2013/05/29

فتحٌ جديد في عالم الإعلام الحرّ ..فضائيــة يــورو نيــوز تســـتحدث مكتبـــاً لتجنيــد الأطفــال؟!
فتحٌ جديد في عالم الإعلام الحرّ ..فضائيــة يــورو نيــوز تســـتحدث مكتبـــاً لتجنيــد الأطفــال؟!


جوان جان – الثورة

لا توفر بعض الفضائيات جهداً في أن تخرج علينا كل حين من الزمن بمهمات جديدة تضعها بنفسها على عاتقها، مهمات لا يمكن أن يخطر على بال إنسان في يوم من الأيام بأنها يمكن أن تكون من ضمن أولويات وسائل الإعلام

لأنه يُفتَرَض أن طبيعة هذه المهمات بعيدة جداً عن طبيعة تفكير هذه الوسائل التي ينبغي أن تحاربها لا أن تضعها ضمن اهتماماتها ومهماتها .‏

مؤخراً طلعت علينا فضائية يورو نيوز بتقرير غريب عجيب لا يمكن لعقل أن يصدِّق أنه يُبثّ في فضائية ناطقة باسم الدول الأوربية التي تصدّع رأسنا ليل نهار بدروس عن حرية الإنسان وحقه في التعلّم والحياة الاجتماعية الطبيعية وممارسة حياته بكافة أبعادها ومراحلها، ولطالما ثرثرت هذه الدول في حق الطفل في أن يعيش طفولته، وحاربت الدول التي تُنتَهك فيها حقوق الطفل باستثناء الطفل الفلسطيني بالطبع .‏

التقرير الذي بثّته هذه الفضائية يتحدث عن مجموعة من اللصوص الذين يدّعون أنهم ثوّار، يتحصنون في قلعة أثرية شرق أوسطية ويقومون من مخبئهم بأعمال القنص تجاه كل من يفكر بالمرور من تلك المنطقة.. ما يهمنا من الموضوع هنا أن هذه المجموعة تضم طفلاً لا يتجاوز عمره 12 عاماً صوّرته كاميرا يورو نيوز وهو بكامل عدته وعتاده الحربيّ بعين المعجَب بشجاعته والمشجع له على الانخراط مع هكذا مجموعة صادرت حقه في أن يكون على مقاعد الدراسة أو في ملاعب الطفولة لتزج به في أتون حروب وصراعات لا يعرف هو ذاته لماذا ينخرط فيها ولأي هدف .‏

لم يكتفِ المحرر معدّ التقرير بالحديث بإيجابية وإعجاب عن هذه الحالة بل أعلن فتح المجال لتطوّع الأطفال في صفوف تلك العصابة ولم يبقَ إلا أن يشير إلى عنوان مكتب التسجيل ورقم الهاتف لمزيد من التفاصيل.. وهنا أليس من حقنا أن نسأل هل تحولت فضائية يورو نيوز الناطقة باسم الدول التي ترفع شعارات حقوق الإنسان، والأطفال في المقدمة منهم، إلى مكتب تجنيد لأطفال دول العالم الثالث كي تزج بهم في فرق الموت ليكون مصيرهم نفس مصير تلك الفرق التي لا تأبه بحياة أبنائها حتى تأبه بحياة أبناء الآخرين؟ وهل كانت هذه الفضائية ستتعامل مع الموضوع بنفس الطريقة لو أن الجهة المنخرط فيها هذا الطفل كانت جهة حكومية لا عصاباتية؟‏

لو أن فضائية عربية قامت ببثِّ نفس التقرير أما كانت ستخضع مباشرة لسلسلة من العقوبات من دول الاتحاد الأوربي عقاباً لها على الترويج لتجنيد الأطفال وتشجيعهم على الانخراط في عصابات إجرامية؟ ولماذا تغض هذه الدول الطرف عن ممارسات إعلامية تقوم بها فضائيتها، ممارسات ذات طابع إرهابي بحت تتوفر فيها كافة شروط النشاط الإرهابي ذي الطابع الإعلامي؟‏

أسئلة نطرحها لا لأننا نجهل أجوبتها بل لنشير إلى النهج الجديد الذي أخذت بعض الفضائيات العربية والناطقة بالعربية تتخذه لنفسها، نهــج قائــم على صبّ المزيد من الزيت على النار دون حســاب للأجساد التي ستكتوي بها طالما أن هذه الأجساد ليست أوروبية ولا إسرائيلية .‏