2013/05/29

عن تقنيات التلفزيون
عن تقنيات التلفزيون


راسم المدهون – الحياة

يضحك الطفل للرجل الذي يضحك في شاشة التلفزيون، لأنه يعتقد أنه يضحك له هو بالذات. لمَ لا؟

أليس التلفزيون علاقة حيوية مع مشاهد مطلق؟

قال يوسف شاهين مرّة إن السينما تنتهي حين تفقد جوهرتها الخفية، أي السحر، وليس الأمر بعيداً من الشاشة الصغيرة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس: السحر الذي نعنيه ليس ظاهرة يمكن تأطيرها في مواصفات محدّدة لأنها ببساطة قدرة كل مفردات البث على «إيقاع» المشاهد في حالة الدهشة و «القبض» على وعيه ومخيلته معاً.

يعتقد بعضهم أن التلفزيون «ظاهرة استهلاكية» لا تحتاج كثيراً إلى حرفيات عالية يصفونها بالصرامة، فهو ليس سينما تمتلك ميزة الخلود، ومع ذلك يقول الواقع إن التلفزيون بكل ما يتساقط عليه من تلك التهم يلعب دوراً هو الرئيس حتى الآن في العلاقة مع البشر في أركان المعمورة.

بين الفضائيات العربية على اختلافها والبث الفضائي العالمي بون شاســع: شـــاشات عربية كثيرة لا تزال عاجزة عن «ضبط» مشاعرها الخاصة إزاء هذا الموقف أو ذاك، نعني عدم القدرة على التفريق بين الحياد والموضوعية، ففي حين يعني الأول اللاموقف، تذهب الثانية نحو سرد أمين للأحداث.

الفضائيات العربية – غالباً – لا تزال في حاجة لرؤى موضوعية والأهم أيضاً تجويد البنائيات الفنية لكلّ ما تقدمه: المشهد التلفزيوني على اختلاف أنواعه لا يستطيع إقناع أحد إن لم يتم إنتاجه في صورة فنية حداثية وذات مواصفات عالية. في سبيل ذلك لا تكفي الهواية وحدها لإعداد العاملين في هذه الوسيلة الإعلامية التي باتت الأهم والأسهل وصولاً إلى المشاهدين.

لا يتعلق الأمر بالدراما أو المنوعات فحسب، لكنه يشمل كل الأنواع التلفزيونية. فالنشرة الإخبارية جافة وعارية من ألوان الجمال حين تُقدم في صورة غير متقنة أو قليلة الفنية.

لا مكان في عصر التقنيات الحديثة لفضاء «متقشّف»، ولا عزاء لشــاشة تتذرّع بقلَة الإمكانات، فالشاشة الصغيرة في زمن العولمة باتت ســوقاً تخضع للعرض والطلب، والريموت كونترول هو سيد الموقف، وهو قادر على إزاحة هذه الفضائية أو تلك في أي لحظة.