2013/05/29

فنانون ولكن
فنانون ولكن


عبد الرحمن سلام – الكفاح العربي

التجربة بدأت بالفنانتين الخليجيتين "وعد" و"أروى"، باعتبارهما أولى الفنانات اللواتي خضن تجربة تقديم البرامج التلفزيونية من بين المغنيات. هذه الظاهرة ضمّت الكثير من الممثلين والممثلات الذين خاضوا تجربة تقديم البرامج. ونتذكر في هذا المجال، النجمة يسرا من مصر، ويوسف الخال وهيام ابو شديد ويوسف حداد من لبنان، ايمن زيدان من سوريا... الخ، ولتبدأ من ثم ساحة تقديم البرامج التلفزيونية تشهد اقبالا نشطا من نجمات اخريات شهيرات، بحيث اطلت السورية اصالة نصري في برنامج بعنوان "صولا"، ومن بعدها النجمة التونسية "لطيفة" في برنامج "يللا نغني"، والاردنية ديانا كرازون في برنامج "دويتو". ماذا أيضاً في هذه الظاهرة التي تجمع بين فن التمثيل أو الغناء وبين فن التقديم؟

أنجح التجارب التلفزيونية للفنانين تتمثل مشاركة عدة نجوم في تقديم برنامج واحد (اغلب هذه البرامج لاكتشاف المواهب)، ومشاركة هؤلاء كانت بصفتهم "اعضاء للجان الحكم"، مثل برنامج "آراب غوت تالنت" الذي شارك في لجنة تحكيمه كل من نجوى كرم وراغب علامة ومعهما ممثل سعودي، ثم برنامج "آراب ايدول" الذي تشارك في تقديمه الاماراتية احلام وبرنامج "نجم الخليج" التي تفردت من لبنان بتقديمه اللبنانية يارا، وحديثا، برنامج "أحلى صوت" (The Voice) ويقدمه الرباعي كاظم الساهر (العراق)، شيرين عبد الوهاب (مصر)، صابر الرباعي (تونس) وعاصي الحلاني (لبنان).

ولكن، برغم الاسماء الكبيرة التي شاركت، او لا تزال حتى اليوم تشارك في تقديم البرامج، تستمر تجربة اللبنانية مايا دياب، كإحدى ابرز التجارب، فهي بدأت كمغنية ضمن فريق "الفوركاتس" اللبناني، ثم انتقلت الى التمثيل التلفزيوني والسينمائي، ومنه، خاضت تجربة تقديم الاعلانات، وصولا الى نجاحها اخيرا في تقديم اكثر من برنامج تلفزيوني: "هيك منغني" على شاشة MTV اللبنانية، و"ديل اور نوديل" على شاشة "النهار" المصرية. ومثل مايا دياب، زميلتها الفنانة نيكول سابا، التي انطلقت بدورها من فريق "الفوركاتس"، الى الشاشة السينمائية في مصر، بعدما اختارها النجم عادل امام لتشاركه بطولة فيلمه "التجربة الدانمركية"، وهي قدمت اخيرا، برنامجا حواريا باسم "التفاحة" على شاشة "دريم"، تستضيف من خلاله ابرز نجوم الغناء والتمثيل، وتحاورهم في الكثير من المواضيع.

ولا ننسى بالتأكيد، اقدام اكثر من ممثل وممثلة، من مصر تحديدا، على خوض خطوة تقديم البرامج، ومن هؤلاء الكوميدي رامز جلال الذي يقدم برنامجا يعتمد على المقالب، وأحمد حلمي يقدم برنامجا ضيوفه من الاطفال، والكوميدية انتصار وبرنامجها الذي يعتمد على الايقاع بالفنان الضيف من خلال تقديمه في مجموعة من الصور الفوتوغرافية المركبة، ثم الكوميدي اشرف عبد الباقي الذي بدأ ببرنامج المفردات الثقافي ويعتمد على طرح مفردة "لفظنة" وعلى ضيوفه الفنانين معرفة الجواب الصحيح عليها، ثم انتقل اخيرا الى برنامج حواري مستحدث يخوض خلاله في اكثر من موضوع ومجال، وصولا الى الفنانة التونسية هند صبري التي افتتحت منذ سنتين برنامجا تستضيف فيه ضيفها، في قاعة مقفرة إلا من اثاث قليل، فيما هي تحاوره من استوديو خارجي، وبحيث لا يشاهدان بعضهما بعضاً.

