد سيف كاتباً درامياً في الملحمة الكبرى "التغريبة الفلسطينية". لكن المسلسل ذا الميزانية الضخمة عمر بن الخطاب، لن يحظى بوليد سيف وحاتم علي فقط، إذ إنه سيحظى بحاتم محمد علي مخرجاً، وبوليد سيف مؤلفاً. وهكذا يعثر المشاهد على اسم ثلاثي لمخرج طالما عرفناه باسمه ولقبه. ووليد سيف، الذي يخوض في الإشكالي- كما عوّدنا دائماً- شديد الاستجابة للجنة رقابية يقودها يوسف القرضاوي.

هذا يعني أن شخصية عمر بن الخطاب، ستخلو بشكل قاطع من الإشكالية التي كنا ننتظرها من كاتب كبير من عيار الدكتور وليد سيف؛ لأن لجنة تشكل وجهة نظر محددة إلى الإشكال التاريخي الماثل في الإسلام، لن تكون إلا منحازة إلى رواية من الروايات. يشكل عمر بن الخطاب- الشخصية التاريخية- تحدياً كبيراً للمستقر والسائد في الثقافة الإسلامية. إنه الرجل العظيم الذي قلب معادلات القبائل، وجعل الكفة مائلة إلى الدين الجديد. هنا يطلب المشاهد بطلاً، وإنساناً لايشق له غبار، كما تتحدث جميع السرديات الشائعة. لكن وليد سيف يؤثر السلامة.
يحاول على نحو بالغ أنسنة الأسطورة وجعلها أرضية قليلة الارتباط بالميثولوجيا التي طالما توافرت لدى الشخصيات التاريخية، لكن هذا لا يخدم الدراما التي تقوم على البطولة، وعلى وجود مركزية تتمثل في وجود البطل وقدرته على كسر النموذج والسياقات. إنها خيارات الكاتب- وليد سيف- دون أن نجد تفسيراً خارج الدراما للسبب الذي يدفع الكاتب إلى إظهار عمر بن الخطاب على هذه الهيئة، رغم أن أعمالاً أخرى تحتفي بالبطولة الفردية أظهرت شخصيات خرافية- لاقيمة لها- كما في مسلسل باب الحارة، وكأنها محور العالم. من الأهمية بمكان أنسنة الأسطورة، وجعل البطل الدرامي بشراً لا سوبر مان. لكن الإغراق في هذا الحساب لا ينبغي أن يقود  صانع العمل الدرامي إلى جعل الشخصية باهتة من دون أي ميزات تذكر. إن هذا التقنين في الحدث، وفي مركزية البطل، يضر على نحو بالغ في كلية العمل الذي تتوجه إليه الكثير من الأبصار، خصوصاً في هذه الفترة شديدة السوء التي تعمد فيها الجماعات إلى استعادة ما تعتقد أنه رموزها الشخصية.. يقع وليد سيف في مأزق كبير، خصوصاً عندما لا يعرّف بالشخصيات وبموقعها في السياق التاريخي؛ الأمر الذي لا يجعل المتلقي على تعاطِ واضح مع الشخصيات. يمكن أن نذكر هنا أن وليد سيف خلاق في بناء الشخصيات، وليس أدل على ذلك من مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي حقق تساوياً قليل الندرة في الدراما بين الشخصيات؛ إذ عمت البطولة في هذا المسلسل. يبقى من المبكر النقاش عن اختيار الممثلين، فشخصية عمر بن الخطاب، وحتى هذه اللحظة لم تتبوأ بعد جوهر الفعل الدرامي، على الرغم من أن الشكوك قائمة على تلك الخيارات.
ما هو الجديد حتى هذه اللحظة في مسلسل عمر بن الخطاب؟!. لا بد أننا أمام لحظة فارقة في تاريخ الدراما العربية التي تناقش شؤون الإسلام. هكذا صيّر لنا أن نشاهد شخصيات الإسلام المقدسة على الشاشة؛ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.. ولعل ذلك يفتح الطريق إلى مشاهدة موازية لمشاهدة المسيح على الشاشة. المهم مسيح بلا دراما وعمر بلا قرضاوي وعلي بلا نجف وقم.