2012/07/04

فـؤاد شـرف الديـن: تـلازم الفـن مـع قضيـة المقاومـة
فـؤاد شـرف الديـن: تـلازم الفـن مـع قضيـة المقاومـة

فاتن قبيسي- السفير

رغم أن الفن هو حرفته وهويته، لكن فؤاد شرف الدين يجمع في حضوره بين الفنان والمخرج والمقاوم .. والرجل المسكون بالسياسة.. لا تنفصل ذاكرته الفنية، عن ظروف الحرب في لبنان، وإفرازاتها في المجتمع. يستعيد الكثير من المواقف التي جمعته ببعض السياسيين على حواف عمل فني هنا او هناك. يستذكر تفاصيل بعض الأحياء والشوارع حيث كان للمسلحين فيها سطوة الحاكم. وهو الذي دفع كغيره ثمن الحروب، التي بسببها تهجّر من منزله ثماني مرات.

يغوص في السياسة، ويعتبر أن لبنان منذ الاستقلال «ركب غلط» على أساس «الزعامات». ولكن «الكابتن» - كما تناديه ابنته الممثلة جمانة - سرعان ما يعود الى سكينته عندما تسأله عن عمل فني، فتسرح عيناه كمن يتذكر محبوبته.

يلعن الطائفية وهو يقول: «أنا شيعي، وسيد (من سلالة النبي)، ووالدتي مسيحية، وكذلك زوجتي الراحلة».

يعلن شرف الدين لـ«السفير»: «أنا مقاوم منذ العام 1958». ويفتخر لكونه استهدف يومها دبابة أميركية في مستديرة شاتيلا، بتكليف من قائد المقاومة الشعبية اللواء عبد الحميد سلام. معرجاً في كلامه على دورة تدريبية عسكرية كان خضع لها في العام 1957 في سوريا، باسم «دورة خالد بن الوليد» على يد ضباط من ألمانيا الشرقية.

والتدريب العسكري مدعوماً بروح نضالية، انعكس في عدد من أفلامه السينمائية، التي تميّز بعضها «بالأكشن» واستخدامه للأسلحة الحربية.

ينتمي الفنان شرف الدين الى تلك المرحلة الذهبية من عمر الفن اللبناني. والمعروف أنه وأخوه المخرج يوسف شرف الدين مهرا السينما اللبنانية بتوقيعهما، في أواخر السبعينيات والثمانينيات.

18 فيلماً سينمائياً شكلت مرحلة ما سُمّي بـ«مرحلة الأخوين شرف الدين»، تبعاً لما ورد في أحد كتب السينما العالمية. «الممر الأخير»، «المجازف»، «القرار» وغيرها ساهمت يومها في صناعة جمهور سينمائي تراجعت نسبته اليوم تدريجياً.

أدواره المستقاة من حكايا الناس ويومياتهم، حمّلها ثوب المقاومة أكثر من مرة. آخرها كان عبر مسلسل «زمن الأوغاد» (2003) الذي عرض عبر أكثر من شاشة تلفزيونية.

وشرف الدين انتهى مؤخراً من تصوير مشاهده في عمل مقاوم آخر، عنوانه «الغالبون» للمخرج السوري باسل الخطيب. ويتناول سيرة «حزب الله» في لبنان. وهو إذ يلعب دور الكولونيل الإسرائيلي آمر معتقل الخيام، فإنه لم يكن سهلاً عليه ارتداء البزة الإسرائيلية والتكلم بالعبرية. ويقول: «أعتبر مشاركتي في «الغالبون» نوعاً من المساهمة المعنوية لنصرة قضية المقاومة. ولكن هذا لا يعني أن الإدارة الإنتاجية جيدة، بل تنقصها الخبرة الفنية، بخلاف ما حصل في «زمن الأوغاد»، وحيث كان يترك للفنان إمكانية استثمار خبراته التي راكمتها السنوات. علماً أن الأخير حصد نسبة مشاهدة عالية عبر عدد من القنوات، وتبين بحسب إحصاءات بعضها، بأن مشاهديه يتوزّعون مناصفة بين مؤيدي المقاومة ومعارضيها». ويأمل أن يحقق «الغالبون» النتيجة المأمولة منه، وبما يجنبني الندم».