ان كل ما تقدم، ليس سوى مقدمة، لاثبات التوجه الذي تشهده مساحة البرامج التلفزيونية، من حيث استقطاب نجوم التمثيل والغناء الى تقديم البرامج التلفزيونية، ورضوخ هؤلاء لهذه الدعوة، وليكون السؤال: لماذا اقدام المشاهير من النجوم على الظهور كمقدمي او مقدمات برامج؟ وهل ان المغريات المادية هي السبب، أم انه الخوف من المستقبل الذي  يفرض على هؤلاء الامساك بطرفي العصا، حتى اذا ما سقط "طرف"، استمر "الطرف" الآخر كمصدر عمل و... رزق؟

الفنانة مايا دياب، سبق لها ان اعلنت انها ستستمر في مجال تقديم البرامج الذي حققت فيه نجاحا كبيرا، لكنها شددت على انها ستختار البرامج التي تتلاءم مع شخصيتها وحضورها وامكاناتها الفنية والثقافية، وحيث ستركز في اختياراتها ـ في مجال تقديم البرامج تحديدا ـ على "البرامج التي تشبهها"، بحسب وصفها، هذا الى جانب استمرارها بقبول عروض  التمثيل السينمائي التي قد تعرض عليها، وأيضا، في ادوار تناسبها. أما الغناء، فأكدت مايا دياب بأنه لن يكون "الاساس" في عملها الفني الراهن، وان كانت ستصدر بعض الفيديو كليبات الغنائية لما في مثل هذه الاصدارات الغنائية من ردود ايجابية على عملها في التقديم والتمثيل.

الفنانة اللبنانية الموجودة حاليا في القاهرة حيث فتحت امامها ابواب الاستديوات السينمائية، رولا سعد، نجحت، وهي القادمة ايضا من مجال الغناء، في مجال التقديم، وحيث كان لها حضورها في البرنامج التلفزيوني اللبناني "الحياة حلوة" على شاشة LBC، ثم خاضت تجربة ثانية، من خلال برنامج باسم "رولا شو" الذي تضمن فقرات ترفيهية، واستضاف مواهب  شابة في مجالي الفن والعلوم، إلا أن شاشة "الحياة" المصرية قررت وقف البرنامج على شاشتها بسبب تطورات الاحداث التي تلازمت مع موعد عرض وتصوير البرنامج (25 كانون  الثاني/يناير 2011) واضطرارها الى تخصص ساعات بثها لتغطية مجريات الاحداث السياسية وتطوراتها الامنية.

وفي مقاربتها لتجربتيها في التقديم والتمثيل والغناء اكدت رولا سعد ان التقديم اسهل بكثير من التمثيل ومن الغناء، بشرط ان يتوافر له الاعداد الجيد، وان يكون المقدم ملماً بكل التفاصيل التي لها علاقة بالضيف، في حين ان التمثيل يتطلب من الممثل تقمص الشخصية التي يؤديها وان ينجح في اقناع المشاهدين بها، بينما الغناء، ودائما بحسب رولا سعد، فيعتبر امتحانا مستمرا للفنان الفني، عليه النجاح دائما فيه، وحيث ان المستمعين لا يغفرون الخطأ، ولو جاء بعد اكثر من نجاح؟!

وعن سبب، أو اسباب، خوضها مجال التقديم، وان كانت تعتبره "موضة بين الفنانين عليها اللحاق بها"، اكدت رولا سعد انها كانت اول فنانة تخوض هذه التجربة، ثم لحق بها عدد من الفنانات، مضيفة انها "لا تخطط" عادة كثيرا، وانها غالبا ما تكون مستعدة لقبول او الموافقة على اي مشروع فني جديد، بشرط "ان يناسبني في الشكل والمضمون"، وهذا ما انطبق على تجربتي في برنامجي "الحياة حلوة" و"رولا شو".

