2012/07/04

كفاح الخوص: ليس لدي أحلام تلفزيونية
كفاح الخوص: ليس لدي أحلام تلفزيونية


علاء الدين العالم – تشرين


استطاع الفنان «كفاح الخوص» أن يكرس اسمه منذ تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية في عام 2001، كأحد الوجوه الشابة الواعدة، واستطاع أن يكوّن رصيداً فنياً من خلال أعمال مسرحية

منها «الرهان، العميان، شوكولا، تيامو، الايام المخمورة، وطقوس الإشارات والتحولات، ومؤتمر هاملت....»، كما برز اسمه في الدراما التلفزيونية بأعمال أهمها «الزير سالم، وشاء الهوى، صلاح الدين الأيوبي, هولاكو، ربيع قرطبة، صقر قريش، ليس سرابا...» كما ألّف نصوصاً مسرحية منها «حكاية علاء الدين، دونكيشوت ....» وحديثاً دخل عالم الإخراج المسرحي من خلال مسرحية «حكاية بلاد ما فيها موت» التي تعرض هذه الأيام على مسرح القباني..


عن تجربته الفنية، وتجربته الإخراجية الأولى كان لـ«تشرين» الحوار التالي معه:

مسرحية «حكاية بلاد مافيها موت» هي تجربتك الأولى في الإخراج المسرحي، ماهي الأسباب التي دفعتك لدخول عالم الإخراج بعدما كنت ممثلاً فقط؟

دخولي عالم الإخراج المسرحي ليس وليد اللحظة، فأنا منذ زمن أشعر بأنني قادر على أن أنقل ما أفكر فيه إلى الخشبة، لكن ما منعني من القيام بتجربة الإخراج هو شعوري بأني مازلت بحاجة الى التعلم أكثر في هذا الميدان، ولذلك لعبت دور الدراماتورج ودور مساعد مخرج وعملت أيضا في الإضاءة قبل ان ادخل ميدان الإخراج، وعندما شعرت بأني نضجت في عالم الإخراج قررت دخول غمار هذه التجربة، ومنذ دخولي إلى المعهد العالي للفنون المسرحية كنت أشعر بأن طريقة تفكيري أقرب للإخراج منها إلى التمثيل، وكان عندي وما زال مجموعة مشاريع فنية أصبو الى تنفيذها عن طريق الاخراج.


استخدمت السجع والزجل كزخرف لغوي في نص المسرحية، لماذا نحوت نحو الزخرفة اللفظية، وهل تشعر بأن السجع وبقية المحسنات البديعية تساعد في تقريب المعنى المقصود للسامع/ المشاهد؟


منحت كل شخصية من شخصيات «حكاية بلاد ما فيها موت» نوعاً من أنواع الزجل، وأنا بنيت النص على بنية شعرية، فعندما ننظر إلى الإبداعات المسرحية العالمية نجد أن معظمها شعري، فشكسبير كتب «هاملت» شعراً، وأسخيلوس وسوفوكليس كتبا نصوصهما شعراً، ولذلك فأساس المسرح شعر وليس نثراً، إضافة إلى أن الحكاية الشعبية مرتبطة لدينا بالشعر، فهي تعتمد على الشعر والغناء والزجل بكل أنواعه، وهذا كله جعل البنية الحوارية للمسرحية بنية شعرية... أما فيما يخص أن المحسنات البديعية تقرّب المعنى لذهن السامع، فهنا تجب الإشارة إلى أننا كشعب عربي نهوى الغناء والشعر، ومن منا لا يستسهل حفظ الشعر ويجد صعوبة في حفظ النثر؟؟ ويجب الالتفات هنا إلى أن استخدامي للزجل في المسرحية ليس لأبيّن مقدراتي فقط، بل لأننا اشتغلنا في هذه المسرحية على تقنية الحكواتي، والحكواتي عندما كان يتلو السير الشعبية كان يتلوها شعرا، فاستخدامي للشعر في المسرح ليس فعلا جديدا، بل هي تقنية كثيرا ما استخدمت سابقاً وأنا لم أقم سوى بنفض الغبار عنها.

يحمل العرض المسرحي أكثر من مقولة، لكن هناك مقولة أساسية مركزية يقدمها أي عرض مسرحي، ما هي المقولة التي كنت تنوي تقديمها في مسرحية «حكاية بلاد مافيها موت»؟

بعدما استطاعت البشرية أن تصل إلى قمة التطور التكنولوجي، أصبحنا بحاجة إلى بقعة خالية من الطمع والحقد والكذب، بقعة خالية من الحروب والمصالح، وتنعم بالطمأنينة، مقولة مسرحية «بلاد مافيها موت»، هي أننا ضد الحرب بكل أشكالها، فالحرب والعنف يأكلان حضارة كاملة، الحرب هي من تقسم المجتمع إلى عبد وسيد، فقير وغني.

