2013/05/29

فراس دهني: «الشبيهة لا يمثلني»
فراس دهني: «الشبيهة لا يمثلني»


اتجهنا من خلال أعمال المؤسسة نحو النوعية على حساب الكمية.

لم يحظ مسلسل "المفتاح" بالمتابعة بسبب عرضه خارج أوقات الذروة.

نجاح مؤسستنا يسجل لكل العاملين فيها.

نحضر الآن لمفاجأة سارة للشباب مبدعي الأفلام القصيرة التي أنتجناها.

مكاني الطبيعي هو خلف الكاميرا.

في رصيده العديد من الأعمال التي تركت بصمة في الشارع السوري، وهو مازال يعشق الوقوف وراء الكاميرا وإن كانت إدارته لمؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي في الفترة الأخيرة قد أخذته بعيداً عن "مكانه الطبيعي" وفقاً لرأيه..

المخرج فراس دهني، اقتطع من جدول مواعيده المزدحم وقتاً لبوسطة، ودار معه الحوار التالي..


خاص بوسطة – ديانا الهزيم


بداية حدثنا عن الخطوة الجريئة التي قامت بها مؤسسة الإنتاج التي تديرها أنت اليوم حيث قمتم بإنتاجات ضخمة رغم الأزمة.

المؤسسة كانت أمام خيارين، إما أن تنتج عدداً كبيراً من المسلسلات أو أن تتجه نحو النوعية على حساب الكمية وبالتالي يكون إنتاجها نوعياً وانتقائياً. المؤسسة اختارت السير بهذا الاتجاه بدءاً من اختيار النصوص والمخرجين والفنانين كأوراق رابحة في عملية التسويق بالإضافة إلى أنهم عناصر نجاح في العمل الإبداعي، وكان اختيار النصوص فيه دقة كبيرة وتنوع واضح في طبيعة المواضيع المطروحة.


أنتجت المؤسسة بالإضافة إلى اللوحات السياسية الناقدة القصيرة وأفلام الشباب، أربعة أعمال درامية تختلف من حيث نوعها وطبيعتها تماماً. حدثنا عن هذه الأعمال.

قدمنا عملاً كبيراً يناقش ويشرح أصول الفساد ونشأته وتطوره وعوامل انتشاره كمرض السرطان وهو "المفتاح" للمخرج المبدع هشام شربتجي ومن بطولة الفنانين باسم ياخور، أمل عرفة، قمر خلف، ديمة الجندي، أحمد الأحمد، فايز قزق وغيرهم، ثم اتجهنا نحو الأدب السوري الأصيل في رواية الكاتب السوري العالمي حنا مينة الذي قدّم لنا رواية "المصابيح الزرق" الشاهدة على فترة من نضال المواطن السوري ضد المستعمر الفرنسي والتي صاغها السيناريست محمود عبد الكريم بقلم مبدع مرتبط بتلك البيئة وعناصرها وأدواتها ومفرداتها، وكان العمل من إخراج فهد ميري وبطولة الفنانين سلاف فواخرجي، غسان مسعود، ضحى الدبس، أسعد فضة، حنا مينة وغيرهم، أما العمل الكبير الثالث فهو تحت عنوان "أرواح عارية" الذي توجّه فيه الكاتب فادي قوشقجي والمخرج الليث حجو لتشريح مجتمعنا ووضع ممارساتنا تحت مجهر البحث والاستكشاف، لعب بطولته كل من الفنانين قصي خولي، سلافة معمار، عبد المنعم عمايري وغيرهم.

وضمن توجّه مختلف تماماً قدمت المؤسسة السلسلة الكوميدية "أنت هنا" على شكل لوحات تلفزيونية تربط بينها شخصية طريفة، هي شاهد عيان صادق من صلب حياتنا، وهذه اللوحات عن نص الكاتب شادي دويعر وللمخرج على ديوب ومن بطولة الفنانين محمد حداقي، جرجس جبارة، أندريه سكاف، تولاي هارون وغيرهم، وبالتالي ومع هذا التنوع الذي قدمته المؤسسة مع العناصر الإبداعية التي قدمت هذه الأعمال والشرط الإنتاجي المتميز لتقديم هذه المسلسلات بالصيغة الأمثل واستخدام أحدث تقنيات التصوير والإضاءة، تكون المؤسسة قد دخلت عملية الإنتاج ليس كمقامرة أو مغامرة متهورة بل حفرت لنفسها اسماً واضحاً في خارطة الإنتاج الدرامي العربي وثبتت نفسها كلاعب درامي معتبر ذو سمعة طيبة وإنتاج متميز.