وفيما تعتبر تجربة شرف الدين محدودة على صعيد الدراما المحلية، فإنه يعزو ذلك الى ضعف مستوى الإنتاج. ويصف بعض مشاهد المسلسلات اللبنانية بقوله: «متل ولاد صغار عم يقروا استظهار». ويعتبر أن أغلبية مدراء القنوات لديهم أزلامهم في لبنان، الذين يشترون منهم المسلسلات، باعتبارها غير قابلة للتصدير الى الخارج.

ولأنه لا ينتظر «الوحي» ليهبط فجأة على المنتجين اللبنانين. قصد مصر في العام 1996. «وهناك وجدت قيمتي وقيمة ابنتي جمانة، من خلال إسناد أدوار هامة الينا في بعض المسلسلات» يقول.

يبلغ عدد المسلسلات التي شارك فيها شرف الدين في مصر حتى اليوم ثمانية مسلسلات. منها عملان أنتجا لحساب «إتحاد الإذاعة والتلفزيون»: «أيام الغضب والدموع»، و«أحلام وردية». وعرض له في رمضان الماضي «الملكة نازلي»، فيما من المنتظر أن يعرض قريباً «الهاربة» (الجزء الثاني).

ويقيّم تجربته في مصر بأنها «مفيدة، ومريحة على مستوى التعاطي مع الفنان، وثمة اهتمام كبير «بالكاستينغ»، حيث يوازي الإخراج أهمية، فيما يبدو إهماله واضحاً في لبنان».

ويضيف في سياق المقارنة بين مصر ولبنان قائلاً: «في المسلسل المصري يتولى العمل مع الجيل الجديد، حوالى أربعة فنانين مخضرمين، فيما تتم في لبنان إزاحة هؤلاء لمصلحة الرعيل الجديد، ما يفقد العمل الروح المهنية والاحترافية».

وخاض شرف الدين أيضاً تجربة الإخراج من خلال مسلسلات عدة منها «العصفورة»، «حنان والقدر». وأفلام «ايفانوفا»، «مسافرة الى المجهول»، و«لعبة الوهم»...

وفي جعبته اليوم عمل توثيقي - تمثيلي حول ثلاثة استشهاديين. فيما يتحضر لبطولة وإخراج فيلم سينمائي بعنوان: «القرار الظني والظن بالقرار.. فالصرخة». ويقدّم من خلاله تابلوهات واقعية مستوحاة من الحرب الأهلية في لبنان. ويستعين بالزميل نصري الصايغ للإشراف على النص قبيل تنفيذه.

ولدى قولنا بأنه يستثمر قضية سياسية راهنة لتسويق الفيلم المرتقب، يعلق بقوله: «اخترت العنوان لجذب الجمهور من الفريقين السياسيين. وهذا هو المطلوب للعمل الفني».

نسأله عن إمكانية نجاح الفيلم في ظل تراجع السينما وانتشار الفضائيات، فيقول: «لا شيء مضموناً في لبنان. ولكن شركة التوزيع ربما تشكل ضمانة. كما أصبح اختيار صالة العرض أمراً أساسياً».

إذن عين شرف الدين اليوم على الفن، ولكن الأخرى على الشارع العربي. وهو يعتبر ثورات الشعوب نتيجة طبيعية لممارسات زعمائها، لا بل إنها تأخرت كثيراً. ويقول: «يكفي أن نعلم أن دولة خليجية مدخولها مليار دولار يومياً من النفط، فيما كثر من مواطنيها جوعى.. ولكننا نخشى العودة بحكام أسوأ مما يُنادى بإسقاطهم اليوم