نريد أن نقول في مسرحية «بلاد مافيها موت»: إننا ضد الحرب بكل أشكالها

في عرض «حكاية بلاد مافيها موت» اعتمدت كسر الايهام من خلال أمور عدة منها حديثك للجمهور في بداية العرض، وضع الفرقة الموسيقية على خشبة المسرح...، ما الذي جعلك تعتمد طريقة الاخراج هذه وما هدفك منها؟

بداية أود التكلم عن الفرقة الموسيقية، وأقول: إن وجود الفرقة الموسيقية على خشبة المسرح، ليس بالشيء الجديد، فقديما كان للاوركسترا مكان على الخشبة وهو «حفرة الاوركسترا»، أما فيما يخص كسر الإيهام، فإن الحكواتي يعتمد كسر الإيهام، وأنا قلت في البداية إنني أقدم في العرض حكاية، ولذلك وجب علي كسر الايهام، ناهيك بأنني لا أقدم مشهداً  مسرحياً الأساس فيه الحوار والفعل، بل السرد هو الأساس  في مسرحية «حكاية بلاد مافيها موت»، ولذلك لجأت إلى كسر الإيهام، كسر الايهام الذي كان احد أهدافه ترك مسافة بيني وبين المشاهد لكي يتخيّل ويحلل المسرحية بعقله لا بعاطفته, والهدف الآخر من كسر الإيهام ايضاً هو إقامة حالة تفاعلية بيننا وبين الجمهور، لكن التفاعل في العرض لم يكن مثمراً، وتمنيت أن يتفاعل الجمهور مع العرض بشكل أكبر، فالتفاعل كان إما تفاعلاً خجولاً، وإما تفاعلاً هدفه تخريب العرض وليس التفاعل معه, فلم تكن هناك حالة تفاعل مثمرة في مسرحية «حكاية بلاد مافيها موت».

هناك جرعة واضحة من الكوميديا في عرض «حكاية بلاد مافيها موت»، هل تجد أن الكوميديا تتناسب وتقنية الحكاية التي استخدمتها في العرض؟

عندما درسنا الكوميديا في المعهد عرفنا أن باستطاعتنا كممثلين رسم الضحكة على وجوه المشاهدين من خلال الحركة والكلمة  واللهجة، لكن في عرض «حكاية بلاد مافيها موت» الموقف هو من يقوم بالإضحاك، وللعلم أنا تفاجأت من ضحك الجمهور في بعض المشاهد التي لم نكن نتوقع أنها ستضحك المتفرجين، وأنا لم أتجه في العرض تجاه الكوميديا لكن هكذا شاء الجمهور.

اعتمدت في المسرحية على الرمز من خلال عدة رموز منها «الكرة والشجرة والتراب...»، أيضا اتجهت نحو التورية في الكلام، لماذا اعتمدت على التورية والرمز؟

اعتمدت على الرمز لكي افتح ذهن المشاهد على احتمالات لانهائية، ولا أحصر المشاهد ضمن احتمالات أختارها أنا، أما فيما يخص موضوع التورية في الكلام، فالشعر دائما ما يحمل معنى ظاهرياً ومعنى باطنياً، وأردت أن امرر من خلال التورية أفكاراً لكن بشكل مرمّز وليس بشكل مباشر وصريح.

قدمت في التلفزيون أكثر من عمل منهم «الزير سالم، وشاء الهوى، عن الخوف والعزلة...وغيرها» حدثنا عن تجربتك في التلفزيون؟

أصبحت الدراما السورية في هذه الأيام صناعة ربحية أكثر مما هي حالة فنية، باستثناء بعض التجارب القليلة جداً، وأنا استمتعت بثلاثة أعمال فقط من كل الأعمال الدرامية التلفزيونية التي شاركت فيها، الأول «وشاء الهوى» مع المخرج زهير قنوع، والثاني في «عنترة» مع رامي حنا، والثالث هو مسلسل «الصادق» مع سامي جنادي، الذي سيعرض في رمضان القادم، وألعب فيه دور الوليد بن يزيد... ومادامت الدراما التلفزيونية  صناعة أكثر مما هي حالة فنية، فأنا سأبقى أتعامل معها على أنها مصدر رزق، فليس لدي أحلام تلفزيونية، ناهيك بأنني أشعر بأن بيني وبين آلية العمل في الدراما التلفزيونية السورية هوة كبيرة، فمن غير المعقول مثلا أن يتحول منفذ الملابس إلى مخرج خلال سنتين أو ثلاث، وهناك أشخاص تحولوا من سائقين إلى مديري إنتاج!! والسؤال الملح هنا: كيف تحول هذا إلى مخرج، وما هي المقدرات التي استطاع أن يمتلكها في هذه الفترة الوجيزة؟!! وأظن أن الجمهور اتجه نحو الدراما التركية لأنه بدأ يشعر أن الدراما التلفزيونية السورية محصورة بأنواع محددة وتكاد تفتقد التجديد, فآلية العمل في الدراما التلفزيونية آلية غير صحية وغير أكاديمية وغير علمية، فالمنتج يتدخل بخيارات المخرج والمخرج بدوره لا يستطيع أن يعارضه لأنه ليس مخرجا اكاديميا ويحتاج لفرص جديدة كي يكرس نفسه، هذا كله يجعل من الدراما التلفزيونية السورية حالة ربحية وليس حالة فنية, وأتوقع أن الدراما الخليجية والدراما المصرية ستتفوق هذا العام على الدراما السورية بسبب آلية العمل هذه.

لكل مبدع مشروع يطمح لتحقيقه..كمخرج مسرحي شاب ماهو مشروعك؟

في جعبتي عدد من النصوص التي أسعى إلى إخراجها، وأحارب كي لا تبقى حبيسة الأدراج، وتتسم هذه النصوص بتقنية الحكاية لكن بشكل متطور عما رأيناه في «حكاية بلاد مافيها موت».