2012/07/04

في ظل لعبة الفضائيات المكشوفة: المشاهد يصنع بنفسه مراسليه الميدانيين
في ظل لعبة الفضائيات المكشوفة: المشاهد يصنع بنفسه مراسليه الميدانيين

ماهر منصور - السفير

ربما كانت «الحقيقة» هي أشهر ضحايا الحرب الإعلامية الافتراضية، التي تدار اليوم بين فضائيات الـ (مع) وفضائيات (الضد)، في ما نتابعه من أحداث تجري في عدد من البلدان العربية. فعلى مذبح الأخبار والتحليل، راح يسفك دم الحقيقة ليغيّب كل من الفضائيات المتصارعة شيئاً منها، ويعيد توليفها بعملية مونتاج متقن، قبل أن يدفع بها إلى البث، على أنها «الحقيقة».

وأمام هذا اللعب الإعلامي التي بدأت الفضائيات تمارسه على المكشوف، ربما لم يعد أمام الكثير من المشاهدين، سوى اللجوء إلى شهود عيان من موقع الحدث، وهم لا يشبهون شهود عيان تستعين بهم وسائل الإعلام، ولا تخضع شهادتهم إلى تحريف أو تزييف أو مونتاج. هم شهود عيان من لحم ودم، لا يخلقون في غرف الأخبار السوداء، ولا يولدون من لحظة غضب يصيغون شهادتهم على إيقاعها. كما لا تقف خلفهم السياسة ولا أرقام بنكية ولا مصالح إعلامية... ولا حتى عاطفة تعمي العقل بعد أن أدمت القلب. هكذا كان بوسعنا أن نلتقط كيف وجد الكثيرون، في صفحات الأصدقاء على موقع «فايس بوك»، وفي هواتفهم الخلوية، ما يعوض حيرتهم أمام تناقض ما تورده نشرات الأخبار على الفضائيات. فصار الصديق في موقع الحدث مراسلاً صحافياً لأصدقائه البعيدين عنه، يطمئنون له، ولدقة معلوماته، أو على الأقل لصدقها. وعلى الحائط يكتب الصديق - المراسل ما يراه، ليكون بمثابة خبر عاجل يخترق صفحات أصدقائه. بينما تأتي التعليقات على ما يكتب لتأخذ دور المذيع في غرفة الأخبار، الباحث عن مزيد من الأخبار عبر الاتصال بمراسله في موقع الحدث. ولا يكتفي الأصدقاء في الصفحة بالتعليق لمعرفة المزيد من التفاصيل، هم أيضاً يقومون بالتحليل والتعليق على الأخبار، من دون أن يشكك أحد من المعلقين في ما يرده من شاهده العيان، ذلك لأن شاهده هذه المرة مصدر موثوق، يعرفه، ويعرف أن ما من سياسة إعلامية أو استراتيجيات تصوغ أخباره، وما من مؤامرات تضليلية تقف خلفها.. وليس خلفها أيضاً مبضع «تجميل» الجهات الرسمية.

ربما تشوب معلومات شاهد العيان هذا شيئاً من تهويل اللغة بدافع الخوف.. ربما يعيقه التعبير، لكنه في النهاية يورد حقيقة الحدث الذي يجري على الأرض بعفوية...، حقيقة قد لا تشبه تلك التي يقدمها لنا عدد من الفضائيات.

منذ زمن ليس بعيد، أخذت بعض الفضائيات نفسها تستعين في نشرات أخبارها بمقاطع الفيديو التي يرسلها أناس عاديون من موقع الحدث. والفضائيات نفسها عادت لتضع شهود العيان، موضع مراسليها الصحافيين.. وربما جاء اليوم ليقوم المشاهد نفسه بإزاحة الفضائيات تلك وشهود عيانه، ليستمع لشاهد عيان يخصه وحده ويثق به .. ذلك أن استطاع إليه سبيلاً