2012/07/04

غالي يا وطن
غالي يا وطن

عفاف يحيى الشب - تشرين

صرخة من صميم الوجدان.. من فجع الآلام.. من قدسية دم أهل الكرامة والعنفوان صرخة فيها صهيل العروبة، فيها الغيرة والأصالة والرجولة دوت بها حنجرة مواطن من بلدي صرخة من دوما حيث دمشق الخضراء تسرح بخيلاء تحمل نكهات الحب المروية بفخر الانتماء إلى بساتين دوما الغناء تقول بلدنا غالي....ة

هذه الصرخة التي كانت موشحة بنفحات رحمانية شفافة من شيخ من أهالي دوما أشعلت في داخل كل سوري وطنية عارمة تفند كل مزاودات العالم الجشع الذي راح يغمس مؤخراً أطماعه العدوانية بدم أبناء بلدنا الغالية وجعلت عيون الأمهات تمطر دمعاً لهوفاً على كل شهيد دفع شبابه ضريبة لأهل البغي والباطل وعصفت غضباً في رؤوس الرجال الذين لم تأخذهم محاولات زرع الفتنة بين أبناء شعبنا من قبل كل منتهك للحرمات فازدادوا صلابة وتعنداً وتمسكاً بحالة الوفاق الوطني والتلاحم الشعبي الذي عاشته سورية طويلاً ولن تنحره اليوم رخيصاً كما يشاء المغرضون، وبلدنا غالية التي صرخ بها هذا الشيخ الدوماني والتي سكنت خلايا كل من سمعها واستوطنت قلبه ورأسه تنافس في مصداقيتها ومدى أثرها وتأثيرها أي ملحمة درامية لو اجتمع عليها أكثر مخرجي الدراما إبداعاً ولن تستطيع أقوى قصيدة شعرية توصيفها لو جاءت بكل المحسنات البديعية من جناس وطباق لأنها كانت نابعة من القلب الذي نضح ألماً على شهداء سورية في هذه الأزمة التي تعيشها مؤخراً ولأنها كانت تحمل إيماناً ببلدنا الغالية وخوفاً عليها وحرصاً على كل ما فيها، والحقيقة أن هذه الصيحة الوجدانية الأخلاقية كانت ترمح داخل كل مواطن سوري شريف وان كان الشيخ الدوماني هو من أطلقها وهي محصنة بالروحانية والأمل ومما يؤكد ذلك أنني كنت أعتقد نفسي عاشقة سورية لبلدي بمرتبة الشرف وعشقي لها جعلني أغار على كل ما فيها مثل أي محب وعليه فقد كنت أستاء من ازدحام السير من ضجيج السيارات من حفر الشوارع الخرقاء من تبعثر المخالفات في كل مكان سواء في الأكواخ المنتشرة هنا وهنا ومن محلات الحدادة القابعة فوق صدور القاطنين قريباً منها كأنها الشيطان، وأكاد أجن من الأبنية الحديثة الشامخة بارتفاع أسعارها الفارغة منذ أزمان بينما الناس لا يجدون مسكناً لائقاً يمنحهم الدفء والأمان ومن.. ومن.. لكنني اليوم وقد هبت رياح الفتنة الدسيسة فقد انقلب الحال عندي بمعايير كبيرة حتى أصبحت مجنونة بكل ما فيها وعاشقة لأرضها وسمائها، جبالها وسهولها ومدافعة شرسة عن كل ذرة من ترابها وقبضة من هوائها.. ‏

أجل اليوم وقد شهدت محاولات الأدعياء سرقة سورية (المحبة والسلام) منا بكل احتيال ومواربة وإصرار وحاولوا اللجوء إلى إدماء تآخينا وإشعال نار الفتنة في روابينا ولن يكون لهم ذلك للأسباب ذاتها ولأننا إخوة في الدم والروح والانتماء لذلك أصبحت أقول بكل شغف ولهفة وصدق وبمنظور وطني لهوف ومنيع: يا رباه ماأحلاك يا بلدي ساعة الذروة في الظهيرة وكل وسائل المواصلات العديدة مكتظة بأبناء بلدي الأشقاء تنقلهم إلى حيث يريدون.. ما أجملك يا شوارع بلدي وفوق كل حجر فيه وطأت أقدام أهلي وأشقائي وأبناء أمتي الشرفاء.. ‏

بل واسأل ذاتي في كل دقيقة وثانية: هل هناك في العالم كله ساحة أجمل من ساحة الأمويين لا ولا حتى كل معلقات الأقدمين التي حدثتنا عنها كتب التاريخ.. أجل بلدي أجمل بلد في العالم ومن قال إن باريس الفرنسية تفوقها حسناً وجمالاً وروما الحضارة تسبقها بنياناً وعمراناً من ادعى أنه في «فيينا» نسائم من الجنة وفي أمريكا كل الروعة والفتنة لا لا أحد يشبه وجه بلادي الأجمل، فهاهو قاسيون يضاهي جبال الألب بقامته الهيفاء ولياليه القمراء وها هي أسواقنا بدءاً من سوق الحميدية إلى خان الحريري تنافس بحركتها النشطة كل مراكز التجارة العالمية وأمام ناظرك يسرح الشارع المستقيم بكل (خاناته وعباءاته الحريرية الشرقية) ليدغدغ روحك بروائح الهيل والزعتر.. ولن أقف هنا في عشقي لكل مفردات بلدي البهية ففي بلادي ساحل من لازورد تعانقه أمواج فضية في أجمل اللوحات التي تفوق كل ما رسمه بيكاسو وليوناردو دافنشي بل في بلدي جنان من الكروم والأعناب في السويداء والجولان لا تماثلها كل المساحات الخضراء الممتدة في بلاد الدانوب وفيها كل الأصالة من درعا الإباء إلى حلب الشهباء ومن منطقة الفرات إلى تدمر المجد والآثار هذا ما أصبحت أشعر به والغيمة السوداء المحملة بالفتنة الملغومة تحاول اختراق فضاءات بلادي.. لقد أصبحت أتجول في كل شوارعها وأحيائها وحدائقها والقلب يخفق في الجنبات وأراها أجمل من كل يوم مضى وعين المحب عندي مغرمة عنيدة لكن المفاجأة الهامة في هذا العشق والهيام ببلدي أنه لم يكن خاصاً بي ومتعلقاً بذاك الوله العميق بأرضنا المنعاء بل كان عاماً وأصيلاً شهدته عند كل قريب لي وصديق ولدى ملايين السوريين لأنهم مثلي يتحدثون عن جمال بلادي وقد انتصب مارد عشقنا لها جباراً عند الجميع ليقول لنا إن العاشقين ولهاء وان الخوف من فقدان الحبيب يزيدهم عشقاً له وتمسكاً به وهذا ما حصل مع كل سوري من أي طيف ومن هنا استطاعت صرخة ابن دوما «بلادنا غال.... ية» أن تتغلغل في أرواحنا وعروقنا ونبضات قلوبنا لأنها هي نفسها ما أصبحنا نرفع صوتنا عالياً معها ونقول «سورية الحبيبة غال...ية» وغالية جداً فوق أي تصور منبوذ ومخطط مرفوض، وتاريخ أسود حقود يحاول أعداء الحريات إعادتنا إليه، ولن يكون لهم ذلك لأن بلدنا غال.... ية. ‏