2013/05/29

قهوة مع المثنى صبح... «سكر وسط»
قهوة مع المثنى صبح... «سكر وسط»


وسام كنعان – الأخبار

حصد المخرج السوري المثنى صبح نجاحات متلاحقة، وحققت أعماله نسب مشاهدة عالية على أهم الفضائيات العربية حتى في عروضها الثانية مقارنة مع أعمال تركية مدبلجة. ورغم أن مسلسله الأخير «رفة عين» (كتابة وبطولة أمل عرفة) لم يعرض في رمضان الماضي إلا على المحطات السورية، إلا أنّه تمكّن من جذب الجمهور، قبل أن يعود ليحجز مكاناً لنفسه على الشاشات العربية بعد انقضاء الموسم. قناة «الجديد» اللبنانية مثلاً انتهت قبل أيّام من عرض العمل.

ورغم طلبه للعمل خارج سوريا، إلا أن صاحب «جلسات نسائية» (2011) فضّل البقاء في قلب دمشق وإنجاز عملين للموسم المقبل. الأوّل هو «ياسمين عتيق» كتبه رضوان شبلي ويلعب بطولته كل من سلاف فواخرجي، وغسان مسعود، وسليم صبري، وجهاد سعد، وفادي صبيح، وروعة ياسين، وزينة بارافي. يتناول العمل تاريخ دمشق في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الثامن عشر ضمن أجواء شامية يحاول صبح طرحها بطريقة مختلفة عما قدّم سابقاً في الأعمال الشامية. هكذا، أنهى المخرج الفلسطيني ــ السوري تصوير مشاهده وشارف على الانتهاء من عمليات المونتاج. ولأنّ صبح اعتاد استثمار الوقت إلى أقصى الحدود الأقصى، وصل فريقه الفني إلى المراحل النهائية في التحضيرات لإنطلاق التصوير في مسلسله الثاني لهذا العام «سكر وسط». العمل من كتابة مازن طه، ومن إنتاج شركة «سما الفن» ويلعب بطولته النجم السوري عباس النوري الممثل الوحيد الذي أبرم اتفاقاً مع الشركة المنتجة. وبحسب ملخصه، يركّز المسلسل على الغياب الكلي للطبقة الوسطى عن المجتمع السوري، ويرمز إلى القضية من خلال القهوة «سكر وسط» التي لم تعد مطلوبة مع غياب الحلول الوسطى في الحياة، فإما أن تطلبها حلوة أم من دون سكر ليكون طعمها مراً؟! يناقش المسلسل الإجتماعي عبر هذه الرمزية إحدى المشاكل الخانقة التي لفّت خيوطها بإحكام حول عنق المواطن السوري وهي الغلاء الفاحش في أسعار العقارات بالتوازي مع نزوح أعداد كبيرة من العراقيين إلى دمشق سنة 2003 وما تبع ذلك من مضاربات ساهمت في تكريس الأزمة الإقتصادية التي أنتجت بدورها أزمات اجتماعية حادة. أزمات ولّدت غياب الطبقة الوسطى، وازدياد الهوّة بين الطبقات الإجتماعية. طبعاً، يقدم المسلسل طروحاته من خلال حكايات درامية وشخصيات تنتمي إلى طبقات المجتمع الثلاث (الغنية والفقيرة والمتوسطة)، والحالة التي انعكست عليها كتدهور حال بعضها نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يفترض المسلسل أنّها انطلقت من العقارات وصولاً إلى جوانب عديدة، وقادت إلى تفجر الأوضاع بشكل عام.

في حديثه إلى «الأخبار»، أكد صبح إصراره على العمل في سوريا لأنّه ملتزم بفريق كامل لا بد من أن يستمر بالعمل على خط واحد. وعن مسلسله الجديد، قال صبح إنّه «يتناول الفساد الذي انتشر بطريقة ملفتة في سوريا من قبل الدولة ومؤسساتها ورجالها من جهة ومن الشعب الذي ساهم في ازدياد الفساد في أماكن معينة من جهة أخرى. لكنّ تركيز المسلسل ينصب بشكل خاص على جزء يتعلق بقطاع العقارات، إذ «من غير الطبيعي أن يصل سعر البيت في دمشق إلى 50 مليون ليرة سورية، وفي الأرياف إلى سبعة ملايين مثلاً، وكل ذلك ضمن حالة من السمسمرة ورغبة بعض المتنفعين في بقاء الحال على ما هو عليه» على حد قول صبح. لكن لماذا الآن وفي هذا الوقت الصعب يقع الخيار على موضوع يعيد طرح أزمة العقارات في سوريا مفترضاً الرجوع بالزمن سنوات طويلة إلى ما قبل اندلاع الأزمة، وما هي الفائدة من ذلك؟ علماً أنّ آلاف المباني هدمت كما أنّ الحرب هجّرت مئات الآلاف من السوريين.

اعتبر صاحب «على حافة الهاوية» (2007) أنّ «الفكرة الأساسية هي طرح حكاية إجتماعية ضمن شرط إمتاع الجمهور، علماً أنّ أحداث هذه الحكاية تنطلق في دمشق منذ مطلع عام 2004 لكن في عمق القصة معالجة دقيقة وحساسة لتلاشي الطبقة الوسطى، وغيابها كلياً عن نسيج المجتمع السوري نتيجة للارتفاع الهائل في أسعار العقارات». وقال صبح إنّ «هذه الطبقة انسحبت من أحياء العاصمة نحو العشوائيات التي كانت سبباً مباشراً لانفجار الأوضاع في 2011»، لافتاً إلى أنّه «يمكن لأي مراقب أن يلاحظ أنّ شرارة الاحتجاجات كانت في المناطق العشوائية على سبيل المثال». وأوضح المخرج السوري أنّ جزءاً كبيراً من مشاهد المسلسل سيُصوّر في أحياء دمشق.

الحقيقة أنّه يحق لمن بقي في دمشق من صنّاع الدارما الابتعاد عن الأسباب والنتائج المباشرة المتعلقة بالصراع المحموم الذي تعيشه عاصمة الأمويين، خصوصاً أنّ موجة من الجنون تسيطر على طرفي النزاع فتغرق المدينة في بحر من الدماء وتخرج بحصيلة يومية أقلّها عشرات القتلى والجرحى والمفقودين.