2013/05/29

فعاليات شبابية سورية وسياسية عربية تزف «محمد رافع» شهيد فلسطين وسورية
فعاليات شبابية سورية وسياسية عربية تزف «محمد رافع» شهيد فلسطين وسورية


نجوى صليبة – تشرين

وسط غياب نقابته وزملاء مهنته وحضور زملاء النضال


فعاليات شبابية سورية وسياسية عربية تزف «محمد رافع» شهيد فلسطين وسورية


لم يكن حفل تأبين بل كان عرساً وطنياً، غلبت فيه مشاعر النصر والتفاؤل بمستقبل مشرق لسورية المقاومة على حزن الأهل ودموع الأصدقاء وشباب سورية الواعي الذي أبى أن يودع الشهيد محمد رافع إلا بالنشيد العربي السوري والوقوف دقيقة صمت لروحه ولأرواح شهداء سورية أجمعين.

محمد رافع شاب أحب سورية كما أحب فلسطين، وفنان ربط أقواله بأفعاله وهذا مالا تقدر المجموعات الإرهابية على تحمله فكان أن اغتالته بيد باردة وبطريقة بشعة وقذرة..نعم لقد غاب فنانو سورية عن حفل تأبينه وكذا نقابته، لكن شباب سورية ورفاق محمد رافع في النضال كانوا الأقدر على توديعه بكبرياء وقوة وصمود سورية فعلت أصواتهم فوق أصوات الموسيقا وكان النشيد العربي  السوري.

وداعاً محمد

«وداعاً محمد، وداعاً أيتها المدرسة، لقد علمتنا الحب والإخلاص والتعاضد والالتفاف حول الأسرة الواحدة والوطن» بهذه الكلمات بدأ الفنان أحمد رافع وداعه لفلذة كبده ولشهيد سورية - الوطن، وأضاف:« كان غيوراً على وطنه حذراً من أن يقع بأيدي الأشرار، محمد ذو الثلاثين عاماً اختزن في ذاكرته سنوات طوالاً من العزة والكبرياء وفي جغرافية ذهنه سكنت فلسطين، أتيحت له فرصة زيارة غزة المحتلة، فقال عندما عاد وهو يحمل حفنة تراب: «الآن أستطيع الموت» محمد الفنان نشيط مستقل في عمله لم يدخل التمثيل مستغلاً اسم والده، بل اعتمد على نشاطه وذكائه ومحبة أصدقائه الذين لم يشكوا منه يوماً، كان صديق الجميع ومحباً للجميع».

أما رفاق محمد في النضال فكان لهم نصيب من كلمة والد الشهيد رافع إذ قال:« أقول لزملاء محمد في النضال لأجل سورية ابقوا على الخطوة التي رسمها محمد بالتعاون معكم ابقوا محبين لوطنكم، فلا بديل من الوطن مهما كان الثمن، كما ناشد كل المعنيين في سورية بالحفاظ عليها واحترامها، فشعب سورية شعب متماسك لا تفرقه الملمات، بل تجمعه وتقويه أكثر.

الشهيد حي لايموت

حفل التأبين أقيم بمبادرة طيبة من وزارة الإعلام، فكان لها كلمتها التي استهلها خلف المفتاح معاون وزير الإعلام بالرحمة على الشهيد والتحية لأسرته الصغيرة والكبيرة سورية،  ليتابع الحديث بالقول: «الشهيد البطل هو الفنان والإنسان جسد باستشهاده حقيقة أن الفنان الحقيقي هو من يقرن القول بالفعل، لقد كان مبدعاً محباً لوطنه مخلصاً،  كنا نتذكر الخنساء ونضرب بها المثل في العطاء والبذل، لكن ماقدمته سورية وشباب سورية أكبر بكثير».

فلسطين و سورية

قلة من السوريين عرفت أن محمد رافع فلسطيني الأصل، لكنه سوري الهوى والانتماء ، هذا مادفع الياس مراد رئيس اتحاد الصحفيين إلى القول:«  الشهيد محمد رافع شاب وطني أحب سورية كما أحب فلسطين، دافع عن فلسطين في سورية، ودافع عن سورية بانتمائه لفلسطين  نقول: الرحمة للشهيد محمد رافع ولكل شهداء سورية، أعتقد أن أي شعب أو جماعة أو أمة تكرم شهداءها هي أمة تستحق الحياة، الشهداء الإعلاميون والصحفيون والمواطنون المدنيون وأفراد الجيش العربي السوري من جنود وضباط كلهم استشهدوا دفاعاً عن مجتمع سورية وأطفال سورية ووحدة سورية».

هذا ما أكده أيضا الشيخ عبد السلام الحراش منسق ندوة علماء المسلمين في عكا وشمال لبنان حيث قال: «أبيت يامحمد إلا أن تكون الزيتونة الآتية من القدس باستشهادك وصلت إلى القمة مع الأحرار والثوار، في مقدمتهم بطل من أمتي السيد الرئيس بشار الأسد نحن في لبنان نؤكد أننا وشعب سورية شعب واحد في بلدين كما قال الرئيس الخالد حافظ الأسد، نحن مع سورية المقاومة خلف سيادة الرئيس بشار الأسد»، وأضاف: «ليتنا كنا مع نسور سورية نكافح الإرهاب ونفوز فوزاً عظيماً، أنا مع أسرة سورية المتكاملة، كلماتنا اليوم كلمة حق على أرض الشام».