لاحظنا أن كلاً من مسلسلَي "أرواح عارية" و"المصابيح الزرق" قد أخذا إلى حد ما حقهما في العرض وفرصة مشاهدة لا بأس بها، عكس "المفتاح" الذي ظلم تماماً، فما السبب في هذا التهميش؟

في اللحظة الأخيرة تلقت المؤسسة اعتذاراً من إحدى المحطات العربية الكبرى عن عرض مسلسل "المفتاح" في شهر رمضان المبارك، بعد أن نال سابقاً جميع موافقات تلك المحطة وتقديراً متميزاً من لجان التقييم والمشاهدة لديها، ولا ندري إلى الآن السبب الرئيسي في إلغاء العرض، لكننا تلقينا قبل بضعة أيام تأكيداً من محطة فضائية عربية مرموقة بالرغبة في عرض هذا المسلسل لديها في وقت ذهبي بعد شهر رمضان المبارك مباشرةً، وربما لم يحظ هذا المسلسل بالمشاهدة المطلوبة من الجمهور السوري بسبب عرضه خارج أوقات ذروة المشاهدة، ولا ننكر أن العمل يحمل مضموناً جريئاً جداً في تشريح الفساد ولكننا متأكدون كجهة منتجة من أن العمل سيحظى بفرص عرض متميزة جداً في القريب العاجل نظراً لكونه عملاً مهماً وفريداً في طرحه الصادق في الحاجة الماسة لمكافحة الفساد بأشكاله كخطوة أولى مطلوبة قبل أي إصلاح إداري أو سياسي أو اجتماعي.

مجلس إدارة المؤسسة

من الواضح عند قراءة أسماء أعضاء مجلس الإدارة حجم الاهتمام بالدراما السورية وسبل تطويرها والحفاظ على نجاحاتها، فمجلس الإدارة يضم فنانين كبار على رأسهم الفنان الكبير دريد لحام ويضم المخرج المبدع هشام شربتجي والكاتب محمود عبد الكريم ويرأسها كاتب درامي هو إلياس إبراهيم، كذلك ممثلي أهم النقابات والاتحادات والتجمعات المعنية بالإنتاج الدرامي والتلفزيوني، ومن المنتظر من هذا المجلس أن لا يكون فاعلاً فقط في دعم مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي التي استطاعت اليوم أن تكون أكبر منتج درامي في سورية بل أن يكون داعماً حقيقياً للدراما السورية والإنتاج التلفزيوني السوري بشكل عام.

أفلام الشباب التي أنتجتها المؤسسة وحققت حراكاً ثقافياً فنياً في سورية، ما هو مصيرها اليوم؟

نحضر الآن بالتعاون مع الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لمفاجأة سارة للشباب مبدعي هذه الأفلام، وكذلك لجمهور المتفرجين في سورية والمنطقة العربية، ونرجو أن تكتمل هذه المفاجأة وتتحقق، إذ نخطط سويّة لعرض هذه الأفلام خلال فترة عيد الفطر السعيد على شاشات التلفزيون العربي السوري وسيكون هذا العرض تتويجاً حقيقياً لجهود هؤلاء الشباب واعترافاً بأهمية دورهم في تطوير مجتمعنا فنياً وثقافياً وإبداعياً.

علمنا قبل حوالي السنة أنك قطعت علاقتك بمسلسل "الشبيهة" واعتذرت عن إتمام إخراجه، ولكننا اليوم فوجئنا عندما قرأنا اسمك كمخرج العمل على شارة المسلسل، هلّا أعطيتنا بعض التفاصيل عن الموضوع.

اعتذرت عن إتمام العمل لعدم إيماني بأن آليات الإنتاج التي قدمتها الشركة المنتجة ستقودنا لعمل مميز، ولإيماني بأن الدراما السورية يجب أن تتقدم نحو الأمام لا أن نعود في مسار العملية الإنتاجية سنوات إلى الوراء، فاعتذرت عن إتمام العمل حينها، وعندما قررت الشركة المنتجة إتمامه مع مخرج آخر طلبت عدم ذكر أي صلة باسم فراس دهني في شارة العمل لأنني لست مسؤولاً ولا أريد أن أكون مسؤولاً عن أي كادر تلفزيوني يصنعه غيري، فالعمل هو وجهة نظر كاتب يترجمها مخرج حسب مخزونه المعرفي والعلمي والحياتي والإبداعي، وحين يأتي مخرج آخر فهو يترجم من وجهة نظره وقد يحمل مسؤولية الحفاظ على جهد الآخر أو لا يعتبر نفسه مسؤولاً عنه، وحرصاً على عدم الدخول في نقاشات عقيمة مع الشركة أو المخرج التالي انسحبت من العمل متخلياً عن كافة الحقوق المتبقية لي عند الشركة مقابل عدم ذكر اسمي في الشارة بأي شكل كان، وقد أخبرت نقابة الفنانين يومها ولجنة صناعة السينما والتلفزيون عن قراري هذا لكنني فوجئت بأن العمل يعرض الآن بتوقيعي وأنا أقول أنني لست مسؤولاً عن هذا العمل وهو لا يمثلني.

لن نراك كمخرج قريباً؟

عملي في المؤسسة يتطلب تفرغاً تاماً وجهداً كبيراً، وحين يكون المرء في مكان إداري عليه بذل كافة الجهود من أجل إنجاح هذا المكان والتضحية بحلمه الخاص أو الشخصي أو تأجيله من أجل إنجاح الحلم الأكبر، فالمؤسسة كانت حلماً وأصبحت اليوم حقيقة وموجودة بشكل قوي على أرض الواقع وبات لها مكانتها ومصداقيتها ودورها. بالطبع لا يمكن لأحد الاستمرار بموقع إداري إلى الأبد خاصةً إذ كان مبدعاً وربما تشاهدونني قريباً في مكاني الطبيعي خلف الكاميرا فهناك حلمي وطموح حياتي.