2013/05/29

فادي صبيح: الشخصيات الفنية تطارد الممثل!
فادي صبيح: الشخصيات الفنية تطارد الممثل!

بديع منير صنيج – تشرين


«رغم أن التلفزيون بحاجة إلى جهد كبير ليدافع فيه الممثل عن نفسه، لكنه ليس بدقة السينما» بهذه العبارة يفصح الفنان «فادي صبيح» عن حرصه في التعاطي مع كاميرا الفن السابع، ولاسيما أنها المرة الأولى التي يحظى فيها بمساحات سينمائية كبيرة،

وذلك ضمن فيلمي «العاشق» و«صديقي الأخير»، ما حمله مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بتفاصيل الأداء وحيثياته المختلفة. عن مشاركتيه السينمائيتين، ورأيه في الارتجال وأهمية اللهجة في أداء الممثل كان لتشرين الحوار الآتي معه:


•حظيت هذا العام بالمشاركة في بطولة فيلمين سينمائيين هما «العاشق» لعبد اللطيف عبد الحميد و«صديقي الأخير» لجود سعيد، كيف تعاملت مع هذه النقلة من التلفزيون إلى فضاء الفن السابع؟

••هاتان المشاركتان أتاحتا لي الظهور السينمائي الأول بمساحة جيدة. وفي السينما المجهر أدق على عمل الممثل، إذ تظهر التفاصيل بوضوح، ويبدو الجهد المبذول على الأداء جلياً، لذا اجتهدت على هذين الفيلمين سواء مع المخرج المخضرم عبد اللطيف عبد الحميد الذي تبادلت الاقتراحات معه حول الأداء وتفاصيل الشخصية، أو مع المخرج جود سعيد الذي كانت الحرية معه أكبر، ومساحة الارتجال أوسع.

الشغل في السينما بمنزلة صيد ثمين بالنسبة للممثل، ورغم أن التلفزيون بحاجة إلى جهد كبير ليدافع فيه الممثل عن نفسه، لكنه ليس بدقة السينما.

في فيلم «العاشق» أجسد شخصية مدير مدرسة يصبح ضابطاً في الأمن، ليلتقي بعد ثلاثين عاماً مع طالب -عاقبه في الماضي لمخالفته القوانين- بعد أن أصبح مخرجاً سينمائياً، ليتكرر دور الوصاية بعد أن تجاوز الأخير سقف الرقابة في سينماه.

أما في «صديقي الأخير» فأجسد شخصية شقيق بطل الفيلم الذي يموت في ظروف غامضة، وهو من جماعة رؤوس الأموال يتحين أي فرصة للكسب، ولو من أبناء حارته الشعبية، وإذ تحتضنهم بما يخدم مصالحه، ويسخرهم ليكونوا سبباً من أسباب نجاحه في الانتخابات البرلمانية التي يرشح نفسه لها.


•دعنا نتحدث عن مساحة الارتجال في مشاركتك التلفزيونية ضمن مسلسل «ياسمين عتيق».

••أعدّ أن أي شخصية هي بنت بيئتها سواء أكانت شامية أم درعاوية أم ديرية أم ساحلية. وعلى الممثل أن ينهل من مفردات تلك البيئة ومصطلحاتها، فاللهجة هي نقطة الانطلاق الأولى لتشكيل المصداقية، ويتعلق ذلك بكم تستطيع أن تكون مقنعة لديك، وكم تشبه إلى حد ما اللهجة الحقيقية، وذلك جزء من الارتجال، ففي تجربتي «الشامية» الثالثة مع المثنى صبح، قمت بمراجعة أغلب مسلسلات هذه البيئة التي أنجزت على التلفزيون، وكنت أركز على المصطلحات وطريقة الكلام، لأني مؤمن بأن العمل الاحترافي يتطلب مني ألا أقلد اللهجة بل على العكس أن أحكي اللهجة. «ياسمين عتيق» بعنوانه العريض هو بيئة شامية، لكنّ العاملين فيه يحاولون الاتجاه نحو حياة الشام الحقيقية، بعيداً عن «البوجقة» التي كانت استسهالاً ضمن مجموعة الأعمال التي أنجزت سابقاً، فالعلاقات هنا حقيقية والأحداث التاريخية موثقة، بمعنى، أن هناك محاولة لأنسنة البيئة الشامية حيث يكون العمل عملاً طبيعياً بيئوياً ضمن الملامح الشامية الواقعية التي نعرفها من دون مبالغة.