الفنانة الشابة مايا نعمة، اتجهت الى تقديم البرامج عن طريق المصادفة، وهي روت، بأن البداية كانت بعدما تم تصوير حلقة من برنامج "جايين نجربكم" على شاشة OTV اللبنانية، في منزلها، وان ديناميكيتها وحركاتها العفوية لفتت فريق البرنامج الفني والتقني، لا سيما وانها كانت ترقص، وتمازح الضيوف طوال الوقت، فكان ان عرض عليها فكرة التقديم، التي سبقها خضوعها لـ"كاستينغ"، فنجحت، ليعهد اليها من ثم تقديم برنامج اكتشاف المواهب الفنية من بين الاطفال. يعني "استوديو الفن... لكن مخصص للأطفال فقط" (بحسب تعبيرها).

وتشرح مايا نعمة: أنا بالاصل مغنية شابة، وقد قبلت العرض من دون مناقشة بعدما وجدت لدى OTV الرغبة بالتعاون، وبعدما وجدت المحطة في شخصيتي، المواصفات التي تريدها: العفوية، والوجه الجديد غير المستهلك، والعمر الذي يتيح لصاحبته التعامل مع الاطفال، وكل ذلك، بمعزل عن عنصر "الخبرة" التي سرعان ما اكتسبتها بالتدريب المكثف.

الفنانة السورية اصالة، كان لها رأي مختلف بعض الشيء في موضوع اقدامها على تقديم البرامج، وان كانت تتفق مع الكثير من النقاط التي اكد عليها من سبقها، فهي اعلنت ان اول الاسباب التي دفعتها لقبول دور "المحاور" في برنامجها "صولا" كانت رغبتها في التحرر من قيود الروتين، وان تكون في موقع "السائل" وليس "المجيب"، وأيضا، لأنها تود الاطلاع على مكنونات زميلات وزملاء لها، لم يسبق ان باحوا بها، اضافة الى انها وجدت في "المشروع" بابا جديدا تطل من خلاله على جمهورها كـ"اعلامية" وليس فقط كـ"مطربة"، وانها سعيدة جدا بالتجربة التي وصفتها بـ"الناجحة" بدليل استمرار البرنامج لأكثر من دورة. وتنهي اصالة نصري بأن المردود المادي مهم من دون شك، لكنه كان في آخر اهتماماتها عندما طرح عليها المشروع، خصوصا وان المخرج والمنتج هو زوجها.

وتبقى هناك الفنانة "لطيفة" التي فاجأت حقيقة جمهور برنامجها الحواري ـ الغنائي "يللا نغني"، ان من حيث سعة اطلاعها على اعمال الكثيرين من الضيوف الفنانين الذين استضافتهم على مدى دورتين متتاليتين، آخرهما انتهت مع بدء دورة شهر رمضان 2012 على شاشة MBC، او من حيث اسلوبها السهل والمبسط، ولكن المبني على العلم الموسيقي، في مناقشة هؤلاء الضيوف، فالعالمون بثقافة "لطيفة" الغنية، لم يستغربوا الامر، لأنهم يعرفون انها خريجة المعهد الموسيقي، ما يعني إلمامها بكل معارف الموسيقى والغناء.

و"لطيفة"، تميزت عن سواها من الفنانات اللواتي خضن تجربة تقديم البرامج. فهي اولا، هيأت لضيوفها ولضيفاتها الاستوديو اللائق كون برنامجها حواريا، كما استعانت بجمهور يضيف على الحلقات "الحماسة الهادئة"، واكتفت، الى حد كبير، بلعب دور "المحاور"، متيحة المجال الكافي للضيوف بالرد، من دون مقاطعة، واقتصرت مداخلاتها إما على الاستفسار، أو على التنويه بالعمل، الذي يقدمه الضيف، وذلك من خلال شرحها المبسط للأعمال الغنائية ـ الموسيقية التي قدمها الضيف الفنان، ولا بأس بالتالي ان هي، وبناء على رغبة ضيفها (او ضيفتها) شاركت بالغناء، وهي المطربة بالاساس.

هل هو الخوف من المجهول الذي يدفع بنجوم الفن والغناء إلى البحث عن استمرارية في البرامج التلفزيونية، حيث الشهرة والمادة تتفوقان على مردود الحفلات والمهرجانات.  لا شك في أنها موضة تلفزيونية تخدم القناة عبر الاستعانة بمشاهير للترويج لبرامجها، وتخدم الفنانين بضمان استمرارية إطلالتهم على جمهور الفضائيات العربية.