أبناء الحارة


«لأنه الفارس العربي قتلوه ولأنه العاشق للياسمين ولفلسطين اغتالوه لأنه صالح العلي وعز الدين القسام، ولأنه فضل ثقافة الأسود على حظيرة النعاج قتلوه بهذه الطريقة البشعة، لكن ابتسامته كانت أقوى من رصاصاتهم. لقد أدرك محمد أن الطريق إلى فلسطين لايمر إلا من دمشق المقاومة، في هذه اللحظات نعتز بأن فارس الإبداع محمد رافع رفع رأس المبدع والمقاوم وأعطى لفلسطين بعض مما تستحق بدمه..

نقول لمن يتاجر: نحن لسنا أهل تجارة ومقاولة، نحن أهل مقاومة سنبقى أوفياء لسورية الصمود حتى آخر طلقة، دمشق التي احتضنتنا.. نحن أهل النكبة فكانت الصدر الحنون الدافئ، تقاتل  اليوم نيابة عنا جميعاً وتكاد تكون وحدها في هذه المعركة، فقد خانها من شرب ماءها وأكل من زرعها من مثقفين ومفكرين عرب ادعوا من قبل المقاومة والنضال»، كلمات حق قالها  أنور رجا مسؤول الإعلام في الجبهة الشعبية  لتحرير فلسطين - القيادة العامة، ليس هذا فحسب بل نطق بما لم يستطع كثيرون الإشهار به ألا وهو غياب المثقفين والفنانين السوريين والعرب إذ قال :« نحن اليوم في حضرة الإبداع الطالع من الروح والقلب وعمق التاريخ، والسؤال هنا أين أبناء الحارة وأين سيوفهم أولئك الذين تغامزوا وتنابزوا؟!، أقول لهؤلاء: لا نفع في إبداعكم  ما دمتم بعيدين عن الوطن وقت حاجة الوطن  لكم ، لاقيمة لإبداع يبحث عن سوق خليجي ولايعرف أن حاضنة الأجيال ومستقبلهم دمشق المقاومة، نودع محمد وفي قلبنا ألم من هؤلاء الذين اعتلوا المنصات وخشبات المسارح، هؤلاء الذين يجهلون أن الإرهاب لن يستثني أحداً وأن سياسة القادمين على صهوة الربيع والتغيير والحرية لن يتركوهم وشأنهم».

على الدرب

تشهد ساحات دمشق على هتافاته وعلى نضاله كما يشهد رفاق دربه ونضاله في سبيل وحدة سورية ووجودها، رفاقه الذين سبقت دموعهم كلماتهم، فكانت خير تعبير عن مكانة محمد وخصاله الحميدة، رامي كزعور واحد من الشباب السوري الذي أبى الصمت عما يحاك ضد سورية وصديق عزيز للشهيد رافع قال:« كنت أعرفه قبل الأزمة، تعمقت علاقتنا بعد أن جمعتنا ساحات الوطن فكان  دوماً أول الواصلين في كل المسيرات والفعاليات الوطنية، كان يدب التفاؤل في نفوسنا، لذلك عندما كان يتغيب عن فعالية ما كنا نشعر بغيابه مباشرة، فمحمد من الأناس الذين يتركون أثراً كبيراً في النفوس،  لقد كان سورياً حتى العظم، استشهاده لا يضعفنا ولا يخيفنا بل يزيدنا قوة وتصميماً فسورية مهرها غال جداً».

نعم هؤلاء هم شباب سورية لاشيء يثني عزائمهم، يتعالون على مصائبهم ليخففوا من مصائب الغير، هذا ماكان من المخرج سمير حسين الذي وقف اليوم إلى جانب أسرة الشهيد في محنتها وهو الذي فقد في يوم واحد أخويه الاثنين حيث اغتيلا بطريقة وحشية جداً، سمير صديق محمد منذ ثماني سنوات، أعرفه إنساناً وطنياً لدرجة مدهشة، حسين قال كلماته مبللة بدمعه:« محمد صادق لدرجة أن ابتسامته تسبقه دوما، رأيته قبل استشهاده بمدة قصيرة وكان يردد دوما أنه يريد الاستشهاد في الجولان السوري المحتل وأنه فلسطيني لكن سورية أرضه وأمه التي ربته، وأنا أضيف صوتي لصوته: كلنا فداء سورية الحبيبة، نتمنى أن تنتهي سورية من أزمتها بأسرع وقت ممكن، ونتمنى أن يعي الجميع أن المستفيد من كل مايجري في سورية هو وحده العدو الصهيوني».

أعود وأقول: لم يكن حفل تأبين ووداع بل عرساً وطنياً حضره خيرة شباب سورية الذين لم تزدهم دموعهم إلا رجولة وعنفواناً، كلمات كثيرة قيلت في الشهيد لكن يبقى لكلمة صديق الطفولة والشباب أثرها الأكبر، أنس يونس ابن الحارة ذاتها التي  احتضنت طفولة محمد رافع وكانت شاهداً على مراحل تكونه.

أنس رفيق النضال الذي يشغل منصب رئيس مجلس أمناء (بصمة شباب سورية) لم يستطع أن يمنع  دموعه، فاختصر وقال: «الرحمة على أرواح شهداء سورية جميعاً، والرحمة لروح صديق الطفولة والشباب محمد رافع شهيد فلسطين وسورية والشباب السوري والتحية لكل أفراد الجيش العربي السوري ولرئيسنا الغالي بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية ولشباب سورية الواعي الذي يؤمن بثقافة  المقاومة، هذا وطننا ولن نغادره مهما حدث، على أرض سورية دوماً مايستحق الحياة».