•ما حدود اللعب كممثل ضمن مسلسل «الولادة من الخاصرة» الذي ستتابع فيه أداءك لشخصية «أبو مقداد» في جزئه الثالث؟

••في أول يوم تصوير ذهبت إلى الموقع من دون أي تحضير إضافي سوى ما يتعلق ببروفات الشكل، لكن مع بدء الكاميرا بالدوران بدأت الطاقة الكامنة تحفز ذاكرتي لتحديد ملامح الشخصية؛ كيف تحكي، وكيف تضحك، وبعد أول مشهد بدأت بعض التفاصيل تتحدد مع بعض الارتجالات مثل لازمة «لا تخش شيئاً»، وما ساعدني في الوصول إلى تلك النتائج أن المخرجة «رشا شربتجي» تتقبل الاقتراحات وتحاور كثيراً فيما يخص ملامح الشخصية.


•أين تكمن أهمية اللهجة في أداء الممثل في رأيك؟

••تخيل «ضيعة ضايعة» من دون اللهجة الساحلية، أتوقع أنه كان سيفقد سبعين في المئة من حضوره، فاللهجة خاصةً في الكوميديا هي الحامل الرئيس لثقل العمل، ومن دونها يتم الدخول «بكروت» غير رابحة، فرغم الصعوبة والتعب من أجل الوصول إلى أداء جمالي وحقيقي للهجة بكامل حيويتها لتكون مستساغة عند الآخرين فإنها ضرورية جداً لنجاح العمل.


•نجمك لامع في الكوميديا ومنذ «الولادة من الخاصرة» كانت هناك انعطافة واضحة نحو صيغة واقعية أقرب إلى التراجيديا، كيف توصّف ذلك؟

••هناك بعض المخرجين يفكرون بطريقة تقليدية فيما يتعلق بتوزيع الأدوار، ويستسهلون وضع الممثل ضمن خانات ثابتة، وتصنيفات واحدة، وفي رأيهم أن هذا الممثل لا ينجح إلا في الكوميديا، وذلك لا يصلح إلا للتراجيديا وهكذا. في رأيي، لا ينبغي حصر الممثل ضمن نمط محدد بحجة أنه ينجح فيه، بل يجب على المخرجين أن يبحثوا عن رؤاهم الخاصة بأداء الممثل.

مع شخصية «أبو مقداد» الشريرة، عديمة الأخلاق، والتي لا تفهم في الحياة إلا لغة المال وتحقيق مصالحه فقط، لدرجة أنه لا يستسيغ إلا الامتلاك بكل أشكاله بما في ذلك امرأة صديقه، حاولت أن أخرج عن التنميط وأنوّع في الأداء كي أبرز للناس جوانب أخرى من شخصيتي كممثل.


•ألا تخشى أثر الشخصيات الشريرة في نظرة الجمهور للممثل؟

••أي شخصية يؤديها الممثل ستلحقه بنجاحها أو فشلها، وحب الناس لها، ففي الشارع على اختلاف مستويات الناس الثقافية، فإن شخصية «سلنكو» في مسلسل «ضيعة ضايعة» عالقة بأذهانهم.

الممثل يُعرض عليه الكثير من الشخصيات، وكمية التحدي فيها والرغبة لديه في تأديتها بشكل احترافي هما من يحدد كونها مقنعة أم غير ذلك، وإن كانت ستبقى في ذاكرة الجمهور أم لا، من هذا المنطلق، كما كانت شخصية «سلنكو» طاغية عليّ ومازالت، فإنني بعد شخصية «أبو مقداد» أرى الكثيرين يكررون لازمة «لا تخش شيئاً».